لا تزال الأزمة المرورية واختناقات الشوارع مستمرة ومتجددة دون وجود حلول جذرية ونهائية للقضاء عليها، ورغم الانتشار الأمني لتخفيف الازدحامات وإيجاد طرق بديلة فإن كل ذلك لم يفلح، في ظل ما تشهده شوارعنا من كوارث الحفريات والتشققات التي أصبحت جزءاً رئيساً من مشكلة الازدحام، فلا تزال الحلول قاصرة عن معالجة هاتين المشكلتين.
فالحفريات أصبحت عبئاً مضافاً لمعاناة الناس مع الكراجات لتصليح مركباتهم بسبب المفاجآت المتجددة من حفر وحصى وغيرها من بلاوي الشوارع، ولا تزال الأجهزة المختصة تغرد خارج السرب في إيجاد حلول سريعة وواقعية لإنهاء هذه المعاناة اليومية، وكأن قيادييها لا يرتادون شوارعنا ولا يتعرضون لما يتعرض له عامة الناس من مواطنين ومقيمين، فبتنا نشعر بسعادة غامرة عندما نصادف شارعاً لم يصب بداء أمثاله من شوارع رئيسة أو داخلية، حتى أصبحت القيادة كمن يلعب لعبة استعراضية لتفادي السقوط في فخ الحفريات.
فإلى متى تستمر هذه المأساة وهذا المخاض العسير عند قيادة المركبات؟ وإلى متى استمرار نزيف الدفع لمحلات التصليح؟ وهل يتردد القياديون المسؤولون عن هذه المأساة إلى الكراجات أم أن سيارات الحكومة لديها إمكانات تتحمل مصدات ضد الحفريات؟ أم أن «البلاش» لا يتعرض لما نتعرض له أو نعانيه؟
لقد أصبحنا نذرف الدموع والحسرات عندما نزور دولاً لا تمتلك ما نملكه من قدرات مالية، لكنها تفوقنا في تنظيم شوارعها رغم كثافة أعداد السكان والمركبات، فلماذا حكومتنا الموقرة جاهزة لدعم هذه الدول عبر القروض الميسرة وغيرها؟ ولماذا لم تقترض منها الخلطات غير المضروبة حتى تقضي على مأساة الشوارع؟
وفي حين يتسابق الوزراء المعنيون والقياديون إلى تصريحات مكررة ومملة في إصلاح هذا الخراب، نجد بعض النواب يتسابقون للتباكي وذرف الدموع المصطنعة إزاء هذه المعاناة، لتسجيل المواقف وحتى يرددوا ذلك في كل موسم انتخابي، ولتكون مادة يتكسبون من خلالها تعاطف الناخبين، وهم في الواقع لا يحركون ساكناً ولا يميزون بين الطين والعجين.
فالمجلس مطالب إذاً بتجديد تشكيل لجان التحقيق للاطلاع عن قرب من خلال بصيرة بعض نوابه المعتادة لتحديد نوع خلطات الشوارع ووضع مقترح بإدخالهم دورات الكشف السريع عن أي خلطة مضروبة حتى تكون استجواباتهم المستقبلية دقيقة وواقعية وسليمة، وإيجاد محاسبة فعلية مع إحضار عينات من المضروب ومقارنته بغير المضروب حتى تنجح المحاسبة، ونعيش الديموقراطية وتسجيل البطولات والمواقف ونحتفل جميعا.
آخر السطر:
استوردنا التقليد الأعمى ولم نستورد الأفكار لحل مشكلة خلطة شارع.