أكد مصدر رفيع المستوى في الخارجية الايرانية لـ «الجريدة»، أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان حمل رسائل من القيادة الإيرانية لقادة حزب الله والفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان، بشأن احترام التهدئة، التي تم التوصل إليها في غزة، وتجنب أي تصعيد على الحدود اللبنانية الجنوبية، على أمل نجاح التهدئة وتمديدها وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وحسب المصدر، فإن الصينيين وبعض الدول العربية والإسلامية طلبوا من إيران إقناع حلفائها بالالتزام بالتهدئة، لإعطاء فرصة للمحادثات المستمرة لإقناعهم تل أبيب بتمديد الهدنة.
وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي استقبل قبل أيام وفد لجنة المتابعة الوزارية التي شكلتها قمة الرياض العربية - الإسلامية، وتم التشديد على ضرورة وقف النار في غزة، وحماية المدنيين، وادخال المساعدات والبدء في جهود لإحياء عملية السلام والتوصل إلى تسوية نهائية للقضية الفلسطينية على قاعدة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف المصدر الإيراني أن مهمة عبداللهيان ستكون صعبة جداً، لأن هناك احتقاناً كبيراً ليس فقط لدى حزب الله، بل بين جميع حلفاء إيران في المنطقة، خصوصاً بعد ان بدأت واشنطن توجّه ضربات للفصائل العراقية في العراق، مضيفاً أن العديد من حلفاء إيران يطالبون بمزيد من التضامن بين أطراف محور المقاومة.
وكان عبداللهيان قال لدى وصوله إلى مطار بيروت، إنه «بعد 6 أسابيع من المقاومة في غزة أثبت الوقت أنه ليس لمصلحة إسرائيل وأميركا»، مضيفاً: «نحن سمعنا من قادة المقاومة في المنطقة أن الأيادي ستكون على الزناد حتى استيفاء الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني، وحتى وصول الكفاح في المنطقة لنتيجة».
وقالت مصادر في بيروت إن عبداللهيان سيعقد لقاءات مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، والمسؤولين اللبنانيين، ومع مسؤولين في حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.
وبحسب ما تقول المعلومات في بيروت، فإن زيارة عبداللهيان لها أكثر من هدف، أولها إثبات الحضور في لبنان، وشراكة إيران ولبنان فيما يجري بغزة، إضافة إلى دراسة وتقييم كل التطورات قبل الهدنة وخلالها وبعدها والخطوات التي يمكن اتخاذها في المرحلة المقبلة، بحال تم استئناف القتال من الإسرائيليين. هذه الأمور أيضاً حضرت في لقاء جرى أمس بين نصرالله والقيادي في حركة حماس خليل الحية والقيادي أسامة حمدان.
وأشارت مصادر متابعة إلى أن عبداللهيان قد يشارك في اجتماعات لمسؤولين سياسيين وميدانيين بـ «محور المقاومة» في بيروت ضمن غرفة العمليات المشتركة لتقييم المرحلة المقبلة ما بعد الهدنة ودراسة كل خياراتها.
في المقابل، تسود حالة من الغموض والترقب في لبنان لمآلات ونتائج الهدنة التي يفترض أن يبدأ تطبيقها اليوم في قطاع غزة. مصادر في حزب الله تؤكد أنه في حال توقف إطلاق النار في غزة، فإن ذلك سينسحب على جنوب لبنان، الذي شكّل جبهة ضغط ومساندة للفلسطينيين، وبحال أي خرق إسرائيلي للهدنة في غزة أو لبنان فسيتم الرد عليه. وتؤكد مصادر الحزب أنه لم يكن جزءاً من الصفقة التي تم التوصل إليها.
وأكد مصدر إعلامي مقرب من «حزب الله» أن «الجبهة على الحدود الجنوبية فُتحت في سبيل دعم وإسناد غزة، بناء على مبدأ وحدة الساحات، بالتالي هي حكماً مرتبطة بتطوراتها ومن الطبيعي أن تلتحق (الجبهة مع لبنان) بالتهدئة إن حصلت في غزة».
وأشار المصدر إلى أن «الهدنة تحتاج طرفين، والتزام حزب الله بها يعتمد على التزام الجانب الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، خاصة أن المطروح تقنياً ورسمياً هو على صعيد غزة، هدنة محددة وليست وقف إطلاق نار، بالتالي قد لا تشمل الجبهة اللبنانية، أو على العكس قد تتسبب في تصعيدها من الجانب الإسرائيلي». وأوضح المصدر ذاته، أن «الأمور مرهونة بالطرفين وأدائهما العسكري والميداني خلال سريان الهدنة».
في المقابل، تبرز بعض المواقف الإسرائيلية التي لا تشير إلى أن لبنان سيكون مشمولاً بالهدنة، وسط تضارب في المعطيات. وأكد مسؤول بـ «الخارجية» الإسرائيلية لموقع «الحرة»، أنه ليس للاتفاق في غزة «أي علاقة بحزب الله، وهو متعلق فقط بالوضع في غزة». ويضيف المسؤول الإسرائيلي الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن حزب الله «يواصل مهاجمة إسرائيل من جنوب لبنان، وهو ما سترد عليه إسرائيل».
وكان منسق الاتصالات بمجلس الأمن القومي، في البيت الأبيض، جون كيربي، قال أمس الأول، إن واشنطن تأمل أن تشمل التهدئة في غزة حزب الله والقوات الإسرائيلية في شمال إسرائيل، علماً بأن هناك ضغوطاً أميركية تُمارس في سبيل تهدئة الوضع في الجنوب. وفيما لم تتضح بعد نتائج زيارة آموس هوكشتاين، (مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن)، إلى إسرائيل، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في بيان، أمس الأول، أن وزير الدفاع لويد أوستن اتصل بنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت وجدد تأكيد «دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وأهمية الحيلولة دون التصعيد الإقليمي».
لا أحد يعلم حتى الآن ما الذي يمكن أن يفعله الإسرائيليون، خصوصاً أنهم يمارسون ضغوطاً كثيفة دولياً لمنع حزب الله من استمرار شن العمليات، ولمطالبة الدول بإقناع الحزب بسحب «قوات الرضوان» إلى شمال نهر الليطاني، وإعادة العمل بتطبيق القرار 1701 ووقف العمليات العسكرية. إلا أن حزب الله يرفض ذلك، وبحسب ما تقول مصادر متابعة فهو ينظر إلى ما جرى في غزة بأنه «انتصار لحماس ولمحور المقاومة»، وأنه تمكن بذلك من فرض وقائع جديدة في جنوب لبنان لن يكون من السهل التراجع عنها، وأنه لن تكون هناك إمكانية لأي طرف في تطبيق القرار 1701 الذي لم يطبق أصلاً عام 2006 فكيف سيطبق عام 2023؟ بينما تصل إلى لبنان تهديدات إسرائيلية بأنه في حال عدم الوصول إلى اتفاق فإن تل أبيب ستشن ضربة عسكرية ضد الحزب في جنوب لبنان للوصول إلى تكريس اتفاق جديد.
وبالنسبة إلى حزب الله وإيران، فبحال استمرت الهدنة وتكرس انتصار ما لـ «حماس»، فإن الانعكاسات السياسية ستكون لمصلحة حزب الله في لبنان، كما كانت «حماس» هي التي تفاوضت مع القوى الإقليمية والدولية، فإن أي تفاوض أو اتفاق سيحصل بين هذه القوى وحزب الله.