«نساء الخديو إسماعيل»... دراسة في دوافع الوقف

نشر في 23-11-2023
آخر تحديث 22-11-2023 | 18:10
غلاف الإصدار
غلاف الإصدار

لم يزل للنساء دور بارز في النهوض بالمجتمع المصري، خاصة نساء الأسرة الحاكمة في عهد الخديو إسماعيل (1863 – 1879)، حيث استطعن تحطيم القيود التي كبَّلت نساء مصر منذ القدم، ونجحت المرأة المصرية في التمرد على كل الأوضاع التي كانت تنتقص من دورها وتقلل من شأنها، ونالت كامل حقوقها، والتي كان أولها وأولاها، الحق في التعليم، الذي كان بمنزلة نافذة النجاة ليس للمرأة فحسب، بل للمجتمع بأسره، الذي لن تقوم له قائمة ما دامت المرأة التي هي نصفه ونواته مُهمَّشة مزويَّة.

في إطار هذا الموضوع أنجزت الباحثة نشوى فتحي دراستها القيمة وعنوانها «نساء الخديو إسماعيل: دراسة في دوافع الوقف»، والتي صدرت عن دار أم الدنيا (2023)، والتي تقع في 222 صفحة من القطع المتوسط.

وتناولت الدراسة أوقاف نساء أسرة الخديو إسماعيل بين 1863 - 1879م، وهي الفترة التي شهدت تطورات عدة على مختلف الصعد، إذ لعبت دُور العلم والكتاتيب والمدارس التي أنشأتها نساء الأسرة العلوية لتعليم البنات خاصة دورا مهما في خلق نهضة نسوية ومجتمعية بالغة، ولم يكن الهدف والطموح من وراء تشييد تلك الصروح العلمية أن تكون نواة لنشر العلم الذي هو حق كالماء والهواء لكل الناس فحسب، ولكن القائمات على تلك الأعمال قصدن ديمومتها، وبقاء نفعها، وامتداد أثر ذلك النفع حتى بعد رحيلهن، لذا حرصن على الإكثار من وقف الأراضي والأموال لاستدامة تلك المشروعات العلمية والتنويرية، ليضربن بذلك أروع الأمثلة في دُور العمل الوقفي وأهميته في النهوض بالمجتمعات، وليصبحن بعد ذلك أمثلة يحتذي بها كل من رام خيرا، وطمع في نيل المثوبة وتخليد الذِّكر والأثر.

ومن هذا المنطلق رأت صاحبة الدراسة أهمية إظهار ذلك الدور الذي اضطلعت به بعض نساء وأميرات الأسرة العلوية - عامة - والتوقف بالعرض والدراسة والتحليل مع دور نساء أسرة الخديو إسماعيل في هذا الصدد خاصة، وبيان ما أسفر عنه ذلك من نهضة وازدهار عمَّ شتى جوانب المجتمع المصري.

وتتألف هذه الدراسة بعد المقدمة من خمسة فصول بيانها كالتالي:

- الفصل الأول (النساء والأوقاف حتى عهد إسماعيل)، ويتناول معاني الوقف، وأنواعه وتاريخه، وتاريخ الوقف النسائي، ويتعرض لبعض نماذجه وأشكاله.

- الفصل الثاني (الأوقاف وتطور الملكية الزراعية في مصر حتى نهاية عهد إسماعيل)، ويتناول تطور أوضاع الملكية الزراعية في مصر، إذ كانت هي النواة التي قامت عليها الأوقاف.

- الفصل الثالث (أوضاع نساء الحرملك في القصور العثمانية والأسرة العلوية ونماذج من أوقافهن)، ويتناول وصفا لوضع الحريم بداية في القصور العثمانية، ومرورا بقصور محمد علي باشا، ووصولا إلى الخديو إسماعيل.

- الفصل الرابع (دور نساء أسرة الخديو إسماعيل في الأوقاف والأعمال الخيرية في المجتمع المصري)، ويتناول نموذجا من أوقاف الخديو إسماعيل، ثم من بعده نماذج من أوقاف والدته، ثم زوجاته وبناته، وزوجة ابنه الخديو توفيق، ثم زوجات أبيه، وأخيرا أوقاف زوجات عميه أحمد طوسون ومحمد سعيد باشا.

- الفصل الخامس (دور العمارة في توظيف أوقاف نساء الخديو إسماعيل)، ويتناول هذا الفصل وصفا معماريا أثريا لأشهر أوقاف نساء أسرة الخديو إسماعيل، ودور عمارة الوقف وأثرها في قيام الوقف بدوره الذي أنشئ من أجله.

إن مثل هذه الدراسات التاريخية تفتقر إليها المكتبة التاريخية المصرية، إذ تدرس نشاطا اجتماعيا لأسرة حاكمة، وتبرز مساهمتها المجتمعية في الانتصار لما يحقق التنمية المستدامة، عبر تفعيل «الوقف»، ذلك النظام المالي المتميز في إنسانيته، إذ فيه يوقف الإنسان ماله لخدمة أخيه الإنسان، ومن الأهم في هذه الدراسة أنها ركزت على دور المرأة في هذه الأوقاف، وما كانت تصنع تلك المرأة التي تنتمي إلى الأسرة العلوية.

back to top