سعت الوساطة القطرية ــ المصرية إلى الدفع باتجاه كسب المزيد من الوقت بهدف تبريد الحرب غير المسبوقة بين إسرائيل وحركة حماس، عقب نجاح جهودهما في تمديد الهدنة، التي كان من المفترض أن تنقضي فجر أمس، ليومين إضافيين، حتى فجر غد الخميس، للسماح بالإفراج عن المزيد من الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين من النساء والأطفال، وإيصال أكبر قدر من المساعدات والإمدادات الضرورية لسكان غزة.

واستضافت العاصمة القطرية، أمس، مفاوضات مكثفة، بمشاركة رئيس الوزراء محمد عبدالرحمن آل ثاني، ومدير جهاز المخابرات المصرية عباس كامل، ومدير جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) دافيد برنياع، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، الذي أفيد بأنه يضغط على الدولة العبرية و«حماس» من أجل توسيع اتفاق التبادل ليشمل كل المحتجزين في القطاع الفلسطيني، وعددهم نحو 173، بينهم العديد من العسكريين، ومناقشة أمور تتعلق بمستقبله بعد انتهاء الهدنة المؤقتة.

Ad

وذكر مصدر لـ «رويترز»، أن اجتماع الدوحة تناول المرحلة التالية من «الاتفاق المحتمل» بشأن مستقبل إدارة القطاع، الذي تصرّ إسرائيل ومعها واشنطن على عدم القبول باستمرار حكم «حماس» له.

وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إلى أن جهود التمديد مبنية على قدرة الحركة الفلسطينية على مواصلة إطلاق سراح 10 رهائن يومياً.

وفي إشارة إلى احتمال الدخول في مرحلة ضبابية قد تسببت في اندلاع جولة جديدة من القتال، أوضح الأنصاري، أمس، أن الدوحة لا تستطيع التحقق من عدد الرهائن المتبقين بعد الـ20 الذين ستطلق الحركة سراحهم اليوم وغداً، وهما يومان أُضيفا للهدنة التي كان مقرراً أن تستمر 4 أيام.

وتزامن ذلك مع تقارير عن وصول طائرة إدارية قطرية على متنها 8 أشخاص إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، للمرة الثانية منذ السبت الماضي، لإجراء المزيد من المباحثات حول جهود تمديد الهدنة وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وجاءت تلك التطورات في وقت يعتقد أن أي مفاوضات بشأن إطلاق العسكريين الإسرائيليين من غزة سيصطدم بطموح «حماس» والفصائل الفلسطينية إلى تحقيق أكبر مكسب و«تبييض السجون الإسرائيلية» من المعتقلين الفلسطينيين.

في المقابل، جددت حكومة بنيامين نتنياهو تأكيدها أنها وضعت سقفاً للهدنة لا يتخطى 10 أيام، مشددة على أنها ستستأنف القتال بعدها لإنهاء حكم «حماس» للقطاع.

ورُصدت تحركات أميركية نشيطة باتجاه لجم الحرب، التي تسببت في مقتل أكثر من 15 ألف فلسطيني، 75 في المئة منهم من النساء والأطفال، إذ شدد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لنظيره الإسرائيلي يوفي غالانت على «ضرورة عدم اتساع رقعة الحرب» لتشمل أطرافاً إقليمية أخرى في مقدمتها «حزب الله» اللبناني.

وقال مسؤول أميركي إن واشنطن طلبت من إسرائيل الحد من تهجير المدنيين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، والحد من الإضرار بالبنية التحتية إذا وسّعت هجومها البري ليشمل جنوب القطاع الملاصق للحدود المصرية.

وأمس، أعلن البيت الأبيض إرسال 3 طائرات محملة بالمساعدات إلى قطاع غزة عبر مطار العريش المصري، في حين أكد مسؤول أميركي أن إدارة الرئيس جو بايدن أبلغت إسرائيل «بوضوح كبير أنه عند انتهاء مرحلة إطلاق سراح الرهائن هذه، يجب الإبقاء على الوتيرة الحالية لإدخال المساعدات، وفي أفضل الأحوال زيادتها».

وفي تفاصيل الخبر:

عقب نجاح الجهود الرامية لتمديد الهدنة بين إسرائيل و«حماس» يومين إضافيين، حتى فجر غدٍ، للسماح بالإفراج عن مزيد من الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين من النساء والأطفال، وإيصال المزيد من المساعدات إلى غزة، استضافت العاصمة القطرية مفاوضات مكثفة، أمس، بمشاركة مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، دافيد برنياع، ومدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، ويليام بيرنز، ومدير جهاز المخابرات المصرية، عباس كامل، لبحث توسيع اتفاق التبادل ليشمل كل المحتجزين في القطاع الفلسطيني، ومناقشة أمور تتعلق بمستقبله بعد انتهاء الهدنة المؤقتة.

وذكر مصدر لـ «رويترز» أن مديرَي «الموساد» والـ «سي. آي. إيه»، اجتمعا مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في الدوحة لـ «البناء على التقدم» المحرز على صعيد تمديد الهدنة المعلنة التي سرت فجر الجمعة الماضية، وسمحت بالإفراج عن 50 من النساء والأطفال الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح 150 طفلاً وامرأة من الفلسطينيين من سجون الاحتلال ومعتقلاته.

وأوضح المصدر أن مسؤولين مصريين حضروا اجتماع الدوحة، الذي تناول المرحلة التالية من «الاتفاق المحتمل» بشأن مستقبل إدارة القطاع الذي تصرّ إسرائيل ومعها واشنطن على عدم القبول باستمرار حكم «حماس» له بعد تنفيذها الهجوم غير المسبوق على الدولة العبرية في 7 أكتوبر الماضي.

كما نقلت «واشنطن بوست»، عن مصادر مطلعة، أن بيرنز يضغط على إسرائيل و«حماس» من أجل توسيع اتفاق تبادل المحتجزين، ليشمل إضافة إلى الأطفال والنساء بقية المحتجزين من المدنيين والعسكريين.

وسبق ذلك إعلان وزارة الخارجية القطرية أنها «تركّز جهودها» في الوقت الحالي على «تمديد الهدنة»، إلى ما بعد فجر غد الخميس، مشيرة إلى أن عدد الرهائن المفرج عنهم من غزة وصل إلى 69 شخصاً، من أصل نحو 242، وهو ما يعني أن نحو 173 من بينهم العديد من العسكريين الإسرائيليين مازالوا بالقطاع.

وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماجد الأنصاري، الذي تقود بلاده جهود الوساطة، إلى أن جهود التمديد مبنية على قدرة الحركة الفلسطينية على مواصلة إطلاق سراح 10 رهائن يومياً.

وأضاف أن قطر لا تستطيع التحقق من عدد الرهائن المتبقين بعد الـ 20 الذين ستطلق الحركة سراحهم اليوم وغداً، وهما يومان أضيفا للهدنة التي كان مقرراً في البداية أن تستمر 4 أيام.

وذكر المتحدث أنه «سيكون هناك نقاش بشأن الأسرى الإسرائيليين العسكريين المحتجزين بغزة في وقت لاحق»، مضيفاً أن «أولويات الوساطة هي النساء والأطفال».

كما أعلن أن دخول المساعدات إلى قطاع غزة يتم بالكميات المتفق عليها في اتفاق الهدنة.

وتزامن ذلك مع تقارير عن وصول طائرة إدارية قطرية على متنها 8 أشخاص إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، للمرة الثانية منذ السبت الماضي.

وتحدثت أوساط عبرية عن أن الطائرة وصلت عبر مسار دبلوماسي من لارنكا القبرصية، وقالت إنها تحمل وفداً لإجراء مفاوضات تتعلق بجهود تمديد الهدنة وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار.

سقف وطموح

وفي حين ذكرت السلطات الإسرائيلية أنها وضعت سقفاً لاستمرار الهدنة يمتد إلى 10 أيام، إذا استمرت «حماس» في إطلاق سراح نحو 10 من الرهائن يومياً، قال القيادي في «حماس»، خليل الحية، إن حركته تسعى للتوصل إلى اتفاق هدنة جديد مع الدولة العبرية تفرج الحركة بموجبه عن رهائن آخرين غير النساء والأطفال، وفقا لشروط جديدة.

وليل الأحد ـ الاثنين، قال العضو بالحكومة الأمنية المصغرة، الوزير الإسرائيلي جدعون ساعر، إنه تم الاتفاق على التمديد ليومين بموجب شروط العرض الأصلي، وما زالت إسرائيل مستعدة لتمديد الهدنة بشكل أكبر إذا تم إطلاق سراح المزيد من الرهائن.

وأضاف: «سيعرف الإسرائيليون متى تنتهي الهدنة، لأن القتال سيبدأ من جديد فور الانتهاء من إطار استعادة الرهائن».

وتابع: «لدينا كل النية لتنفيذ أهداف الحرب بما يشمل إطاحة حماس في غزة».

لكن مع بقاء عدد أقل من النساء والأطفال المحتجزين في غزة، فإنّ الحفاظ على الأسلحة صامتة بعد الأربعاء قد يتطلب التفاوض لإطلاق سراح بعض الرجال الإسرائيليين على الأقل للمرة الأولى»، وهو ما يفتح المجال لمطالب فلسطينية جديدة قد ترفضها سلطات الاحتلال.

وفي وقت تطمح الفصائل الفلسطينية إلى إفراغ كل السجون والمعتقلات الإسرائيلية من الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح العسكريين المحتجزين في غزة، فإنه من غير المتوقع أن تصل المفاوضات مع الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو إلى نتيجة سريعة.

وأمس الأول، نشرت السلطات الإسرائيلية قائمة إضافية تضم أسماء 50 من الأسرى الذين تستعد لإطلاق سراحهم ضمن اتفاق التمديد، وبرز من بينهم اسم الناشطة عهد التميمي.

معركة وضوابط

ووسط توقعات دولية متشائمة بعودة الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، التي تسببت حتى الآن في مقتل أكثر من 15 ألف شخص بينهم 6150 طفلا و4 آلاف امرأة، فضلا عن إصابة 36 ألفا، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، قال مسؤول رفيع في البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة حثّت الدولة العبرية على اتباع «استراتيجية مختلفة» في جنوب قطاع غزة، عندما تستأنف العمليات العسكرية مجدداً.

ولفت إلى أن واشنطن طلبت من إسرائيل الحد من تهجير المدنيين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، والحد من الإضرار بالبنية التحتية إذا شنّت هجوما في الجنوب، وهو ما من شأنه تخطّي حدود الإغاثة الإنسانية المتوافرة بالقطاع.

وأضاف المسؤول الأميركي أن «واشنطن دعت إلى تركيز العمليات العسكرية في مواقع محدودة النطاق، تضمن حماية المدنيين»، مؤكداً أن إسرائيل «تقبّلت المقترحات».

وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية مختلفة عن فكرة المناطق الآمنة التي اقترحتها إسرائيل، مشدداً على أن الولايات المتحدة «تعارض أي عمليات عسكرية تتسبب في تهجير الفلسطينيين من جنوب القطاع» الملاصق لشبه جزيرة سيناء المصرية.

في موازاة ذلك، دعا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت إلى العمل على السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر بشكل شبه كامل منذ بدء الحرب في 7 الشهر الماضي.

وأكد الوزير الأميركي ضرورة عمل كل «الدول والهيئات التي لا تحمل صفة دول على تفادي اتساع رقعة النزاع الحالي»، في إشارة إلى المخاوف من انضمام إيران والفصائل المتحالفة معها، خاصة «حزب الله» اللبناني، للحرب.

واستعرض أوستن مستجدات «جهود الولايات المتحدة لحماية قواتها ومصالحها عبر ربوع منطقة الشرق الأوسط».

ومع استمرار إسرائيل في رفض الدعوات إلى «وقف إطلاق نار طويل الأمد» مصحوباً بمفاوضات سياسية، رغم القلق الدولي المتزايد بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، أعلن عن استعداد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقيام بجولة إقليمية ثالثة تقوده إلى تل أبيب والضفة الغربية المحتلة، ثم دبي، للقاء زعماء إقليميين على هامش مؤتمر تستضيفه الإمارات.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، في بيان، أن «بلينكن سيناقش المبادئ الخاصة بغزة ما بعد الصراع، إضافة إلى الحاجة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومنع اتساع نطاق الصراع. وفي الضفة الغربية المحتلة، يتوقع أن يلتقي بلينكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس».

وفي تحرّك أميركي لافت، أرسلت الولايات المتحدة إلى مصر 3 طائرات عسكرية محملة بمساعدات إنسانية حيوية لسكان القطاع المكتظ بـ 2.4 مليون نسمة.

وأوضح مسؤولون في البيت الأبيض أن الطائرات ستحمل معدات طبية ومواد غذائية ولوازم للشتاء ستتولى الأمم المتحدة توزيعها.

ولفت المسؤولون إلى أن الرئيس جو بايدن، الذي يصف نفسه بأنه الداعم الأول لإسرائيل، كان كذلك «رأس الحربة في الجهود الدولية للاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة».

وقال أحد المسؤولين إن كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة ازدادت، ووصلنا خلال ما يزيد بقليل على 4 أسابيع، إلى وتيرة 240 شاحنة في اليوم بصورة متواصلة.

وأكد أن المساعدات والوقود «غير مرتبطين بإطلاق سراح الرهائن»، حتى لو «أننا اغتنمنا بالطبع إلى أقصى حد الهدنة الرامية إلى إطلاق سراح الرهائن من أجل إدخال أكبر قدر ممكن» من المساعدات.

وأكد المسؤول، طالبا عدم كشف اسمه «أبلغنا بوضوح كبير أنه عند انتهاء مرحلة إطلاق سراح الرهائن هذه، يجب الإبقاء على الوتيرة الحالية لإدخال المساعدات، وفي أفضل الأحوال زيادتها».

انتهاك الهدنة

ميدانيا، أفادت تقارير بأن الدبابات الإسرائيلية أطلقت قذائف على أهداف بأطراف حي الشيخ رضوان ومخيم الشاطئ بشمال غرب مدينة غزة، في انتهاك جديد للهدنة لم تتضح أسبابه.

وبالتزامن مع دخول الدفعة الـ 30 من المساعدات الإنسانية والإغاثية عبر معبر رفح المصري إلى القطاع، أمس، ذكر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أن حجم المساعدات الطبية التي تم إدخالها إلى غزة حتى مساء الاثنين، بلغ 2812 طناً، بينما بلغ حجم المساعدات من المواد الغذائية 11427 طناً، وحجم المياه 8583 طناً، فضلاً عن 127 قطعة من الخيام والمشمعات، إضافة إلى 2418 طناً من المواد الإغاثية الأخرى.

وأشار رشوان إلى أنه تم إدخال 1048 طناً من الوقود، مضيفاً أن إجمالي عدد الشاحنات التي عبرت من معبر رفح إلى غزة بلغ 2263 شاحنة، منذ بدء جهود الإغاثة عقب اندلاع الحرب.

تهديد الأمراض

في السياق، حذّرت متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية من أن عدداً أكبر من سكان غزة معرضون للموت بسبب الأمراض، مقارنة بالقصف، وذلك إذا لم يتم دعم النظام الصحي في القطاع ليعود إلى طبيعته بسرعة، فيما جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعوته إلى هدنة دائمة والإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى «حماس».

وغداة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، قال غوتيريش إن الفلسطينيين يعانون «أحد أحلك الفصول في تاريخهم»، مشدداً على أن هجوم حماس «لا يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني».