ضمن فعاليات النشاط الثقافي المصاحب لمعرض الكويت الدولي للكتاب الـ 46، أقيمت جلسة حوارية للروائي سعود السنعوسي، وأخرى احتفاءً بشخصية معرض الكتاب د. سعد البازعي.
في جلسة حوارية بعنوان «بين الكاتب والكتاب: أسفار مدينة الطين» للمؤلف سعود السنعوسي، والتي أدارها محمد العتابي، سلَّط السنعوسي الضوء على محطات من رحلته مع «أسفار مدينة الطين»، وتطرَّق إلى خروجه من منطقة الرواية إلى فضاء التلفزيون والمسرح. وبدأت الأمسية بتحية من طرفَي الحوار لشعب فلسطين.
واستهل السنعوسي حديثه من فكرة الثلاثية في الأدب، سواء كانت متصلة أو منفصلة، قائلاً: «لكل كاتب تجربة مختلفة في كتابة ثلاثيات روائية، كما أن لكل كاتب زاوية ينطلق منها، على سبيل المثال الأديب نجيب محفوظ في ثلاثية القاهرة انطلق من فكرة الأجيال، أنا أيضاً كانت لديَّ فكرة انطلقت من زاوية الزمن على مدار 90 عاماً في (أسفار الطين)، حيث رصدت الأحداث والتحولات، ومدى تأثيرها على الشخصية الكويتية، وعندما بدأت العمل على المشروع عام 2015 لم أضع في الحسبان أنها ستتحول إلى ثلاثية، لكن الفكرة تبلورت في عام كورونا تحديداً، حينها أيقنت أن الأحداث سوف تمتد».
وأضاف: «لا أتصور أن الكاتب يعبِّر عن حالة واحدة. بالنسبة لي الكاتب ينطلق من بيئته، كما أن المؤلف يكتب عما يعرف، وأنا أكتب عن بيئتي. لا أنكر أنني حاولت في إحدى التجارب النزوح عن فكرة الزمان والمكان، وتحديداً في رواية (حمام الدار)، وكل ما فعلته أنني أخفيت هوية المكان، وكان المنزل عربياً والبيئة عربية، لكن بشكل عام لا يستطيع الكاتب أن ينزح أو يغادر من البيئة دون تحديد هويتها».
وعن خلق عالم أسطوري في الروايات، وتوظيفه لذلك الأمر في «أسفار الطين»، أوضح السنعوسي: «لدينا شخصيات أسطورية، لكن بلا حكايات، وهي شخصيات مغرية للكتابة، لكن لا قصة لها، ولم يتم التطرق لها في أدب الكبار، لكن برزت بشكل واضح في أدب الطفل. في الأسفار لجأت إلى الأسطورة كمفاتيح لبعض الأحداث، هذه الشخصيات وراءها حكايات وإشارات رمزية».
وحول توظيف أدواته في علامات الترقية على هامش الرواية، والتي كانت أقرب إلى حديث النفس، قال: «فكرة أن العمل كبير من حيث الحجم، وأن يكون الراوي واحداً، كانت مشكلة بالنسبة لي. أنا ككاتب أشعر بالملل من الكتابة بنفس الأسلوب، لذلك جاءت فكرة التحدي بين صادق بوحدب الراوي والشخصيات الأخرى، حيث أفسحت لكل شخصية المجال للحديث عن نفسها، ولو اضطررت لمقاطعة السارد ما بين كلمة أو اثنتين أو أربع وبين خمس صفحات، لتتحدث الشخصيات الأخرى عن نفسها ومعاناتها وأزماتها».
وحول الكتابة للمسرح والتلفزيون، أكد أن «ثمة مشكلة واجهتني عندما كتبت للدراما التلفزيونية، تمثلت في صعوبة العودة للرواية، حيث لا أستطيع أن أسرد لعدة شهور، كوني بدأت أكتب في مسلسل يعتمد على المشهدية من حيث السيناريو والحوار، لذلك فإن العودة للرواية تصبح صعبة. بينما في الكتابة للمسرح كانت هناك فائدة، وهي تكثيف الحوار، وهذا الأمر استفدت منه في كتابة حوار للرواية، مع اختلاف الحوار المسرحي عن الروائي، لكن أتحدث عن فكرة التكثيف».
شخصية المعرض
وضمن فعاليات المعرض، احتضن «رواق الثقافة» جلسة حوارية، احتفاءً بشخصية معرض الكتاب د. سعد البازعي، وأدارها الكاتب والمترجم عبدالوهاب سليمان.
واتسمت الجلسة بالتنوع والموضوعية في الطرح، حيث أجاب الضيف عن حزمة من الأسئلة طرحها عليه سليمان، تتعلق في معظمها بالثقافة في السعودية، وما شهدته من تطور ملحوظ في مختلف المجالات الثقافية، خصوصاً مسألة الترجمة، وكذلك التطور إلى المقاهي الثقافية التي انتشرت في المملكة، لدرجة أنها وصلت إلى الأماكن النائية، والتي تتمتع بجوانب إيجابية عدة، وأن هناك مسابقات أدبية تنظم من أجل زيادة المنافسة، كما تطرق إلى ما تقوم به هيئة الأدب والترجمة في السعودية.
وفي السياق، تحدَّث د. البازعي عن أمور ثقافية استُجدت على الساحة، ومن أبرزها مسألة التفرغ التي توفرها الجهات الرسمية للمبدعين لتأليف عمل أدبي؛ سواء كان رواية، أو مجموعة قصصية، أو كتاباً.
الأدب الإنكليزي
وفيما يخص الاهتمام بالترجمة العربية، أوضح د. البازعي أن تخصصه في الأدب الإنكليزي، ومع ذلك فإنه معني بالثقافة العربية والآسيوية، كما أنه معني بآثار الاستعمار، مؤكداً «ضرورة تحديد الكتب التي يجب ترجمتها إلى العربية، كي لا تفوت علينا فرصة التعرف على الكتب والأفكار المهمة».
بعدها، تناول المآزق التي قد يقع فيها المترجم، حيث إن هناك ثقافات مختلفة تواجهه عند الترجمة، قد تتعارض مع الثقافة العربية، مثل تلك التي تخص الدين والعادات ومساحة الحرية، وكذلك الاختلاف في بعض المفاهيم الاجتماعية، مثل: ابن العم، وابن الخال، ومعناهما واحد في المجتمع الإنكليزي، ما يجعل المترجم في حيرة. وأوضح أن من أهم أهداف الترجمة معرفة الآخر؛ كيف يفكر، وما طموحاته؟
الأدب الفلسطيني
وتحدَّث د. البازعي في معرض إجابته عن أسئلة مدير الجلسة عن بعض الكتب التي قام بترجمتها، سواء كانت أدبية أو سياسية أو اجتماعية، خصوصاً كتاب «الشعب الدموي»، الذي يتحدث عن تاريخ الشعب الأميركي في هذا الشأن، وأوضح أن ميزة هذا الكتاب كشفه الجانب الآخر من الحياة الأميركية، فقد «نسمع عن شخص أطلق النار على مجموعة من الناس، وأن دراسة تاريخ هذه الأفعال تكشف العنف الذي تنفرد به الحياة الأميركية».
من جهة أخرى، بيَّن أن الأدب الفلسطيني ركن أساسي من أركان الأدب العربي، وأن علاقته بهذا الأدب كبيرة كقارئ، وكذلك كناقد لبعض الإبداعات، حيث إنه كتب عن بعض الروايات والقصائد الفلسطينية، وتطرق إلى شعر محمود درويش، وغيره من أدباء فلسطين، وقال إن «مأساة فلسطين هي مأساتنا جميعاً».