في أوج الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مارس الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي ضغوطاً جديدة على الدول الإسلامية لقطع كل أشكال العلاقات مع إسرائيل، في وقت تمت إزاحة الستار، أمس، عن الصاروخ الفرط صوتي الجديد «فتاح 2» وهو النسخة الثانية من الصاروخ ذاته الذي أزيح الستار عنه قبل أشهر، فيما قامت قوات جماعة الحوثي باحتجاز وخطف سفينة نقل إسرائيلية على متنها طاقم مكون من 22 شخصاً.

وخلال تفقد خامنئي لمعرض أحدث إنجازات القوات الجوفضائية للحرس الثوري في جامعة عاشوراء، ظهرت مسيّرة غزة الاستراتيجية بعيدة المدى التي تنتمي لعائلة مسيرات «شاهد»، وتتمتع بمدى تشغيلي يصل إلى 2000 كيلومتر، وقدرة على التحليق على ارتفاع يزيد على 10 آلاف متر، بسرعة 350 كيلومتراً في الساعة، وحمل 13 قنبلة في المهمات العملياتية، و500 كيلوغرام من المعدات.

Ad

وقال خامنئي إن «على الدول الإسلامية قطع العلاقات السياسية مع الكيان الصهيوني لفترة محدودة من الزمن على الأقل»، وأكد ضرورة قطع الشريان الحيوي لإسرائيل ومنع إمدادها بالطاقة والبضائع.

وشدد على أن «هزيمة الصهاينة في غزة هي حقيقة»، مضيفاً: «إننا على يقين بالوعد الإلهي ويحدونا الأمل بالمستقبل وسنقوم بما يجب علينا».

وإذ اعتبر خامنئي أن عدم إدانة بعض الحكومات الإسلامية الجرائم في غزة أمر غير مقبول، اتهم قادة أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا بدعم «التمييز العنصري للكيان الصهيوني»، مؤكداً أن «فشل يعني فشل أميركا والدول الغربية أيضاً».

وأضاف: «الصهاينة يعتبرون أنفسهم عرقاً متفوقاً ويعتبرون بقية الأعراق البشرية جنساً أدنى، ولهذا السبب يقتلون آلاف الأطفال دون أي عذاب ضمير».

وأكد خامنئي أنّ اسرائيل على الرغم من قصفها المستمر لغزة لأكثر من 40 يوماً فشلت في تحقيق هدفها الذي أعلنته مسبقاً، وهو «القضاء على حماس والمقاومة وإخضاعهم».

تحرّك حوثي

وفي تطور ميداني لافت، أفادت مصادر بأن القوات التابعة لجماعة أنصار الله الحوثية باليمن اختطفت سفينة النقل الإسرائيلية «غالاكسي ليدر» أثناء إبحارها قرب سواحل الخليج، موضحة أن على متنها طاقما مكونا من 22 شخصاً. وكان المتحدث الرسمي باسم القوات الحوثية، العميد يحيى سريع، قال في بيان، إن «القوات المسلحة اليمنية تعلن أنها ستقوم باستهداف جميع أنواع السفن التي تحمل علم إسرائيل، والتي تقوم بتشغيلها شركات إسرائيلية والسفن التي تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية نجدة لأهلنا المظلومين في غزة».

وقال المتحدث العربي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن «حادث اختطاف سفينة النقل من قبل الحوثيين، بالقرب من اليمن في البحر الأحمر، يعتبر حادثا خطيرا على المستوى العالمي. السفينة ليست إسرائيلية، فالحديث عن سفينة انطلقت من تركيا في طريقها إلى الهند، وعلى متنها طاقم دولي دون أي إسرائيلي».

في المقابل، نقل الصحافي باراك رافيد، العامل في موقع اكسيوس الأميركي ووالاه العبري، عن مصادر إسرائيلية تأكيدها استيلاء الحوثيين على سفينة مملوكة جزئيا لإسرائيل في البحر الأحمر.

العراق وسورية

إلى ذلك، أعلن تحالف «المقاومة الإسلامية في العراق​«، الذي يضم فصائل شيعية مسلحة موالية لإيران في بيان، أنّه استهدف مجدداً «قاعدة حرير» ​في إقليم كردستان العراق «بطائرة مسيّرة، أصابت هدفها بشكل مباشر».

وكان التحالف نفسه أعلن، مساء أمس الأول، استهداف قاعدة التنف الأميركية على مثلث الحدود بين سورية والعراق والأردن، بطائرة مسيّرة.

تحذير إيراني

إلى ذلك، هدّد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بالرد بقوة على أي استهداف للقوات الإيرانية في سورية، مؤكداً أن قضية غزة تعود إلى الفصائل الفلسطينية، وهم الطرف الرئيسي في أي مفاوضات مع واشنطن وليس إيران.

وقال عبداللهيان، لصحيفة فايننشال تايمز أمس الأول، «حزب الله حركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، وله هوية لبنانية مستقلة، ولا يتلقى أوامر من إيران»، مضيفاً أن «جماعات المقاومة تضبط الضغط بذكاء على إسرائيل».

لبنان

إلى ذلك، استمرت المناوشات على الحدود في جنوب لبنان بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. وأفيد عن قصف إسرائيلي هو الأعنف بالقنابل الفوسفورية على بلدة كفركلا، وتوقف خدمات الهاتف الجوال في بعض المناطق جراء القصف الإسرائيلي، فيما أعلن حزب الله شن عدة هجمات على مواقع عسكرية إسرائيلية وتحقيق إصابات مؤكدة. وأكدت تقارير صحافية مقتل جنديين إسرائيليين على الأقل.

في غضون ذلك، قال المبعوث الأميركي الرئاسي لشؤون الطاقة آموس هوكتشاين، رداً على سؤال في «حوار المنامة» حول الزيارة التي أجراها إلى لبنان قبل أيام، واحتمال تصعيد إسرائيل للجبهة في الجنوب لتوريط أميركا، إنه « لا يمكن تحميل تصعيد النزاع إلى جبهة أخرى، وواشنطن لن تنجر إلى حرب في أي مكان بالمنطقة».

وأشار إلى أن مفاوضاته في لبنان جرت بموازاة مفاوضات مماثلة في إسرائيل لضمان ألا تمتد الحرب من غزة إلى لبنان.

وعن الأوضاع الميدانية الحالية، وصف هوكشتاين بأنه عنف مضبوط وقابل للاحتواء، ويجب أن يبقى كذلك.

خيارات «البنتاغون»

في الأثناء، أفادت صحيفة واشنطن بوست بأن «الانقسام يتزايد داخل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بسبب تصاعد هجمات الميليشيات التي تدعمها إيران على المواقع العسكرية الأميركية».

وأثار تصاعد الهجمات على القوّات الأميركية غضب البعض داخل وزارة الدفاع، إذ اعترف المسؤولون، المحبطون مما يعتبرونه استراتيجية غير متماسكة لمواجهة وكلاء إيران، بأن «الضربات الجوية الانتقامية المحدودة التي وافق عليها الرئيس جو بايدن فشلت في وقف العنف».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول قوله: «لا يوجد تعريف واضح لما نحاول ردعه»، متسائلاً: «هل نحاول ردع الهجمات الإيرانية المستقبلية مثل هذه؟ من الواضح أن هذا (الأمر) لا ينجح».

وبالتزامن مع الغارات الجوية، حث مسؤولو الإدارة طهران مراراً الشهر الماضي على كبح جماح ميليشياتها، محذّرين من أن الولايات المتحدة لديها «الحق» في الرد «في الوقت الذي نختاره». لكن تلك التحذيرات ذهبت أدراج الرياح، وفق الصحيفة.

وقال مسؤول كبير، إن «البنتاغون» قدّمت خيارات إضافية لبايدن تتجاوز الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن، مؤكداً أن هناك شكوكاً متزايدة داخل وزارة الدفاع بشأن النهج الحالي.

وسعى مسؤولو «البنتاغون» إلى التقليل من أهمية الهجمات في العراق وسورية، ووصفوها بأنّها غير دقيقة ولا تسبّب أضراراً تذكر للبنية التحتية الأميركية. وأشاروا إلى أن جميع الجنود الذين أصيبوا عادوا إلى الخدمة وصنّفوا إصابات الدماغ المبلّغ عنها وغيرها من الأعراض الجانبية، بأنها «طفيفة».

وأضافت الولايات المتحدة المزيد من أنظمة الدفاع الجوي إلى المنطقة، والتي أسقطت العديد من الطائرات من دون طيار، وفقاً لبيانات «البنتاغون». لكن مع استمرار ارتفاع عدد الهجمات، تزايد أيضاً القلق من أنّها مسألة وقت قبل أن تودي بحياة أفراد من القوّات الأميركية.

في السياق، قال العضو في لجنة القوّات المسلّحة بمجلس الشيوخ كيفين كريمر: «لا أشعر بأي ردع. يواصلون إطلاق النار، في انتظار الرد. نحن لا نفعل ذلك، وفي النهاية، ستقتل إحدى تلك الطائرات بدون طيار، أو أحد تلك الصواريخ أميركياً. وبعد ذلك سننطلق إلى السباقات».

وأضاف: «لا أقترح أن نبدأ حرباً شاملة مع طهران. لكنّني أعتقد أن موقفنا يجب أن يكون أكثر عدوانية قليلاً من مجرد الدفاع الصارم، لأننا في يوم من الأيام، سنخطئ إحدى تلك الطائرات من دون طيار».

وفي حين ذكر مسؤول أميركي أن الجيش يواصل تحسين خيارات الرد، اعترف قيادي عسكري بأن البنتاغون لا ترى سوى القليل من البدائل الجيدة للتدابير المتخذة حتى الآن، والتي تشمل، بالإضافة إلى الضربات الجوية الانتقامية المحدودة وتعزيز أسلحة الدفاع الجوي، نشر حاملتي طائرات بالقرب من إسرائيل وإيران. فشن ضربات في العراق، على سبيل المثال، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشاعر المعادية للولايات المتحدة هناك، حيث تنتشر القوات الأميركية بناء على دعوة من الحكومة في بغداد. والضربات المباشرة على إيران ستكون بمنزلة تصعيد هائل.