«أنهينا حقبة فساد، ونعيش حقبة ضياع، وتشكيل حكومتك أسوأ تشكيل حكومي بتاريخ الكويت»... كانت تلك عبارة المستجوب النائب مهلهل المضف لرئيس مجلس الوزراء في المحور الثاني من الاستجواب، لنقف عندها، فهل انتهينا بالواقع من حقبة الفساد ونحيا اليوم في حقبة الضياع؟

لم ننتهِ من حقبة الفساد، وحقبة الضياع لم تبدأ مع هذه الحكومة، فالاثنان متلازمان وكلاهما ملتصق بالدولة، لا من بداية تشكيل هذه الحكومة، بل من منتصف الستينيات في القرن الماضي بعد وفاة عبدالله السالم وبداية الانقلابات على الدستور والتلاعب بالدوائر الانتخابية والتركيبة السكانية، وكان منحنى خط الفساد والضياع يصعد للأعلى منذ ذلك التاريخ (وإذا أردنا الدقة، فالفساد شرّع قبل ميلاد الدستور، وكان رسمياً منذ بداية عهد النفط والتثمين، وحتى هذه الساعة).

Ad

صحيح في أوقات محددة تم فضح بعض قضايا الفساد إذا حددنا هذا الفساد بالمفهوم المالي فقط، وكان كشف أكثر تلك القضايا وليد مصادفة سعي فردي، وليس حسب آلية عمل رقابي منتظم من مؤسسات الدولة، كما حدث مع جهد اللجنة الثلاثية في الاستثمارات الخارجية بإسبانيا والناقلات أثناء الاحتلال وبعد التحرير، ومثلها قضايا كثيرة لا يمكن حصرها من «هاليبرتون» وتعاقدات الجيش بداية الألفية الثانية، ثم قضية مدير «التأمينات» ونجم فضحها فهد الراشد، وحتى صندوق الجيش وغسل الأموال وبطلها الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد، أما الفساد الإداري والسياسي فهذا من معالم الدولة، مثل برج التحرير وأبراج الكويت وجسر جابر.

الفساد والضياع هما وجهان لعملة واحدة، فكشف بعض قضايا الفساد لا يعني نهايتها طالما ظل نهج الدولة على حاله، هذا النهج لم يتعدل منذ التحرير وحتى اليوم، هو نهج الإجازة الدائمة للاقتصاد والسياسة.

النهج المأمول يعني التخطيط للمستقبل بتصورات وخيال ذكي مع إرادة وعزيمة لتحقيق الخطط دون الالتفات إلى عوير وزوير وتطلعاتهما الخاصة والمحدودة الرؤية للحظة الحاضرة، وظلت السلطة السياسية طوال الفترة الماضية وحتى اليوم على حالها لا تملك المشروع السياسي الاقتصادي للإصلاح، وليس بجعبتها غير مشاريع التفرّد بالحكم وخلافاتها الخاصة... فهل يجدي هذا أو ذاك الاستجواب في مسائل غير قابلة للاستجوابات بداية؟... أنتم أدرى وأبخص، ودعونا نَقُل بعبارة يائسة إن «الشق عود».