3 خبراء عسكريين تميزوا في حرب غزة
في الحروب يتلهّف عامة الناس وأنا واحد منهم إلى معرفة ماذا يحدث عسكرياً على الأرض، وما الرؤية الاستراتيجية التي تتلازم مع سير المعارك؟
عام 2003 كانت الفضائيات تنقل إلينا صور المعارك الحية الدائرة في بغداد وفي محيطها، بحيث عشنا أجواء المعركة ساعة بساعة، وقبلها أيام الدخول الأميركي إلى أفغانستان وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 كانت «الجزيرة» تلعلع بأصوات مراسليها الذين برزوا في النقل والمتابعة اليومية، واشتهرت يومها، جملة لأحد المراسلين، هل تسمعني يا حامد؟
في حرب 7 أكتوبر 2023 غصت الساحة العربية بعدد من المحللين العسكريين والاستراتيجيين، إلى جانب البث الحي والمباشر من ساحة الحرب، وبات بمقدور المشاهد أن يعي ماذا يحدث وتبعيات المواجهات الميدانية.
في خضم هذه الحرب ظهرت أسماء أثارت الجدل وأخرى كان لها نصيب كبير في المصداقية والإحاطة بالحدث والقدرة على رسم الخرائط والسيناريوهات والشرح اللازم.
لست في موقع من هو الأفضل من ناحية التحليل الاستراتيجي، وما إذا كان هذا الخبير العسكري الاستراتيجي يستحق أن يحمل هذا اللقب، وآخرون ينطبق عليهم القول «ليتهم لم يقفوا أمام الكاميرا» لأن بعضهم وصل إلى حد الجنون العسكري بالتحليل.
توقفت أمام ثلاثة أسماء نظراً لثقافتهم العسكرية وخبرتهم وواقعيتهم في التحليل والاستنتاج، أولهم العميد اللبناني المتقاعد إلياس حنا الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية، والذي يمتلك مخزوناً من المعلومات والخبرات وهو متابع جيد ومثقف من الدرجة الأولى بقراءاته المتواصلة وأبحاثة القيمة وإطلالاته التي تجعلك متسمراً أمام الشاشة إلى آخر دقيقة.
الشخصية الثانية هي اللواء الأردني فايز الدويري، الذي رافقناه منذ الأسبوع الأول من الحرب في غزة على شاشة الجزيرة، فقد أظهر مهارات في القراءات العسكرية والاستراتيجية والقدرة على قراءة المشهد العسكري المتغير يومياً، سطع نجم هذا اللواء في تحليلاته وكان بالفعل من أبرز وأنجح المحللين العسكريين على الشاشات العربية.
هذا الرجل والمنسوب إليه جملة أغاضت الإسرائيليين في مناظرة مفتوحة مع إيدي كوهين عندما قال «إن غطاء المجرور في فلسطين مكتوب عليه عام 1936، أي أنه أكبر من عمر إسرائيل بـ12 سنة»، وهذا بعكس «الخبير» الذي استضافته قناة العربية ولم يفرق بين كتائب القسام وحركة «داعش» الإرهابية، بل نال الثناء من الإعلام الإسرائيلي على ثقافتة العسكرية الهزيلة!
الشخصية الثالثة، العميد اللبناني المتقاعد هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأسط للدراسات والعلاقات العامة، يبقى علامة فارقة في تاريخ المحللين العسكريين والخبراء الاستراتيجيين، سواء في تحليلاته ورؤيته لحرب غزة وإسرائيل أو الحرب الروسية- الأوكرانية وغيرها من الأماكن الساخنة في العالم، وهذا يعكس صورة المحلل المتزن والخبير العسكري الذي يرى الأمور بمنظار استراتيجي متميز، وهو بخلاف ذلك العميد المتقاعد الذي اعتبر أن ما يجري في غزة نوعاً من «الفولوكلور» لرفع معنويات الجيش الإسرائيلي الذي وجد نفسه في ورطة كبرى في وجه مقاومة محصنة، أو ذاك الخبير الذي لم يشاهد أي جندي إسرائيلي خارج دبابته أو عربته العسكرية، فقليلاً من احترام عقل المشاهد العربي.
وما هو جدير بالملاحظة أن الفضائيات العربية خطفت الأضواء من الصحافة الورقية التي خلت من التحليلات العسكرية الخاصة، بحيث تسيدت الشاشات ما عداها من وسائل إعلام ومنصات تواصل اجتماعية.