الولدنة الإدارية
لا يختلف اثنان على أن الشباب هم قادة المستقبل وعلى أهمية دورهم في عملية البناء والتغيير والتنمية المستدامة، لكن الملاحظ أن هناك من يحاول أن يجعل من شباب الحاضر حطباً لعملية التغيير وحرق مستقبل هؤلاء الشباب الطموحين الذين يستعجلون فرص الترقي وجني النتائج!!
فالسياسات التعليمية والاقتصادية والإدارية والتنظيمية والممارسات الصبيانية التي تتبعها بعض الجهات الحكومية الرسمية وبعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والقرارات التي يتخذها بعض الوزراء وبعض القيادات الإدارية في تعيين بعض الشباب، وخصوصا في وظيفة مستشار تسهم في تشتت الشباب وتزيد الضبابية بدلاً من إنارة الطريق لمستقبل أفضل لمواردها البشرية الشابة بسبب انتهاج بعض الأساليب والطرق الممنهجة والمخطط لها لتحطيم أحلام الشباب المبدعين والحد من اندفاعهم المتميز لشق طريقهم في عالم الحداثة والتغيير والتطوير!!
فالمشاريع الصغيرة والمتوسطة المبدعة والمخصصة لإبراز دور الشباب المبادرين توضع أمامها العراقيل والعقبات الإدارية والقانونية والمالية والتنظيمية وفِي الوقت نفسه يتم دعم بعض المشاريع الشبابية المؤقتة والهابطة بشكل مباشر أو غير مباشر، والتي تهدر وقت الشباب وجهدهم بغير مردود مالي أو علمي أو تنموي!! سواءً كان ذلك من خلال وسائل الإعلام الحكومية الرسمية أو من خلال وسائل إعلام القطاع الخاص بصورة تدل على سوء الإدارة وقصر البصر وضياع الحكمة والبصيرة في توجيه الشباب للاستثمار في المشاريع الاستراتيجية والمنتجة.
وتعدّ التعيينات الباراشوتية من الأساليب المحبطة لشباب الحاضر وتقضي على آمال الشباب وطموحاتهم لتنمية بشرية مستقبلية تقوم على الحداثة واقتصاد المعرفة في عصر التحول الرقمي Digital Transformation.
ومن أساليب الولدنة والخباثة الإدارية والصبيانية التنظيمية لبعض السياسات الإدارية هي ادعاء إعطاء دور أكبر للشباب في إدارة عملية التنمية الإدارية والبشرية من خلال إسناد بعض المهام لبعض الشباب قبل تأهيلهم التأهيل العلمي والفني والعملي اللازم والمناسب لهذه الوظائف الإدارية والفنية تحت أكذوبة ضخ الدماء الجديدة والروح الشبابية!! وهو في واقع الأمر ترقية لهذا الشاب والشابة إلى مستوى الفشل Raise him to the level of failure!!
فلا يملك معظم الشباب الذين تمت ترقيتهم في الآونة الأخيرة تحت هذه الظروف الخبرة ولا التأهيل الكافي للقيام بمتطلبات الوظيفة الجديدة، ويضطر غالبيتهم إلى الاستعانة والاعتماد على بعض الفاسدين من حولهم من استشاريين قانونيين وإداريين وفنيين حتى يمكن تغطية أخطائهم وسد النقص العلمي والمعرفي والخبرة العملية لمواجهة مشاكل العمل اليومية وكيفية التعامل مع متطلبات ومسؤوليات الوظيفة الجديدة والتحديات المستقبلية!!
في ظل هذه الظروف يخرج لنا بعض المستفيدين من هذه الأوضاع الإدارية والتنظيمية المزرية، ويدعي أمام وسائل الإعلام المختلفة أن الدولة تولي الشباب جل اهتمامها، وتهيئ لهم فرص الترقي والنجاح!!
إنها الولدنة الإدارية والجهل الإداري والتنظيمي والصبيانية القانونية والمراهقة التنموية التي يتنهجها بعض راسمي السياسات الإدارية والتنظيمية وواضعي الخطط الاقتصادية والتنموية في دولة الكويت!!
فمتى نصحو من الادعاء الكاذب ونعطي الشباب المبدعين والمتميزين لا الأقرباء والأصحاب والأصدقاء دورًا حقيقياً أكبر في المشاركة في بناء المستقبل؟! ومتى نوقف الولدنة الإدارية والجهل التنظيمي والتنموي والمراهقة السياسية في إعداد وتنمية الشباب لقيادة المستقبل؟!
نحن في أشد الحاجة لإيجاد مراكز علمية وتقنية حديثة تتناسب مع التطور التقني والجيل الرقمي Digital generation والذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence والمدن الذكية Smart cities والبيوت الذكية Smart Home والسيارات الذكية Smart Cars وبشكل عام التعامل مع التكنولوجيا والتطورات الذكية Smart Technologies.
نحن في أشد الحاجة لقادة تغيير مبدعين، Change Agents leader and Pioneers وليس لإدارة التغيير Change Management فقط، فكفانا الدلع والولدنة الإدارية واستغلال عملية التغيير في تعيين الأصدقاء والمعارف لتحقيق مصالح شخصية آنية على حساب شباب المستقبل والتنمية المستدامة، فنحن في أشد الحاجة لتطبيق الحوكمة في الوزارات والهيئات والمؤسسات والإدارات والأجهزة الحكومية!! ودمتم سالمين.