ليس غريباً على «رأس الخيمة» الإماراتية أن تكون الأكثر حرصاً على تقدير مقام رأس المال البشري كمحرك مستقبلي للنمو، وهي التي كان لها السبق في تقدير اللؤلؤ منذ أن كان ليس فقط رأس المال الأساسي لها وللإمارات ومنطقة الخليج عموماً بل مكون رئيس في ثقافتها.

وكما قدرت إمارة جلفار قديماً أوزان اللؤلؤ بالعقيق، تتمسك رأس الخيمة الآن بالمبدأ الرابع من وثيقة المبادئ العشرة لدولة الإمارات في الخمسين عاماً القادمة، والقائلة: «إن المحرك الرئيسي المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري. تطوير التعليم، واستقطاب المواهب، والحفاظ على أصحاب التخصصات والبناء المستمر للمهارات هو الرهان للحفاظ على تفوق دولة الإمارات».

وإذ يعكس هذا المبدأ اهتمام الدولة بالإنسان الذي يعيش على ترابها، وبأن التنمية البشرية ورأس المال البشري من أهم أهدافها التنموية التي تسعى إليها وإلى تحقيقها بصور مثالية للاستفادة القصوى منها، انطلقت جهود متواصلة لصون الموروث الثقافي والتاريخي للدولة باعتباره جزءاً أصيلاً من الهوية الوطنية، كضرورة لضمان التفوق مستقبلاً، أبرز هذه الجهود كانت «لآلئ السويدي» مزرعة اللؤلؤ العربي الوحيدة في العالم التي أسسها عبدالله راشد السويدي، آخر غواصي اللؤلؤ الأصليين الذين يعود تاريخهم إلى أجيال عديدة.
Ad


وتقع مزرعة اللؤلؤ «لآلئ السويدي» في قرية الرمس الصغيرة لصيد الأسماك، والتي تقع في أسفل سلسلة جبال الحجر المهيبة في رأس الخيمة، بالإمارات العربية المتحدة، وتأسست عام 2004 على يد السويدي، وتقوم المنطقة الآن بزراعة اللؤلؤ العربي في البحار المحيطة بالقرية.

وتعد «مزرعة السويدي» أول مزرعة للؤلؤ المستزرع في المنطقة، وهي أحد مشاريع ريادة للأعمال الوطنية في إمارة رأس الخيمة، والوحيدة في الدولة التي توفر اللؤلؤ من مصادر محلية لصانعي المجوهرات حول العالم، بالإضافة إلى دورها كمنتج سياحي يزوره السياح من دول العالم للاستمتاع بتجربة استخراج اللؤلؤ من المحار.

وتسهم المزرعة، الممتدة على ٤ آلاف متر مربع، في تنمية الاقتصاد المحلي للإمارة، فهي فضلاً عن استقطابها الزوار من أنحاء الدولة وخارجها أيضاً، لما تتمتع به من مناظر طبيعية خلابة، إذ تقع على سفوح سلسلة جبال الحجر في منطقة الرمس الشمالية، التي تستفيد من مياه الأمطار العذبة التي تنحدر من جبال الحجر، وتمد المياه البحرية بالأوكسجين بما يجعلها المكان الأمثل لنمو اللآلئ وازدهارها، فهي تنتج نحو 40 ألف محارة مستزرعة سنوياً بمعدل نجاح يصل إلى 60%، 10% منها من اللآلئ فائقة الجودة، ونظراً لحجمها المتميز وجودتها وسماكة عرق اللؤلؤ فيها، يعد جمع اللآلئ العربية المستزرعة مهمة شاقة وتتطلب إجراء عمليات مكثفة في بيئات شديدة الخصوصية وخاضعة للتحكم بالكامل.

وتقوم نسبة قدرها 1% فقط من المحار الطبيعي بإنتاج اللآلئ، في حين ينتجها 60% من المحار المستزرع الملقح يدوياً، وتتم عملية الزراعة عبر إدخال حبة مستديرة مصنوعة من صدفة عرق اللؤلؤ في أنسجة المحار، ما يتيح تكون طبقة من الصدف حول حبة اللؤلؤ وتشكلها مع مرور الوقت.

جبل جيس

ومن أهم المعالم السياحية التي تشتهر بها إمارة رأس الخيمة جبل جيس، الذي يرتبط حدودياً مع سلطنة عمان، ويبلغ ارتفاعه نحو ١٩١٠ أمتار فوق سطح البحر.

ويمتد طريق أعلى جبل في الإمارات، وأحد الجبال التي تتكون منها سلسلة جبال الحجر الشهيرة، على مسافة 36 كم وصولاً إلى القمة الجبلية، ويضم عدة استراحات مختلفة على إطلالات مهيبة على منحدرات سلسلة جبال الحجر، حتى أصبح واحداً من أهم المعالم السياحية في إمارة رأس الخيمة.

ويشتهر الجبل باعتباره ملاذاً لمحبي رياضات المغامرة، والباحثين عن الاسترخاء والاستجمام، وتنخفض فيه درجة الحرارة كثيراً عمّا هي عليه في الأسفل، حيث تشهد قمة جبل جيس أدنى درجات الحرارة في الإمارات، حيث تصل إلى -5 درجات مئوية في فصل الشتاء.

ومن المعالم البارزة في منطقة جبال جيس خلال فصل الشتاء تحديداً، تعتبر الوديان في منطقة الجبل نقطة جذب سياحية كبيرة، حيث تمتلئ هذه الوديان بمياه الأمطار في فصل الشتاء، ويستمر تدفق المياه في بعضها حتى خلال الصيف.

ويعد وادي البيج من أشهر الوديان في منطقة جبال جيس، فهو يقع عند مدخل الجبل، ويمتد عبر إمارات رأس الخيمة والفجيرة باتجاه الحدود العمانية، كما يُعرف أيضاً باسم جراند كانيون بسبب تكوينه الصخري الفريد وتضاريسه المتنوعة، ويضم الوادي أكثر من 100 نوع من الطيور، إضافة إلى الحياة البرية، والنباتات الصحراوية، وكذلك يعتبر وادي غليلة، الذي ظهر في المنطقة منذ القدم، من الوديان المعروفة بمنطقة جبال جيس، حيث يتميز بالتضاريس المتنوعة التي تكتسي باللون الأخضر، مع وجود النباتات المحلية.

Viewing Deck

ويحفل سفح الجبل بالعديد من الأماكن والأنشطة التي تتيح للزوار تجربة سياحية فريدة كمنصة المشاهد Viewing deck التي تقع على ارتفاع 1.250 متراً فوق مستوى سطح البحر، على منتزه تم تصميمه بما يتماشى مع مبادئ السياحة المستدامة لتوفير كل سبل الأمان والراحة للزوار، كما أن المتنزه تتم إضاءته بالطاقة الشمسية الصديقة للبيئة.

كما توفر لك منطقة جبال جيس أطول مسار انزلاقي في العالم وفقاً لموسوعة غينيس للأرقام القياسية، وبسرعة تصل إلى 120-150 كم في الساعة تهبط على منصة شفافة معلقة بالكامل في الهواء، على ارتفاع حوالي 1.680 متراً، في رحلة مدتها 3-2 دقائق.

أيضاً، توفر المنطقة تجربة التحليق وسط 7 مسارات انزلاقية، حيث تراوح مسافة المسارات من 337 متراً إلى ما يزيد قليلاً على 1 كم، وتمتد الجولة على مسافة حوالي 5 كم بين الجبال، ووسط المنحدرات.

وإضافة إلى 5 مسارات ذاتية التوجه لعشاق الهايكينغ والتنزه وسط الطبيعة والجبال، يضمها الجبل، توجد منطقة فيا فيراتا لتسلق الجبال، حيث يوجد بها 3 جبال انزلاقية تراوح بين 50 و300 متر، لتجتاز أكثر من كيلومتر على امتداد الطريق، ويتم ربط المتسلقين بحبل فولاذي طبقاً لمعايير السلامة والأمان، إضافة إلى مطعم 1484 الذي يمتاز بإطلالة رائعة على الجبال من على هذا الارتفاع ليتناغم مع أجواء الطبيعة هناك في جبل جيس برأس الخيمة.