زلة لسان أم إرهاصات مخطط (مبدئي) ضد فلسطين؟
شخصياً، لا أرى أمراً يستحق التعليق عليه أو حتى التطرق له ومنذ أكثر من أربعين يوما إلا الأحداث الأخيرة التي ارتبطت بعملية «طوفان الأقصى» والتي لم تكن إن صح التعبير أحداثا أخيرة فحسب بل هي نتاج تراكمات بدأت منذ نحو قرن بعد استهداف فلسطين كأرض ميعاد إثنية بغطاء الثيولوجيا باسم الديانة اليهودية.
فالخريطة التي خرجت علينا منذ أيام وروّج لها بدعم صهيوني واضح المعالم في المواقع الرسمية والإلكترونية، والتي تشير إلى خريطة دولة الكيان الصهيوني الكبرى، ليست إلا دلالة على ما كانوا يصبون إليه ويتمنونه منذ الأزل، وهو دولة كبرى من الماء الى الماء (النيل الى الفرات).
تلك الخريطة التي يناهضها كل عربي ينتمي الى أي شرع أو دين، وكل إنسان ذي منطق عقلاني سليم يحمل ذرة من الإنسانية، يعلم أنها لن تتحقق إلا إذا كان هناك موقف (مبدئي) يعمل الجميع عليه من تحت الطاولة ويضرب به دول المنطقة من (تحت الحزام) كذلك، وكل هذا تؤكده التصريحات الغريبة من وزراء الكيان من جهة، وردود أفعال بعض العرب من جهة أخرى، إذ خرج علينا وزير مالية الكيان الصهيوني ( سموتريتش) ببيان مطول بتاريخ 11 نوفمبر الجاري يغري في باطنه وطياته العرب وعموم المتعاطفين عالميا بالمال والأعمال للهجرة الطوعية لأبناء الأرض من غزة.
وهذا الصهيوني، وهنا المفارقة، يحمل اسما يدل على هجرته الأصلية من شرق أوروبا، يتعمد أن يزلّ لسانه ليثبت موقفا مبدئياً لدى الصهاينة، لا موضوعا مبهما ليسوا على قدر مسؤوليته، فكيف لا وهم يعلمون من يحميهم من دول الخارج والداخل؟! وإذا نسيتم أن هذا الوزير تكلم بلسان حال اليمين الصهيوني المتطرف، فاعلموا أن هذا هو هدف وحال كل الصهاينة في أرجاء المعمورة، بل أزيد من عندياتي أن الإهانة الحقيقية لم تخرج من وزير عربي ردا عليه، إن إشارة الماء الى الماء لا تعني لنا إلا من النهر الى البحر لفلسطين الكبرى، وبكامل حدودها الأصلية كدولة عربية مستقلة ذات سيادة وبعيدة كل البعد عمن يمثلها من أشباه الصهاينة في السلطات من داخلها أو خارجها.
أما الواقع بأن هذا الكيان ليس مصنوعاً إلا من ورق وكرتون هش فهم مضطرون أن يروجوا الأكاذيب حول عملياتهم وغدرهم بالمدنيين في غزة ليس إلا، وليس لديهم إلا الكلام الفارغ الذي رددنا عليه بالحيثيات والأدلة والبراهين عبر الأسابيع الماضية في مقالاتنا، فعصابة كالصهاينة لا يفهمون إلا منطق القوة والرد الثوري الموحد عليهم.
هذا بالطبع يدعونا للابتعاد كل البعد عما أسميه «ترف الأفكار والأيدولوجيات» ومن يفعل في من تلك العملية، وما أهدافه الاستراتيجية ومبادئه الفكرية، فالتوحد في أجندة فكرية أيديولوجية موحدة ضد الكيان لن يجد تأييداً إلا من المستفيدين الصهاينة ليس إلا، لأنهم يقتاتون على الفرقة والتفكك بشتى أنواعه، أما الردود العربية والإسلامية، فلا يسعنا القول إلا «لا حول ولا قوة إلا بالله».
على الهامش:
في لقاء الإعلامي البريطاني بيرس مورغان مع ضيفيه محمد حجاب و(الحاخام) شامولي منذ أيام قليلة وبعد ساعة من الصراخ عبر الأثير وعلى الهواء مباشرة، في لقاء لا يخدم القضية الفلسطينية بتاتا، أخرج الحاخام خريطة من جيبه الأيسر وكأنه طير يبسط جناحه أمام المتابعين ليصرخ ويقول: هذه الخريطة اجتمع قادتها فلم لم يأخذوا مواطنين فلسطينيين لديهم كلاجئين إن كانوا أو كنتم (في إشارة ضد حجاب) صادقين.
عزيزي القارئ، انظر إلى المقال أعلاه لتعرف كيف يروجون لخططهم ويفضح الصهاينة أنفسهم بأنفسهم.