ساهم عدم دقة دراسات الجدوى المقدمة للصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تكبّد العديد من المشاريع خسائر مالية، إضافة الى تعثّر عدد من المشاريع الممولة من الصندوق.

وبدأت قصة التعثرات من عدة أسباب، أبرزها ضعف دراسات الجدوى وعدم إلمام بعض المبادرين بالأمور المالية لمشاريعهم، كما لوحظت اختلالات واضحة في قيم التمويل.

Ad

وتقدّم أكثر من مبادر بكتاب تعثّر لمشروعه، حيث أحيل الى لجنة المشاريع المتعثرة كي تتخذ إجراءات وقائية، في حين تبيّن عدم تقديم المبادرين والتزامهم بتسليم الميزانيات المدققة لمشاريعهم نهاية كل سنة مالية.

وتكرر عدم دقة وضعف دراسات الجدوى المقدّمة ومساهمتها في تعثّر المشاريع لأكثر من سنة مالية، ولوحظ ذلك في عمل وأداء الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تبين موافقة الصندوق على مشاريع على الرغم من ضعف دراسات الجدوى وقصورها.

وقالت مصادر مطّلعة لـ «الجريدة» إن السنوات الماضية شهدت تقديم العديد من دراسات الجدوى للمبادرين، والتي كشفت التعثّرات عدم مصداقيتها، حيث تخوفت المصادر من أن تكون عبارة عن قص ولصق من دراسات أخرى مشابهة، من أجل الحصول على المقابل المادي الذي يقدّمه صاحب المشروع الصغير والمتوسط، كما تشوبها الشكوك في أن تكون تلك الدراسات مكررة وعليها ملاحظات.

وانتشرت في الآونة الأخيرة إعلانات لشركات تقدّم دراسات جدوى للمبادرين وسط ترغيب بأهمية التعامل معهم، لاسيما أن الشركات ذاتها تذكّر للمبادر المتقدم لها بأن ضعف دراسة الجدوى من أسباب رفض التمويل من الصندوق الوطني، لذا يجب أن تتكون دراسة الجدوى من مجموعة من الدراسات المتخصصة في الجوانب التسويقية والفنية والقانونية والإدارية والمالية، ومن الضروري الاستعانة باستشاري متخصص لإعداد الدراسة لا يرفض مشروعهم نتيجة تقديم دراسة جدوى ضعيفة وغير واقعية، أو قد تكون مزيفة أو مأخوذة عن طريق النسخ.

عدم دقة دراسة الجدوى

ومثال على ذلك ما شاب أعمال مشروع محطة للغسيل والتشحيم، المتمثل في غسل السيارات وصيانتها وتبديل الزيوت وتركيب حماية للسيارات، حيث تمت الموافقة على تمويله بتاريخ 1/ 7/ 2018 بعقد بين الصندوق الوطني والمبادرين، وقد بلغت تكلفة المشروع 493.1 ألف دينار، ومبلغ التمويل من الصندوق 394.5 ألفاً، على أن يتم إيداع المبلغ في الحساب على دفعات، حيث اتضح عدم دقة دراسة الجدوى المقدمة من المبادرين الى الصندوق بالاحتياج الفعلي كمصاريف واقعية للمشروع، وتبين من الزيارات الميدانية التي قام بها الصندوق لموقع المشروع في تقدير القيمة المنصوص عليها بالعقد الأوّلي، والذي على أساسه تم تخفيض قيمة التمويل بالعقد اللاحق.

وفي مشروع آخر، ذكر تقرير رقابي أنه تبيّن ضعف دراسة الجدوى المقدمة من مبادر آخر، وعدم إلمامه بالأمور المالية للمشروع، نظراً لتدنّي تحصيله العلمي، وتمت الموافقة على المشروع عام 2018، وترتّب على ذلك عدم تسليم البيانات المالية الخاصة بالمشروع، كما في تقرير ديسمبر 2020، وعدم تمكين إحدى الشركات الاستشارية من الاطلاع على الحسابات البنكية الخاصة بالمشروع، حيث إن دور إدارة الائتمان، حسب ما جاء بدليل الاختصاصات الوظيفية، هو التأكد من اختيار أفضل المشروعات المتقدمة بمستوى مقبول من المخاطرة، وجاءت توصية إدارة المخاطر بنموذج تقييم المشروع بضرورة دخول شريك ذي مؤهل جامعي لإدارة المشروع من الجوانب الإدارية، من أجل تفرّغ المبادر لإدارة المشروع من الجانب الفني، ولم يتم الأخذ بهذه التوصية عند إبرام العقد.

عدم الالتزام بالتكلفة

وقام مبادر آخر بمخالفات جسيمة منذ فترة طويلة، حسب ما ذكر في تقرير ديوان المحاسبة، دون قيام الصندوق باتخاذ الإجراءات اللازم بشأنها، مما ترتب عليه قيام المبادر بالتصرف والتنازل عن المشروع للغير، وتمثّلت المخالفات في سحوبات وإيداعات مجهولة بحساب المبادر، كما جاء بتقارير المتابعة، وعدم تمكين مراقب الحسابات من الاطلاع على الحسابات البنكية الخاصة بالمشروع لمتابعة حالته.

وتبيّن عدم التزام المبادر ببنود التكلفة المرفقة بدراسة الجدوى التي تمت الموافقة عليها، حيث جاوزت بالصرف على بند الدعاية والإعلان 9.3 آلاف دينار بدلاً من 5، وعلى بند الإيجار بـ 19.49 ألفاً بدلاً من 6، وعلى بند الرواتب بـ 37.8 ألفاً بدلاً من 15.6، وتبين أن المبادر تصرّف بمبلغ المبيعات وهو 41.1 ألفاً على المصاريف التشغيلية، وتم إيداع 5.56 آلاف لتسديد التكاليف الإضافية، كما طلب المبادر من لجنة المتعثرين عمل تسوية لسداد مبلغ التنازل عن المشروع للصندوق بدفعة مقدمة تقدر بـ 15 ألفاً، على أن يتم جدولة بقية المديونية على أطول فترة سداد ممكنة.