وجهة نظر: الانتصار على غزة بـ «النووي»
في ذروة الجرائم التي يرتكبها الصهاينة بحق غزة وأهلها لم يكتف وزير التراث الصهيوني بالمجازر التي يرتكبها جيشه الجبان بحق المدنيين العزّل، فاقترح أن يستخدم الجيش الصهيوني السلاح النووي لمحو غزة من الوجود وتحقيق الانتصار القذر الذي يتناسب مع تراثهم الصهيوني.
ولعل من المهم هنا أن نؤكد على ما تتميز به المنظومة السياسية الإسرائيلية من اختيار المخلوق المناسب للمكان المناسب، فكان اختيار هذا الجزار وزيراً مناسباً للتراث الصهيوني الذي لم يعرف خلال تاريخه سوى شتيرن وهاغاناه وأرغون وبقية التشكيلات الإجرامية.
هل يمكن للعالم أن يتصور حرباً بين طرفين يقتل فيها الطرف الأضعف ألفي مقاتل من الطرف الأقوى دون أن يقتل مدنيين ويقتل الطرف الأقوى عشرة آلاف مدني من الطرف الأضعف دون أن يقتل مقاتلين، ومع كل ما يرتكبه الطرف الأقوى من جرائم حرب، ومع حالة العجز والخوف اللتين يعانيهما في مواجهة الطرف الأضعف يفكر باستخدام السلاح النووي.
إن الفلسطينيين يقاتلون فقط والصهاينة يقتلون فقط، والبون شاسع بين ما يقوم به الطرفان، فالقتال سمة الشجعان والقتل ديدن الجبناء، وإلا بربك قل لي ما الشجاعة في رمي أطنان القنابل من علو شاهق على مدرسة أو منازل متجاورة أو مستشفى لقتل الآلاف من النساء والأطفال والمرضى؟ وما القوة التي يفخر صاحبها بمنع الماء والدواء من الدخول إلى غزة؟ إن ما يفعله هذا النظام المجرم هو جرائم حرب بشعة وجد فرصة لتنفيذها بدعم من الأميركيين وإخوانهم لكن مكر الله هو الغالب، وما يجب التوقف عنده أن التاريخ يتم تزويره أمام مرآنا ومسمعنا، حيث يكرر الرأي العام العالمي الأحاديث الوقحة عن اعتداء المجرمين الفلسطينيين بحق المدنيين الإسرائيليين ودفاع دولة إسرائيل الديموقراطية عن المدنية والحضارة.
فتزوير التاريخ بهذا الشكل الذي يردده غالبية النخب حول العالم دليل على أن من يكتب التاريخ الشياطين فقط، وأن معظم ما نقرأه (إن لم يكن كله) مزور ومقلوب الحقائق منذ قصة الحضارة إلى قصة غزة، فيجب ألا نصدق حكايات الحربين العالميتين الأولى والثانية وما قبلهما وما بعدهما مثلاً، لأنها حكايات تشبه ما يحكى اليوم عن أهل غزة المجرمين ومدنية صهيون، وما دامت الشياطين تكتب وأكثر من 99.9 من سكان الأرض عبر التاريخ يقرؤون ما كتبته الشياطين ويصدقونه، فيجب ألا يخاف الإنسان السوي والقويم من المصطلحات الشيطانية التاريخية مثل «معاداة السامية»، إذ يمكننا أن نصرخ بأعلى صوتنا (لا بوكم لا بو ساميتكم).