أكد رئيس كلية القانون الكويتية العالمية أ.د. محمد المقاطع، أن من واجب الكويت دعم القضية الفلسطينية ومساندة أهل غزة بمختلف الإمكانات المتاحة وعلى جميع الصعد، سواء تقديم المساعدات أو على مستوى المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية، مضيفاً أن انعقاد القمة العربية في 11 نوفمبر - موعد إنشاء الدستور الكويتي - يرتب على الكويت التزامات ومسؤوليات إضافية تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية «تأملات في نهج الدستور الكويتي لعام 1962» التي أقامتها كلية القانون الكويتية العالمية، بمناسبة الذكرى الحادية والستين لوضع دستور الكويت.

Ad

وتحدث المقاطع في بداية الحلقة عن المادة الأولى من الدستور، التي تؤكد أن «الكويت دولة عربية مستقلة، وأن شعب الكويت جزء من الأمة العربية»، والمادة (68) منه، التي تنص على أنه «يعلن الأمير الحرب الدفاعية بمرسوم، أما الحرب الهجومية، فمحرمة»، واستند أيضاً إلى المرسوم الأميري الصادر في 5 يونيو 1967م بإعلان قيام الحرب الدفاعية بين الكويت والعصابات الصهيونية بفلسطين المحتلة.

وأشار إلى «أننا في ظل الأوضاع التي نعيشها اليوم، المتمثلة في العمليات العسكرية والإبادة الجماعية التي تمارسها العصابات الصهيونية ضد أهلنا في قطاع غزة وأعمال القتل ومحاولات التهجير القسري التي تقوم بها هذه العصابات، نكون أمام تفعيل نصوص الدستور، ولاسيما المادتين المذكورتين، وهو ما أكده النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد، عندما صرح بأننا ما زلنا في حالة حرب مع العصابات الصهيونية التي ما زالت تحتل فلسطين، وهذا الموقف تجسيد عملي للدستور وتفعيل لمواده».

انتهاك الدستور

وانتقل بعد ذلك إلى الدستور الكويتي مطالباً بالمحافظة عليه والالتزام به، منتقداً بعض الممارسات التي تعد انتهاكاً لأحكامه، وأشار بهذا الصدد إلى تجاوز بعض أعضاء مجلس الأمة المادتين (20,134) من الدستور من خلال تقديم مقترحات تشكل أعباء مالية على الدولة، مبيناً أن المادتين تؤكدان أن الالتزامات والأعباء المالية التي تقرر على الدولة لا تكون إلا بقانون، ولا يملك اقتراح المشروع بقانون في هذا الموضوع- وفق المادتين - إلا الحكومة.

وطالب مجلس الأمة بالمبادرة إلى إلغاء القانون رقم 44 لسنة 1994، الذي أضاف فقط فقرة جديدة إلى المادة (7) من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية بأن أولاد المتجنس الذي يولدون بعد كسبه الجنسية الكويتية يعتبرون كويتيين بصفة أصلية، ويسري هذا الحكم على المولودين منهم قبل العمل بالقانون، وبذلك فإن القانون آنف الذكر قد أعاد تعريف مفهوم الكويتي بصورة أصلية، بطريقة مخالفة لما نصت عليه المادة (82) من الدستور الكويتي.

التعسف النيابي

وانتقد المقاطع بعض أعضاء مجلس الأمة في مخالفتهم للمادة (99) من الدستور، من خلال أسئلتهم البرلمانية، التي تنمّ عن التشفي والشخصانية وتخرج عن مساءلة الجهاز الحكومي والمؤسسات الحكومية إلى مساءلة الإدارات والشركات الخاصة. كما وجه انتقاده إلى التجاوزات التي يمارسها بعضهم على المادة (100) من الدستور من خلال التعسف في استخدام أداة الاستجواب، وتحويلها إلى أداة ابتزاز لتحقيق أغراض شخصية للنائب، أو أقربائه أو مفاتيحه الانتخابية أو لأصحاب المصالح معهم.

وأضاف أن من أبرز الانتهاكات للدستور ما نشهده من تدخل بعض أعضاء المجلس في أعمال السلطتين القضائية والتنفيذية، وضرب مثالاً على ذلك في محاولة التدخل في تعيينات النيابة العامة، ووجه انتقاداً إلى بعضهم الآخر في استغلالهم للعضوية في الحصول على امتيازات أو عقود أو مناقصات، وهو ما يخالف صراحة المواد (121-131) من الدستور.

وأشار المقاطع إلى مخالفة المجلس للمادة (173)، في محاولته تقييد المحكمة الدستورية في نظر سلامة انتخابات مجلس الأمة، والحكم بحلّه إذا ما كان هناك موجبات قانونية أو دستورية للحل، مؤكداً أن القانون الذي صدر عن مجلس الأمة في دور الانعقاد الأول، إنما هو مخالف للدستور.

من جهته، لفت مدير الحلقة د. أحمد العتيبي إلى أن دستور الكويت يعد مرآة تعكس تاريخ الكويت والفكر الديموقراطي المتقدم للمجتمع الكويتي، والعلاقة المتميزة التي تربط بين أبناء المجتمع وسلطة الحكم، مضيفاً أن الدستور يعدّ تجربة فريدة على مستوى المنطقة، ويؤكد إيمان المجتمع الكويتي – حكاماً ومحكومين- بالحرية والديموقراطية، ومن حق الكويت أن تفخر به.

بدوره، قال الوزير والنائب السابق أحمد المليفي، إن اليوم الذي رأى فيه الدستور النور هو يوم خالد في تاريخ الكويت، لأنه يوم ترسيخ الحرية والديموقراطية.

وأكد المليفي، أن الدستور صمام الأمان للبلاد، وسرّ الاستقرار للمجتمع، وهو ما أكدته الظروف التي أعقبت وفاة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، ولم يكن هناك أمير للبلاد في ظل عدم قدرة الشيخ سعد العبدالله على النهوض بمسؤوليات الحكم، ومن ثم كان الدستور هو الحكم الذي فصل في الأمر.

فيما بيّن عضو الهيئة التدريسية بكلية القانون الكويتية العالمية د. خالد الحويلة أنه بعد مرور 61 عاماً على صدور الدستور ما زالت هناك إشكاليات نظرية وعملية تعوق التجربة الديموقراطية، مشيراً - على سبيل المثال - إلى أن حكومة الكويت تكاد تكون الحكومة الوحيدة في العالم، التي ليس لها غطاء نيابي.

وتابع الحويلة: كما أن من المشكلات التي تواجهها الديموقراطية الكويتية تعطيل جلسات مجلس الأمة في حال عدم حضور الحكومة، وقد وصل هذا التعطيل إلى ما يزيد على الشهرين بعد التأخر في تشكيل الحكومة، ويأتي هذا التعطيل في الوقت الذي لا يملك الأمير حق تعطيل الجلسات لأكثر من شهر.

الدستور أنجح الإنجازات

من جانبه، أشار النائب جراح الفوزان إلى أن الدستور جاء ثمرة رغبة صادقة والتقاء بين الإرادة الشعبية وإرادة الحكم، مؤكداً أن أنجح الإنجازات ما يتحقق نتيجة التقاء الإرادتين.

وطرح الفوزان تساؤلاً، مفاده: أنعيش تجربة ديموقراطية أم حياة دستورية؟ وذهب إلى أننا ما زلنا نعيش تجربة ديموقراطية، وعزا ذلك إلى أن ديموقراطيتنا منقوصة، وهي نصف ديموقراطية.

وأشار إلى أن صراعات أبناء الأسرة الحاكمة فيما بينهم من ناحية، وبينهم وبين الطبقة التجارية في المجتمع من ناحية أخرى، تعوق ممارسة المجلس لدوره الحقيقي، ورأى أن الحل يكمن في تصحيح المسار وتعديل الدستور والانتقال إلى النظام الديموقراطي الكامل.

انتماء الكويت للأمة العربية... وإسلامية الدولة

أشار عضو هيئة التدريس بكلية بكلية القانون الكويتية العالمية، د. محمد الفهد، إلى نقطتين في الدستور، أولاهما انتماء شعب الكويت إلى الأمة العربية، والأخرى إسلامية الدولة.

وأكد الفهد أننا حين نجد الكويت اليوم - حكومة وشعباً - تساند الأشقاء في غزة وتقدم الدعم لهم، فهو موقف ليس جديداً بل هو امتداد لمواقفها القومية على امتداد تاريخها.

وحول إسلامية الدولة، ذكر أن الشيخ سعد العبدالله - وهو عضو في لجنة إعداد الدستور - أصر على إبقاء المادة الثانية من الدستور، التي تؤكد أن دين الدولة هو الإسلام، بعد أن كان المستشارون والخبراء الدستوريون، يتجهون إلى إقرار علمانية الدولة.