كشفت مصادر مسؤولة لـ «الجريدة» أن العديد من الشركات التي تم شطبها من السوق لديها حجم تعديات وتجاوزات ضخمة وكبيرة، إذ إن بعضها يخفي العديد من الوثائق والمستندات التي تطلبها الجهات الرقابية في بعض الأحيان، وبات المساهمون هم مَنْ يخوضون معارك قانونية لإلزام الشركات التي فيها تعديات بأن تسلِّم الوثائق المطلوبة للجهات الرقابية.
في هذا الصدد، تنشر «الجريدة» تفاصيل حُكم قضائي صدر أخيراً من «الدائرة التجارية مدني كلي أسواق مال» يُلزم شركة خدمية مشطوبة وتابعة لشركة مُدرجة في البورصة بتسليم الجهات الرقابية، ممثلة بهيئة أسواق المال، العقود التي طلبتها، والخاصة بأحد عقارات الشركة.
وجاء في الحُكم، أن الشركة ممتنعة، بغير وجه حق، عن تسليم هيئة الأسواق العقود، وذلك الامتناع ترتّب عليه إصدار الهيئة قراراً بإلغاء إدراجها من البورصة، حيث إن أي شركة مدرجة عليها الامتثال جبراً لكل أوامر وطلبات الجهات الرقابية.
وأفاد الحُكم بأن امتناع الشركة عن الامتثال للتعليمات الرقابية أضر بها وبالمساهمين، وهو خطأ إداري جسيم.
جدير بالذكر، أن المساهم المدعي على الشركة طلب تعويضاً، على اعتبار أن ممارسات الشركة هي التي أدت إلى الشطب، وأنها - ممثلة بمجلس إدارتها - المسؤولة عن الإدارة، والالتزام بالتعليمات، وبالتالي الضرر تحقق بسبب ممارسات الجهاز الإداري للشركة، والمسؤول الأول مجلس الإدارة.
وفي ضوء ثبوت الضرر من الشركة، بسبب وجود خطأ وثبوت العلاقة السببية بين الخطأ والضرر، يتعيَّن على الشركة تعويض المتضرر، وفقاً لنص المادة 227/1 من القانون المدني على كل مَنْ أحدث بفعله الخاطئ ضرراً بغيره يلتزم بتعويضه.
ومن المرتقب أن يفتح ذلك الحُكم الباب أمام آلاف المساهمين المتضررين من ممارسات مجالس الإدارات الذين قادوا شركاتهم للشطب، بفعل ممارسات ضارة، أو تعدٍّ على الأصول، أو ارتكاب مخالفات ضارة بحقوق المساهمين.
ووفقاً للثابت، فإن الأخطاء التي ارتُكبت في الشركات المشطوبة من الأخطاء الموجبة للمسؤولية التقصيرية، وهو الانحراف عن السلوك العادي المألوف، وما يقتضيه من يقظة وتبصُّر، حتى لا يضر الغير.
وفي ضوء الثبوت للمحكمة بأن الشركة ارتكبت مخالفات تمثلت في الإضرار بالمساهمين وعدم الانصياع لتعليمات الجهات الرقابية بتسليم عقود أرض مملوكة لها وعدم تقديمها ما يفيد القيام بالتقييم للعقار محل المشكلة، حكمت المحكمة بإلزام الشركة بأن تقدم لهيئة الأسواق العقود والتقييم للعقار الاستثماري، وإلزامها بالمصروفات.
لكن التساؤلات التي تطرح نفسها، هي: لماذا تستمر الشركات في التعدي على أموال وحقوق المساهمين دون رادع، وتتعدد حالات التعدي، بالاستيلاء على أصول عقارية، وتسجيلها بأسماء أفراد، وتهريب الأصول، والإضرار بسمعة السوق، وإرهاب المستثمرين الأفراد؟
وهل لدى كل المساهمين الأفراد القدرة المالية على مجابهة الشركات في المحاكم وتحمُّل أعباء ومصرفات الحصول على الحقوق، علماً بأن في السوق شريحة كبيرة من صغار المستثمرين الذين يستثمرون مبالغ ضئيلة جداً، وكامل قيمة الأسهم قد لا تكفي لأتعاب المحاماة؟
وفي هذا الصدد، قالت المصادر، إنه يتوجب أن تكون التعويضات القضائية التي يتم إقرارها للمساهمين المتضررين والأحكام الصادرة ضد الشركات المخالفة رادعة، حتى تكون عِبرة، خصوصاً أن الإجراءات الرادعة تحمي الحقوق وتقلص هامش الأخطاء.
في سياق متصل، أفادت مصادر بأن هناك مئات الأحكام التي تنتظر عشرات الشركات المشطوبة، بعضها بطلب تعويض، خصوصاً أن كل الشركات التي تم شطبها كانت مُدانة بخطأ جسيم تم ارتكابه، وموثق بتحفظ من مراقبي الحسابات، مع العلم بأن الشركات حصلت على مُهل قانونية كافية لتعديل تلك الأخطاء، ولم تستفد منها، ما يعني أنها راغبة في الوصول للشطب والابتعاد عن القوانين والتعليمات الملزمة لها.