في وقت يعلق العديد من الأطراف الدولية والإقليمية آمالاً عريضة على نجاح اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة جراء الحرب المدمرة التي تشنها الدولة العبرية عليه منذ 48 يوما، أكد المتحدث باسم «الخارجية» القطرية ماجد الأنصاري، أمس، أن العمل مستمر مع الطرفين المتحاربين وشركائنا في القاهرة وواشنطن لضمان سرعة بدء الهدنة التي تمتد 4 أيام.

وقال الأنصاري إن المحادثات التي تجريها كل من قطر ومصر حول تفاصيل الخطة التنفيذية لاتفاق الهدنة الإنسانية في غزة بين إسرائيل و«حماس» مستمرة، «وتسير بشكل إيجابي».

وأضاف أن «العمل مستمر مع كل الأطراف لضمان سرعة البدء بالهدنة، وتوفير ما يلزم لضمان التزام الأطراف بالاتفاق، الذي تم الإعلان عن التوصل له أمس الأول.

Ad


وأشار إلى أن إعلان موعد بدء سريان اتفاق الهدنة التي جرى التوصل إليها، أمس الأول، سيتم خلال ساعات.

وفي وقت كشفت تقارير متزامنة عن وجود ثغرة في قائمة أسماء الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم من غزة وعددهم 50، قال وزير الدولة بـ «الخارجية» القطرية، محمد الخليفي، إنه بحلول الساعة الأولى من الهدنة «سيتم إخطارنا بالقائمة الرسمية للأشخاص الذين سيتم إطلاق سراحهم في كل يوم. ومن خلال الحصول على تلك القائمة، سنخطر الأطراف أنفسهم أو البلدان التي لديها رهائن في قطاع غزة حالياً».

ولفت إلى أنه سيكون هناك التزام من كل طرف بأن يتم الإفراج عن عدد من الأسرى في كل يوم، مؤكداً أنه سيتم التحقق من تنفيذ الالتزام كل يوم. وأشار إلى أنه سيتم خلال الأيام الأربعة من الهدنة استكمال إطلاق سراح النساء والأطفال من كلا الجانبين ونقلهم إلى الجانب الآمن.

وتابع: «لأن الرقم كبير، فسنحاول العمل لكي يتفق الطرفان على إتمام الإفراج عن الأسرى بشكل منظم في كل يوم».

وأكد الوزير القطري أنّ «الاتفاقية تحتوي على عنصرين رئيسيين؛ الأول هو إطلاق سراح الرهائن، والثاني يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية المطلوبة، ليس فقط بالكمية، بل بنوعيتها بعد أن تمكنا من تخطي عقبة ادخال الوقود وتوفيره للبنية التحتية الحيوية، مثل المستشفيات وغيرها في القطاع» المحاصر بشكل شبه كامل منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.

سد الثغرات

وفي تعليق على تأخر سريان الهدنة، بعد تقارير غير مؤكدة أفادت بأنه كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ صباح أمس، أوضح مصدر فلسطيني مطلع أن التأخير «له علاقة بتفاصيل اللحظات الأخيرة المتعلقة بتفاصيل حول أسماء الأسرى الإسرائيليين وآلية تسليمهم».

وبين أن «حماس» ستطلق سراح 10 مختطفين من النساء والأطفال، في حين تطلق إسرائيل، في الوقت نفسه، سراح 30 من الأطفال المحتجزين على مدار 4 أيام، على أن يترافق ذلك مع وقف القتال في كل أرجاء غزة، مع تحليق محدود للطائرات الإسرائيلية في شماله وجنوبه.

وتحدث عن ثغرات سيتم سدها بشأن ترتيب تسليم الرهائن إلى «الصليب الأحمر» ثم نقلهم إلى مصر، ليتم تسليمهم للجانب الإسرائيلي.

في المقابل، أشارت مصادر إسرائيلية الى أن العائق أمام الهدنة هو شرط «حماس» إدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى شمال غزة. ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن سبب التأجيل هو عدم تلقي إسرائيل بعد أسماء المحتجزين الذين ستطلقهم «حماس».

وفي القاهرة أُعلن أن ما يتم التشاور حوله حاليا هو الإجراءات التنفيذية التفصيلية المطلوب تطبيقها من طرفَي الاتفاق.

وفي واشنطن، ذكرت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تدعى أدريان واتسون، أن إدارة الرئيس جو بايدن تأمل بدء عملية إطلاق سراح الأسرى صباح اليوم.

وأكدت واتسون أنه «تم إنجاز الاتفاق بالفعل، وما زال قائماً، وأن الطرفين يعملان على وضع التفاصيل اللوجستية النهائية، خاصة فيما يتعلق باليوم الأول من التنفيذ»، مضيفة: «في رأينا لا ينبغي ترك أي شيء للمصادفة».

جاء ذلك بعد أن أكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أن إطلاق سراح المجموعة الأولى من الرهائن بموجب اتفاق تبادل الأسرى لن يتم قبل يوم الجمعة.

ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن مصدر سياسي لم تسمه، قوله إنه سيتم إرجاء وقف إطلاق النار «في ظل عدم خروج صفقة الأسرى إلى حيز التنفيذ» بسبب عقبات تقنية عملية وفنية.

وذكر موقع والاه العبري أن إسرائيل لم تتلق قائمة بأسماء الرهائن الذين كان يفترض إطلاق سراحهم ضمن الدفعة الأولى، ليل الأربعاء ـ الخميس.

يذكر أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يتضمن وقف إطلاق النار من الطرفين، ووقف حركة الآليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع الفلسطيني، وإدخال 300 من الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى مناطق غزة بلا استثناء شمالا وجنوبا. كما تضمن الاتفاق إطلاق سراح 50 من الأسرى الإسرائيليين من النساء والأطفال دون سن 19 عاما، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية.

وخلال الهدنة يلتزم الجيش الإسرائيلي بعدم التعرض لأحد أو اعتقال أحد في كل مناطق غزة.

وعيد واتهام

وليل الأربعاء ـ الخميس، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمرا في مقر وزارة الأمن بتل أبيب لتأكيد دخوله في الصفقة وتبرير الخطوة المثيرة للجدل داخل الدولة العبرية.

وقال نتنياهو: «في هذا الوقت سيستعد جيش الدفاع الإسرائيلي لاستمرار القتال. ولن نتوقف حتى تحقيق كل الأهداف. نحن ننتصر، ولن نتوقف حتى النصر الكامل. وعندما أقول إننا نعمل على إعادة الجميع، فإنني أتحدث عن الجميع، بما في ذلك أورون وهدار».

وأضاف رئيس الوزراء أنه «تحدث للتو مع الرئيس بايدن. لقد حققنا تحسنا كبيرا في المخطط التفصيلي. المخطط الحالي لا يشمل إطلاق سراح القتلة»، في إشارة إلى السجناء الفلسطينيين الأمنيين الضالعين في هجمات قتل إسرائيليين.

وتحدث عن أن الاتفاق الذي يتضمن اطلاق 50 فردا، من نحو 240 تم اختطافهم خلال هجوم «حماس» غير المسبوق على 11 قاعدة عسكرية و22 بلدة إسرائيلية في السابع من الشهر الماضي، سيشمل «زيارات الصليب الأحمر للمختطفين ونقل الأدوية لهم».

وكرر نتنياهو تهديده بأن «حماس لن تحكم قطاع غزة ولن يحكمه أي طرف يدعم الإرهاب»، مشددا على «استمرار القتال حتى تحقيق كل أهداف الحرب».

وفي كلمة له، قال وزير الأمن يوآف غالانت

«في اليوم الذي نفذت فيه حماس المجزرة، فقد حكمت على غزة وعلى نفسها بالهلاك. إن الخطوط العريضة التي تم الاتفاق عليها أمس هي أفضل من تلك التي وضعت أمامنا قبل أسبوع»، مؤكدا «سنعمل على توسيع العملية العسكرية في غزة كلما تطلّب الأمر».وشدد غالانت على أن «الصورة النهائية للمعركة ستكون تفكيك حماس وعودة المختطفين».

وتسببت تصريحات نتنياهو في إثارة اتهامات له بالعمل على تقويض الاتفاق الذي تأمل عدة أطراف إقليمية ودولية أن يتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار لإنهاء الحرب التي تسببت في مقتل أكثر من 14 ألف فلسطيني، وشردت 1.7 مليون شخص داخل القطاع أغلبهم نزحوا من الشمال إلى الجنوب.

كما اتهم عدد من الكُتّاب في إسرائيل نتنياهو وغالانت بمحاولة إفشال الصفقة من خلال كشف الأول عن تكليف رئيس جهاز الاستخبارات (الموساد)، ديفيد برنيع، بالعمل على تصفية قادة «حماس» بالخارج، ورأى البعض أن تصريح نتنياهو «مضطرب وجاء لأهداف شخصية».

تكثيف العدوان

وتزامن ذلك مع تكثيف الجيش الإسرائيلي قصفه على غزة، منذ ليل الأربعاء - الخميس وحتى فجر أمس، في ليلة هي الأعنف منذ بدء العدوان على القطاع، في حين جددت سلطات الاحتلال مطالبة سكان الشجاعية وجباليا بمغادرة مساكنهم والنزوح باتجاه جنوب القطاع أمس.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، قصف 300 هدف في القطاع خلال 24 ساعة، إذ شن قصفاً من البر والبحر والجو، على أحياء سكنية في عدة مناطق بالقطاع أبرزها النصيرات ومخيمها ودير البلح وسط غزة وجباليا في الشمال.

كما قصفت الطائرات الحربية منزلاً في بني سهيلا شرق مدينة خان يونس في جنوب القطاع، وأغارت المقاتلات الإسرائيلية على مناطق أخرى في شرق المدينة.

وشن الطيران الحربي غارات على شمال القطاع، وتحديداً في بيت لاهيا، وبيت حانون، وجباليا التي تم فيها قصف مربع سكني كامل.

وفي رفح، استهدف الجيش الإسرائيلي مبنى جمعية خيرية خلف المستشفى الكويتي، مما أدى إلى سقوط وإصابة عدد من الفلسطينيين في مركز لإيواء النازحين بالقرب من الحدود المصرية.

في المقابل، خاضت عناصر حركتَي حماس والجهاد مواجهات عنيفة ضد الجيش الإسرائيلي على عدة محاور في شمال القطاع، وأعلنت عن قتل وجرح العديد من الجنود الإسرائيليين وتدمير دبابات وآليات وقصفت بلدات إسرائيلية بغلاف غزة بقذائف صاروخية.

من جهة أخرى، اعتقلت قوات الاحتلال مدير مستشفى الشفاء، الأكبر في غزة، محمد أبوسلمية وعددا من الأطباء، في حين أعلنت وزارة الصحة في القطاع وقف التنسيق مع منظمة الصحة العالمية في إخلاء الجرحى والمرضى على خلفية الحادثة التي وقعت عند حاجز أمني يفصل شمال القطاع عن جنوبه، رغم وجود تنسيق مع الأمم المتحدة.

على الجهة المقابلة، كشف رئيس جمعية المعاقين في الجيش الإسرائيلي عيدان كيلمان عن تشخيص إصابة 1600 جندي إسرائيلي بإعاقات، منذ اندلاع الحرب، في حين لا يزال 400 جندي في المستشفيات.

وشدد كيلمان على أن هذا العدد لا يمكن تصوره في تاريخ إسرائيل.

صدامات «الضفة»

وعلى جبهة أخرى، انسحبت قوات الاحتلال من مخيم بلاطة بالضفة الغربية بعد 15 ساعة من اقتحامه وشنها لحملة اعتقالات واسعة، في حين أعلنت كتيبة عياش التابعة لـ «حماس» أنها أطلقت أول صاروخ من الضفة تجاه مستوطنة شاكيد قرب مدينة جنين. وبلغ عدد القتلى جراء الصدامات في الضفة منذ بدء حرب غزة 238 فلسطينيا.