السفير الإيطالي لـ «الجريدة•»: الكويت ليست صفحة تُغلَق... وستبقى دائماً في عواطفنا
• بالدوتشي مودّعاً: وقوفها إلى جانب بلادي خلال «كورونا» لا ينسى
• ما الذي ستتركه خلفك بعد أكثر من 4 سنوات قضيتها في الكويت؟
- نغادر، أنا وزوجتي، بمشاعر الامتنان الشديد تجاه الكويت، وسترافقنا مشاعر الحنين التي ستظل في قلوبنا إلى الأبد، لأن الكويت ليست صفحة تغلق، لكنها معنا وتأتي معنا، فهي في عواطفنا، كانت وستبقى دائما.
• كيف تقيّمون العلاقات الثنائية بين إيطاليا والكويت، كيف وجدتها وكيف تتركها؟
- أترك خلفي شبكة من العلاقات التي أصبح نسجها أكثر كثافة في جميع القطاعات. ليس بفضلي، بل بفضل ألفة العلاقات بين إيطاليا والكويت، تلك العلاقات بين الشعبين التي حاولتُ تشجيعها في السنوات الأخيرة، والتي أتاحت لنا تحقيق العديد من النتائج المهمة. ولا يمكنني أن أقول عنها إلا انها علاقات ممتازة.
• أخبرنا عن أشهرك الأولى في الكويت؟
- وصلت قبل أشهر قليلة من بداية جائحة «كورونا»، ولن أنسى أبداً، ولن ينسى الإيطاليون أبداً، الدعم السخي الذي قدّمته الحكومة الكويتية في بداية الأزمة، عندما كانت إيطاليا من أوائل الدول المتضررة من هذا الوباء الرهيب في العالم، والذي كان من الصعب في ذلك الوقت التغلُّب عليه، فقد كان حينها من الصعب إدراك ليس فقط الأسباب فحسب، بل أيضًا المدى الفعلي لها.
إيطاليا أصبحت الشريك التجاري الأوروبي الأول للكويت... وأصدرنا 28 ألف تأشيرة منذ بداية العام
وأشكر العديد من الكويتيين الذين عبّروا في ذلك الوقت عن مدى قربهم ودعمهم، حتى المادي في كثير من الأحيان تجاه بلدي، فضلاً عن الكثير من التضامن والمودة. لقد كان هذا اختبارًا استثنائيًا للصداقة بالنسبة لي.
لأن الأصدقاء الحقيقيين موجودون لمساعدتك في أوقات الحاجة، ومن دون أن تطلب منهم ذلك. وقد أثبتت الكويت والكويتيون أنهم أصدقاء عظماء لبلدي وللإيطاليين في هذه المناسبة.
تطوّر العلاقات
• بعد الوباء، ما الذي تُحب أن تتذكره في تطوّر العلاقات بين البلدين؟
- احتفلنا بمرور 60 عامًا على الاعتراف الإيطالي بدولة الكويت في عام 2021 من خلال العديد من الفعاليات، لا سيما المطبوعات والمعارض. إضافة إلى الحفلات الموسيقية، ومواسم الموسيقى الإيطالية، التي توقفت فقط خلال الوباء، والتي سمحت لنا بإحضار فرقة مسرح لاسكالا الإيطالية ذائعة الصيت، التي قدّمت في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي باليه «جيزيل»، في ظهور يُعدّ الأكبر لها على مستوى الشرق الأوسط، كما أحضرنا عازفين شباب من «أكاديميا كيجانا»... وغير ذلك الكثير.
• حدثنا أكثرعن العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟
- نمت هذه العلاقات بشكل ملحوظ، ففي عام 2022، كانت إيطاليا الشريك التجاري الأوروبي الأول للكويت، حيث تجاوزت صادراتها مليارَي يورو، وبذلك تضاعفت أرقام عامي 2019 و2020.
كما ارتفعت الصادرات الكويتية إلى إيطاليا بنسبة غير عادية في الفترة نفسها، وأعتقد أنه أمامنا مستقبل مشرق، مما سيسمح لنا بالتحسن أكثر.
• إلامَ تعزو هذه الديناميكية المذهلة لنمو العلاقات الثنائية؟
- أعزوها إلى ثمرة ومستوى المعرفة والصداقة بين إيطاليا والكويت، فعندما وصلت إلى الكويت، كنّا نُصدّر 35 تأشيرة في اليوم.
ومنذ الأول من يناير هذا العام وحتى كتابة هذه الأسطر، قمنا بإصدار 28 ألف تأشيرة دخول إلى إيطاليا من الكويت، فكلما أتيحت الفرصة للإيطاليين والكويتيين للتعرف وتقدير بعضهم البعض، تطوّرت أكثر المصالح المشتركة بينهما، بما في ذلك تلك ذات الطبيعة التجارية.
• ماذا يؤثر أيضًا على تعزيز العلاقات؟
- شعرت أنه من المهم للغاية منح التقدير الواجب للأشخاص المميزين الذين ساهموا في إلقاء الضوء على المسار المشترك والمعرفة المتبادلة بين بلدينا.
الزيارة المهمة لوزير الخارجية إلى روما أسفرت عن اتفاقات مثمرة أبرزها بدء حوار استراتيجي منظّم
ودعوني أذكر اسم واحد فقط من بين الأشخاص الذين أتيحت لي الفرصة لمنح وساماً. أنا فخور بأنني تمكنت، بتكليف رئيس الجمهورية الإيطالية، من تسليم شارة وشهادة وسام نجمة إيطاليا إلى الشيخة د. رشا الصباح، فهي شخصية مميزة للغاية، درست في إيطاليا، ثم كتبت فيما بعد نصوصًا مهمة عن بعض أعظم الكُتّاب الإيطاليين ودفّقت ثقافتها الاستثنائية وطاقتها الإنسانية على العديد من الطلاب الكويتيين.
كما أنه من خلال الاحتفال بمثل هذه الشخصيات البارزة، يتم تعزيز وتطوير الصداقة بين البلدين والشعبين.
اتفاقيات مهمة
• هل تلقت العلاقات الثنائية في الآونة الأخيرة المزيد من الزخم السياسي؟
- بالتأكيد، خلال الزيارة المهمة التي قام بها وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح إلى روما في يوليو الماضي، واللقاءات المهمة التي عقدت بهذه المناسبة مع نائب رئيس المجلس ووزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، في البرلمان، ومع رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني، تم التوقيع على اتفاقيات مهمة ومثمرة، من بينها على وجه الخصوص بدء حوار استراتيجي منظّم، وكذلك تحديث برنامج التعاون الثقافي، والتعاون بين الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وصندوق المدّخرات والقروض الإيطالي (CDP) من أجل مبادرات مشتركة بشأن التعاون الإنمائي.
• كيف تصف التقدم المُحرز للعلاقات السياسية الثنائية؟
- بكلمة واحدة، ممتاز... لدى إيطاليا والكويت دعوة طبيعية للحوار، ، ولأسباب تاريخية وجغرافية وثقافية، فإنّ لدى البلدين دعوة مشتركة ليكونا «بناة الجسور»، إن قدرة بلداننا على الحوار والوساطة - وعلى الرغم من ثبات المبادئ التي نؤمن بها - هي أمر ثابت في سياساتنا الخارجية، وقد قدّمت دائما مساهمات مهمة للأمن والوفاق الإقليمي والدولي.
• خلال سنوات عملك في الكويت، ما هو نوع التعاون الذي كان هناك مع سفراء الكويت في روما؟
- لقد عملت بشكل جيد مع نظرائي في روما خلال سنوات ولايتي. ومن المهم دائمًا المناقشة من أجل التوجيه، بالاتفاق المتبادل إن أمكن، نحو تحقيق أفضل النتائج لكلا البلدين.
على سبيل المثال، مع زميلي الحالي ناصر القحطاني، فنحن على اتصال دائم ومنذ اليوم الأول الذي التقينا فيه في الكويت قلنا لبعضنا البعض إننا سنعمل معًا بالاتفاق، كما لو كنا جزءًا من فريق واحد.
• ما النصيحة التي ترغب تقديمها لخليفتك، السفير القادم؟
- النصيحة الوحيدة التي أرغب في تركها لخَلَفي هي أن يجد وقتًا، بين الحين والآخر، للتجول في سوق المباركية الجميل والتوقف لتناول الأسماك واللحوم في أحد المطاعم الجيدة العديدة بداخله.
إيطاليا أصبحت الشريك التجاري الأوروبي الأول للكويت... وأصدرنا 28 ألف تأشيرة منذ بداية العام
الزيارة المهمة لوزير الخارجية إلى روما أسفرت عن اتفاقات مثمرة أبرزها بدء حوار استراتيجي منظّم
نصيحتي للسفير الجديد أن يتناول الأسماك واللحوم في مطاعم المباركية
هل والدة زوجة السفير بالدوتشي كويتية؟
قصة ممتعة رواها السفير الايطالي لدى البلاد كارلو بالدوتشي عن زوجته كريستيانا، فقال: «عندما كانت زوجتي طفلة في المدرسة، كانت تقول دائما لبعض المعلمين إن والدها إيطالي وأمها كويتية، كنوع من المزاح».
وأضاف: «في أحد الأيام، اتصلت إدارة المدرسة بوالدتها للحديث عن وضع كريستيانا التعليمي، ثم سألوا والدتها: صحيح أنك كويتية؟».
وتابع بالدوتشي: «كانت والدتها مندهشة تمامًا ولم تتخيل ذلك، وأجابت بالنفي طبعاً».
نصيحتي للسفير الجديد أن يتناول الأسماك واللحوم في مطاعم المباركية
وعن سبب اعتقاد كريستيانا أن والدتها كويتية، قال السفير: «كما تعلمون، في السبعينيات في إيطاليا، كان هناك الكثير من المراجع ومجلات الأطفال تتحدث عن الكويت، وعن نجاح هذا البلد، وأهمية صناعة النفط فيه للعالم، وأعتقد أن عمرها في ذلك الوقت كان 7 أو 8 سنوات، وقد تأثرت كثيراً بهذه القصص».
وقال: «أتذكر أيضا أن إحدى المجلات النموذجية للأطفال في إيطاليا في ذلك الوقت كانت مجلة ميكي ماوس، وللفصل بين القصص المختلفة، وضعوا أيضًا تقارير صغيرة مثيرة للاهتمام عن بلد ما، وعن الرحلات، والأشخاص والأزياء والثقافات التي لم نكن نعرفها، وأتذكّر جيدًا أنني قرأت إحدى الروايات التي تتحدث عن الكويت».
وذكر أنه «عندما تم تكليفنا بالكويت، أخبرت كريستيانا أن هناك احتمالين مختلفين: أحدهما الكويت والآخر دولة أخرى في الخليج وأخبرتني كريستيانا: أنا متأكدة أنها ستكون الكويت، لأنه يبدو أن القدر هو الذي يشاء أن نأتي إليها، ولذلك، نحن سعداء أننا أتينا إلى الكويت، وعشنا هذه الفترة الرائعة من حياتنا فيها».
وختم بالدوتشي قصته: «عندما وصلنا إلى الكويت، اكتشفنا أن هناك عائلة التركيت، واسم عائلة زوجتي في إيطاليا هو توركيتي.
وعندما التقينا بعائلة التركيت للمرة الأولى في الكويت، قالت لهم كريستيانا: ربما نحن من عائلة واحدة، ولكننا منفصلون منذ قرون، ولكن في النهاية نحن من العائلة نفسها».