تتواصل الضغوط الدولية والدبلوماسية على لبنان لمنع حصول تصعيد أكبر على الجبهة الجنوبية. رسائل كثيرة توجه إلى حزب الله لضرورة وقف عملياته العسكرية أو بالحد الأدنى إبقائها عند مستوى منخفض ضمن قواعد الاشتباك، وعدم توسيع إطار الجبهات كي لا تتطور الأمور إلى معركة عسكرية واسعة.

في المقابل، تؤكد مصادر متابعة أن حزب الله يردّ على هذه الرسائل سياسياً وميدانياً.

Ad

سياسياً يطلق حزب الله مواقف واضحة يبلغها للوسطاء الدوليين بضرورة أن تضغط واشنطن على إسرائيل لوقف الحرب والعمليات العسكرية في قطاع غزة، والذهاب إلى وقف إطلاق نار ومفاوضات سياسية.

وبحسب المعلومات، فإن الحزب يُضمّن هذه الرسائل، تهديدات بأنه لا يمكن أن يضمن أن تقف عملياته العسكرية عند المستوى الحالي، في حال استمرت إسرائيل بحربها ضد غزة، وبأنه لن يسمح بكسر حركة حماس عسكرياً.

وفق هذه المعطيات فإن الحزب يبقي خيار التصعيد جاهزاً لديه، وقد حدد بنك أهداف جديد بخلاف المواقع العسكرية الإسرائيلية التي يستهدفها منذ 8 أكتوبر مقابل الحدود اللبنانية، لاستهدافها في «التوقيت المناسب» وإذا دعت الحاجة.

أما الرسائل التي يوجهها الحزب ميدانياً، فهي تتطابق مع ما يطلقه في السياسة، من خلال عملياته العسكرية المستمرة ضد مواقع الإسرائيليين، والتي تتصاعد أو تتضاءل وفق ما تقتضيه المصلحة. ولذلك كان لافتاً شن الحزب عمليات مكثفة يوم الجمعة باتجاه المواقع الإسرائيلية تزامناً مع زيارة قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي إلى اسرائيل للبحث في كيفية منع انتقال الحرب الى «جبهة لبنان». والرسالة الأساسية التي أراد الحزب إيصالها مباشرة للأميركيين هي أن وجودهم ودعمهم لإسرائيل لا يردعه عن الاستمرار في عملياته، وهو يعلم أن إدارة الرئيس جو بايدن لا تريد توسيع نطاق الصراع في لبنان.

وقال رئيس المكتب التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين خلال احتفال تأبيني في جنوب لبنان أمس «طالما هناك حرب على غزة وتهديد لأهلها (...) فإن كل قوى المقاومة الشريفة في منطقتنا سوف تبقى تضغط على الإسرائيلي بأية وسيلة ممكنة». وأضاف: «هذا لن يتوقف، ولا مجال اليوم للتحدّث عن إيقاف جبهة دون جبهة».

ويحاول الحزب فرض إيقاعه العسكري في الجنوب وإحراج تل أبيب، وفي تقديره أن الإسرائيليين غير قادرين على التصعيد، ويجدون أنفسهم محاصرين في عمليات إجلاء المستوطنات الشمالية وعدم رغبة سكانها بالعودة طالما الحزب قادر ولو نظرياً على تنفيذ عملية شبيهة بعملية 7 أكتوبر.

هذا الأمر قابل لأن يقود إلى مسارين، الأول تفاعل الاتصالات الدولية للوصول إلى اتفاق على وقف إطلاق النار ومنع استمرار الجبهة مع لبنان، والذهاب إلى اتفاق سياسي دولي كبير يعيد إحياء عمل القرار 1701 وتطبيقه سياسياً، والثاني فهو احتمال يبقى ضئيلاً في أن يفتعل الإسرائيليون معركة كبرى مع لبنان واستهداف مواقع استراتيجية للحزب في العمق اللبناني وبعدها الذهاب إلى مفاوضات لتجديد العمل بالقرار 1701 أو توسيعه بطريقة تقنع سكان الشمال بالعودة. وينص القرار الذي أوقف حرب 2006 على ضرورة أن ينتقل مقاتلو حزب الله ومعداته العسكرية إلى شمال نهر الليطاني.

وأمس استهدفت غارة إسرائيلية مصنعاً في جنوب لبنان يقع على بعد حوالى 15 كيلومتراً من الحدود بين الجانبين. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، أن الضربة هي الأولى لمنطقة النبطية منذ حرب 2006، مضيفة أنها استهدفت مصنعاً للألمنيوم. وبحسب المعلومات فإن هذه الضربة تأتي رداً على اسقاط الحزب مسيرة إسرائيلية من طراز «هيرميس 450»، بواسطة صاروخ أرض جو، حسب ما أعلن الحزب.