تكثر التساؤلات حول إذا ما كانت المواجهات العسكرية التي يخوضها «حزب الله» في الجنوب ستنعكس على الاستحقاقات السياسية اللبنانية الداخلية، أو كيف يمكن ان «يقرّش» الحزب عند ذهابه الى حرب شاملة مع اسرائيل في الساحة الداخلية، خصوصاً في ظل معطيات متعددة تبرز لدى الإيرانيين والحزب بعدم الرغبة في توسيع الحرب في ضوء استمرار المفاوضات الإيرانية ــ الأميركية المباشرة.

عملياً، يحفظ «حزب الله» موقعه ودوره من خلال عملياته الميدانية ضد الجيش الإسرائيلي بدون التورط في حرب كبرى، في حين يسعى إلى استثمار كل أوراق القوة التي جمعها داخلياً، خصوصا أن المبعوث الأميركي الرئاسي آموس هوكشتاين أعاد خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان الحديث في مسألة «إظهار» الحدود البرية والبناء على ما تم التوصل إليه سابقاً في ترسيم الحدود البحرية والتنقيب عن النفط.

Ad

استحقاقان أساسيان لا بد من مراقبة مسارهما في الفترة المقبلة، الاستحقاق الأول والداهم هو التمديد لقائد الجيش جوزيف عون، والآخر استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

فيما يخص النقطة الاولى، يظهر الحزب ليونة تجاه التمديد لعون، وتفيد المعلومات بأنه أعطى بالفعل موافقته بانتظار «صيغة قانونية» ملائمة من الحكومة أو من المجلس النيابي لإقرار التمديد، لتجنب سيناريو المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم الذي فشل التمديد له بحجة عدم توفر صيغة قانونية ملائمة.

موافقة الحزب على التمديد لعون ليس بالضرورة مؤشراً على دعمه خيار قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، لا بل إن المعلومات في هذا السياق تشير إلى أن الحزب سيتمسك أكثر بخيار ايصال سليمان فرنجية للرئاسة، على ان يكون ذلك «الثمن الأساسي» الذي يريده الحزب مقابل عدم فتحه جبهة لبنان بالكامل.

وهكذا سيكرس الحزب نفسه مجددا لاعباً مقرراً في الاستحقاقات البارزة، خصوصاً في إيصال رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة.

هذا لا يمكن أن يحصل بدون توفر تقاطعات مع الأميركيين، ومؤشراتها تبرز انطلاقاً من القنوات الخلفية العاملة على التواصل بين الجانبين.

ما نجح «حزب الله» في «وضعه بجيبته» مسبقاً، هو أن تمسكه بسلاحه ودوره في «المقاومة» لم يمنعا تواصل واشنطن معه بل على العكس، فقد تلقى رسائل أميركية تسعى إلى التهدئة وتقترح عليه إعادة طرح ملف ترسيم الحدود البرية واستئناف عمليات التنقيب عن النفط والغاز.

وفي حال سارت الرياح كما تشتهي سفينة الحزب فسيكون لكل ذلك انعكاس سياسي داخلي لمصلحته وهو قد بدأ في مراكمته سلفاً، أولاً من خلال تماهي موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري مع موقفه سياسياً وعسكرياً وصولاً إلى «الشراكة في الدم» على الحدود الجنوبية.

وثانياً، من خلال موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي قال بوضوح إن قرار السلم والحرب في يد «حزب الله» وأن الحزب يتعاطى بواقعية وعقلانية ووطنية في إدارة عملياته العسكرية، أما ثالثاً فستكون في تكريس الحزب «الشرعية الثالثة» التي ستنالها عملياته في الجنوب من قبل المؤسسة العسكرية وقائد الجيش على حساب «التمديد» وما يليه.