بعد 47 يوماً من الحرب الإسرائيلية الوحشية التي حصدت أرواح نحو 14 ألف فلسطيني، نجحت الجهود الدبلوماسية المكثفة التي قادتها قطر وشاركت فيها مصر والولايات المتحدة، في التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس، على هدنة تمتد أربعة أيام في قطاع غزة، وزيادة منسوب المساعدات الإنسانية والإغاثية، مقابل تبادل 50 إسرائيلياً و150 فلسطينياً.

وبينما ذكرت تقارير أن الهدنة ستنطلق الساعة العاشرة صباح اليوم، رجّحت المعلومات أن يبدأ تبادل الرهائن في اليوم نفسه.

Ad



وفي وقت قالت «حماس» إن المفاوضات كانت «صعبة ومعقّدة»، مشيدة بصمود مقاتليها دون أن تصل إلى حد اعتبار ما جرى انتصاراً، شددت على ضرورة التزام إسرائيل الكامل ببنود الهدنة، مؤكدة أن «يدها ستبقى على الزناد».

في المقابل، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن الحرب لم تنتهِ، مشيراً إلى أنه مقابل كل 10 محتجزين إضافيين يجري إطلاق سراحهم سيتم تمديد الهدنة يوماً آخر.

وانتقد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الصفقة، ووصفها بـ «الخطأ التاريخي»، معتبراً أن زعيم الحركة الفلسطينية بغزة يحيى السنوار يواصل خطته «وبدلاً من تركيع حماس، تقبل إسرائيل إملاءاته».

ولاقى الاتفاق ترحيباً واسعاً، فلسطينياً وعربياً ودولياً، ومنح بارقة أمل بإمكانية احتواء الحرب في القطاع والاضطرابات التي تشهدها الضفة الغربية المحتلة، واللتين تهددان باندلاع نزاع إقليمي أوسع سواء على جبهة لبنان وسورية واليمن التي تتحكم فيها إيران وحلفاؤها، أو على جبهة مصر والأردن في حال تواصلت المساعي الإسرائيلية إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع والضفة باتجاههما.

ورحّب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، داعياً إلى حلول أوسع للصراع الإسرائيلي ــ الفلسطيني.

وأكد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي قبيل استقباله العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في القاهرة «استمرار الجهود المصرية المبذولة للوصول إلى حلول نهائية ومستدامة»، في حين عبّرت «الخارجية» الأردنية عن أملها أن تكون الهدنة «خطوة نحو إنهاء الحرب».

ووصف وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، الاتفاق بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح»، كما رحبت موسكو والصين وفرنسا وبريطانيا به، بينما شكر الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، والسيسي «على مساهمتهما الحاسمة في التوصل لهذا الاتفاق».

وبينما حضّ البابا فرنسيس على الحوار لتجنب «جبل من القتلى» في الشرق الأوسط، أكد مصدر رفيع المستوى في الخارجية الإيرانية لـ «الجريدة»، أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان حمل خلال زيارته لبيروت أمس، رسائل من القيادة الإيرانية لقادة «حزب الله» والفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان، لحضها على احترام التهدئة، التي تم التوصل إليها في غزة، وتجنب أي تصعيد على الحدود اللبنانية ــ الجنوبية على أمل أن يساهم ذلك في تمديد الهدنة وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وحسب المصدر، فإن الصينيين وبعض الدول العربية والإسلامية طلبوا من إيران إقناع حلفائها بالالتزام بالتهدئة، لإعطاء فرصة للمحادثات المستمرة.

وقالت مصادر في بيروت، إن عبداللهيان سيعقد لقاءات مع الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله، والمسؤولين اللبنانيين، ومع مسؤولين في حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.

وأكدت مصادر في الحزب أنه في حال توقف إطلاق النار في غزة، فإن ذلك سينسحب على جنوب لبنان، وفي حال أي خرق إسرائيلي للهدنة في غزة أو لبنان فسيتم الرد عليه.

وأكد مسؤول بالخارجية الإسرائيلية لموقع «الحرة»، أنه ليس للاتفاق في غزة «أي علاقة بحزب الله».

وفي تطور آخر، نفّذ الجيش الأميركي، أمس، للمرة الثانية خلال الـ 24 ساعة الماضية، ضربة استهدفت موقعين للفصائل العراقية المسلحة في جرف الصخر جنوب العاصمة العراقية بغداد، أسفرت عن مقتل 8 عناصر من «كتائب حزب الله ــ العراق» الموالية لإيران والمنضوية في «الحشد الشعبي»، وفي تحالف «المقاومة الإسلامية في العراق»، المسؤول عن شنّ 66 هجوماً على قواعد أميركية في العراق وسورية منذ هجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل.

ودان المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، الضربات الأميركية على جرف الصخر، مؤكداً أنها جرت دون علم السلطات، وأنها تمثل «انتهاكاً واضحاً لمهمة التحالف الدولي، وتجاوزاً مرفوضاً لسيادة العراق». وفي انتقاد ضمني للجماعات العراقية، التي تبنّت الهجمات على القوات الأميركية، شدد العوادي على أن الحكومة تعتبر أيّ عمل أو نشاط مسلّح يتم ارتكابه من خارج المؤسسة العسكرية، «عملاً مداناً ونشاطاً خارجاً عن القانون».

في موازاة ذلك، لوّح البيت الأبيض، أمس الأول، بإعادة إدراج جماعة الحوثي على لوائح الإرهاب، بعد أن استولت على السفينة غالاكسي ليدر بالبحر الأحمر الأحد الماضي. في المقابل، حذر الحوثيون من أن أي قطعة عسكرية تحمي السفن الإسرائيلية ستكون هدفاً مشروعاً لعملياتهم، تزامناً مع قصف استهدف منطقة السيدة زينب في دمشق.