تمر العديد من الوزارات والمؤسسات والهيئات والإدارات والأجهزة الحكومية بالعديد من المشاكل الإدارية والمالية والتنظيمية، بسبب سوء الممارسات الإدارية والمالية التي يقوم بها بعض قيادات ومسؤولي هذه الجهات بسبب ضعف نظم الحوكمة Governance فيها.

وإذا لم يقم المسؤولون عن الجهاز التنفيذي باتخاذ إجراءات سريعة بهذا الخصوص فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار هذه المؤسسات والمنظومة الإدارية بسبب افتقار إدارتها إلى الممارسة السليمة في الرقابة والإشراف والمتابعة والتقييم والتقويم.

Ad

وقد ظهرت الحاجة إلى الحوكمة نتيجة توجه العديد من الدول إلى تبني النظم الاقتصادية الرأسمالية، أي الاعتماد على شركات القطاع الخاص في تنمية اقتصادها المحلي، الأمر الذي أدى إلى كبر حجم تلك الشركات والمؤسسات وانفصال الملكية عن الإدارة، مما استوجب معه تبني معايير ومبادئ لحوكمة الشركات والمؤسسات والهيئات والإدارات الحكومية لضبط إدارة عملها لضمان النزاهة والشفافية في الإفصاح والمعلومات للمواطنين والمستثمرين، وتنظم السلوكيات والممارسات الإدارية لأعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين وعدم استغلال سلطتهم الوظيفية.

وكذلك تنظيم ممارسات المحاسبين ومراجعي الحسابات الخارجيين والداخليين، وممارسات بعض المستثمرين والموظفين في الشركات والمؤسسات والهيئات الحكومية بسبب اطلاعهم وحصولهم على معلومات داخلية خاصة Inside Information لا تتوافر للجميع، يتم استغلالها والاستفادة منها لمصالحهم الخاصة.

وقد تبنى البنك الدولي World Bank مفهوم الحوكمة من أجل إقران الإصلاح الاقتصادي بالإصلاح السياسي المؤسسي ولنجاح أسلوب ومبادئ الحوكمة فإن ذلك يتطلب سيادة القانون وتوافر الكفاءات الإدارية والمالية والتنظيمية والقانونية والفاعلية الإدارية والعدالـة والمسـاواة والشـفافية والإفصاح مـن قبل المؤسسات والهيئات والقيادات الإدارية والموظفين في أجهزة الدولة المختلفة، وتسهيل إجراءات المراقبة والمتابعة والمراجعة والتدقيق والمحاسبة من قبل جانب الجهات الرقابية الإدارية والمالية والقانونية وتعزيز دور كل من التدقيق الداخلي والخارجي واستقلاليتهما.

ومن نظريات الحوكمة نظرية التجذر التي يستطيع وكيل الوزارة أو المدير العام للهيئة أو المؤسسة من خلالها تكوين شبكة من العلاقات الرسمية وغير الرسمية، ويستطيع من خلالها التخلص ولو بصفة مؤقتة من مراقبة الوزير أو مجلس الإدارة أو الجهات الرقابية أو المساهمين وأصحاب المصالح لحماية منصبه واستمراره بهذه الوظيفة أطول فترة ممكنة، وكلما كانت علاقاته وجذوره عميقة كان من الصعب اقتلاعه وتغييره! حيث يلجأ وكيل الوزارة أو المدير العام المتجذر إلى استخدام بعض الأساليب الملتوية لتثبيته في منصبه، منها أسلوب قرار التفضيل من خلال تعجيل ووصول الأخبار السارة وتأخير وصول أو ذكر الأخبار السيئة، كذلك تحسين مؤشرات أداء المدى القصير على حساب مؤشرات أداء المدى البعيد بالاضافة إلى ذكر تقييم أفضل التقييمات والملاحظات، وتجنب ذكر أسوأها أمام المسؤولين والجهات الرقابية.

ببساطة يقوم الوكيل أو المدير أو القيادي المتجذر بذكر ما يود ويحب الوزير أو الملاك أو الجهات الرقابية سماعة عن أداء الجهة التي يعمل بها وحاضرها ومستقبلها وتضليلهم وطمس المعلومات والحقائق التي يمكن أن تكون سبباً في مساءلتهم!!

وعليه يجب على السلطة التنفيذية تبني أسلوب ومبادئ ونظام الحوكمة لتعزيز وضمان الافصاح والعدالة والشفافية والمعاملة النزيهة لجميع الأطراف من المساهمين والمستثمرين والمواطنين وأصحاب المصالح من خلال التطبيق العادل للقوانين وفق الإجراءات المنصوص عليها في اللوائح الداخلية للهيئات والمؤسسات والإدارات الحكومية.

إن المتجذرين من وكلاء الوزارات والقيادات الإدارية في السلطتين التنفيذية والتشريعية هم سبب تراجع التنمية في دولة الكويت وتخلف الدولة وتراجع أداء القطاعين العام والخاص فمتى يتم التخلص منهم يا ترى؟!!

ودمتم سالمين.