وثيقة لها تاريخ: وثيقة تكشف لأول مرة: الطواش جاسم المسباح أعاد بناء مسجد النومان عام 1869م
مازال التاريخ يكشف لنا وثائق جديدة تُثبت الحقائق، وتؤكد المعلومات، وتصحح الأخطاء، وتشرح لنا أحداث الماضي المرتبطة بحياتنا، وما يدور حولها. وما أجمل الوثيقة التي تضع النقاط على الحروف، وتزيل الغموض، وتضيف تفاصيل لا يمكن الشك فيها حول وقائع عاشها الناس، لكنها اندثرت وطواها النسيان مع مرور الأيام والأزمان.
ما دفعني إلى قول ذلك، هو العثور على وثيقة جميلة تتعلق بتاريخ أحد مساجد الكويت القديمة، فقد أهدى إلي الأستاذ مهند عثمان المسباح نسخة من وثيقة رائعة تتعلق بمسجد حنيف النومان، الذي بُني عام 1222هـ الموافق 1807م، وفق ما ذكره الأستاذ عدنان سالم الرومي في كتابه القيِّم «تاريخ مساجد الكويت القديمة».
تتضمن الوثيقة، التي يعود تاريخها إلى عام 1286هـ الموافق عام 1869م، معلومة جديدة لم يتطرَّق لها أحدٌ من المؤرخين والمؤلفين من قبل، سنستعرضها اليوم في مقالنا، لنضيف شيئاً جديداً إلى تاريخ المساجد القديمة في الكويت.
لقد أكدت الوثيقة، التي كانت مفقودة منذ فترة طويلة، وتم العثور عليها أخيراً، أن الطواش جاسم بن محمد بن محمود المسباح، رحمه الله، استشار بعض كبار الشخصيات من فريج «الزهاميل» أو فريج «الدبّوس»، وهو فريج من فرجان حي الوسط يقع جنوباً من فريج الجناعات، في العام الذي أشرنا إليه، طالباً رأيهم في تعمير مسجد النومان، الذي مضى عليه في ذلك الوقت أكثر من ستين عاماً، وبدا بحاجة للاهتمام والصيانة والترميم.
وقد تلقى طلبه هذا الموافقة من تلك الشخصيات، وبناءً عليه قام الطواش جاسم المسباح بإعادة بناء المسجد في العام المشار إليه.
وطبقاً لكتاب الرومي، فإن دائرة الأوقاف أعادت بناء المسجد مرة أخرى في عام 1955م، بعد أن تعرَّض المسجد لأضرار جسيمة، بسبب الأمطار الغزيرة في السنة التي سبقت ذلك.
وقد وردت أسماء أربعة من رجال الفريج الذين شهدوا على إعادة إعمار المسجد، ووافقوا على تولية جاسم المسباح رعاية المسجد وصيانته، وهم: راشد حمود صالح، وعبدالله بن أيوب (مؤذن المسجد)، والسيد أحمد العقيل (إمام المسجد)، وجاسم بن عبدالله الدبوس. وإليكم نص الوثيقة الكامل:
«سبب تحرير هذا الكتاب بيد من تضرع بالمتاب إلى رحمة من إليه البقاء والمنتهى والمآب جاسم بن محمد ابن محمود المسباح وفقه الله للصواب، هو أنه قد أناب وتاب وعمر مسجد ابن النومان ابتغاء مرضات الله الوهاب لنيل الأجر والثواب ورفع المأثم والعقاب لما يحتاجه من بناء وعمارة باب فناظره وراقبه أهل فريج الزهاميل، فاستحسنوا صلاحه وخدامته لبيت الله الواحد الفرد الصمد، فاتفقوا كبار الفريج على أن يبقى هذا الرجل متولياً على بيت الله حسبة لله ورعاية لبيت الله، وعلى هذا وقع الرضى من أهالي فريج الزهاميل ورسم وتوفيق الله ختم وجرى وحرر في شهر رجب سنة 1286 وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وكرم.
عن اقراري أنا/ يا راشد حمود صالح
عن اقراري أنا/ يا عبدالله بن أيوب المؤذن
عن اقراري أنا/ يا سيد أحمد العقيل
عن اقراري أنا/ يا جاسم عبدالله الدبوس».