بعد أن تزايد الحديث عن قبول إيران بحلّ الدولتين بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، أعاد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أمس، طرح مقترح استفتاء شعب فلسطين على تأسيس دولة واحدة على كل أراضيها التاريخية عاصمتها القدس، نافياً أي علاقة لإيران بفكرة «رمي اليهود في البحر»، وهي عبارة لا تزال تتردد وتستخدمها الدعاية الصهيونية، لتصورّهم وكيانهم الغاصب بمظهر الضحية.

وقال خامنئي، في تجمّع لقوات الباسيج بحسينية الإمام الخميني: «نؤمن بضرورة إجراء استفتاء في فلسطين والخضوع لرأي الشعب فيمن سيحدد مصيرهم، ومن سيبقى على أراضيهم، ونعتقد أن الحكومة التي ستتشكل بأصوات الشعب الفلسطيني ستقرر بقاء أو رحيل من جاء من دول أخرى».

Ad

وأضاف خامنئي أن «بعض الناس في العالم يتحدثون عن آراء إيران بشأن المنطقة ويقولون زوراً إنها تعتقد أنه يجب رمي اليهود والصهاينة في البحر. وكان بعض العرب يقول إنه يتعيّن رمي اليهود في البحر، لكننا لم نقل هذا أبداً. نحن لا نرمي أحداً في البحر».

وكثيراً ما نسبت جهات اسرائيلية تصريحاً عن رمي إسرائيل في البحر الى الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، لكن بعد التدقيق تبين أن هذه العبارة لم ترد في خطب عبدالناصر إطلاقاً. كذلك تم اتهام أوّل رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد الشقيري، بترديد العبارة، لكن الاخير أعلن في أكثر من مناسبة أنه لم يتلفّظ بها قطّ. وأفادت صحيفة الاخبار اللبنانية المقربة من «حزب الله» في مقال للأكاديمي أسعد بوخليل نشر في 2010، بأن العبارة وردت في خطبة لمؤسس حركة الإخوان المسلمين، حسن البنّا، في مجلّة «المصوّر» المصريّة عام النكبة.

ومقترح خامنئي ليس جديداً، وتم تسجيله في الأمم المتحدة رسمياً أول نوفمبر 2019 برقم 112284، ويتضمن الاستفتاء على تأسيس دولة فلسطينية واحدة في كل أرض فلسطين التاريخية والأصلية وعاصمتها القدس، ويدعو إلى أن تتمتع الحكومة المشكّلة نتيجة الاستفتاء بالحق «في تقرير مصير من جاءوا إلى فلسطين من بلدان شتى مع الاحتلال؛ إما تبقيهم أو تقرر إعادتهم من حيث جاءوا».

وكانت إيران قد صوّتت لمصلحة مشروع قرار عربي في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو لأي هدنة في غزة ويدعم حل الدولتين، وكذلك وافقت على مقررات القمة العربية - الإسلامية في الرياض التي أيّدت هذا الحل، وقد تحفّظ عن بند حل الدولتين كل من تونس والعراق.

اجتثاث الأمركة

واعتبر خامنئي أن «جرائم الصهاينة بغزة فضحت الغرب وشوهت ثقافته وحضارته»، مبيناً أن «عملية طوفان الأقصى حدث تاريخي تم تنفيذه ضد الكیان، لكنّها في الحقيقة ضربت مشروع الأمركة واجتثته، وأدت إلى تغيير جدول واشنطن في المنطقة، ولو استمرت ستمحوه وتقلب الطاولة على سياساته».

وأکد أن «الشرق الأوسط الجديد الذي أرادوا خلقه فشل فشلاً ذريعاً، وأبرزه إنهاء القضية الفلسطينية ومحو اسم فلسطين لمصلحة الكیان الغاصب».

ورأى أن «مآسي الـ 50 يوماً الأخيرة بغزة هي خلاصة 75 عاماً من جرائم النظام الصهيوني في فلسطين، وطوفان الأقصى لا يمكن أن ينتهي، وهم يعلمون أن هذا الوضع لن يستمر».

وقال: «عندما يستشهد 5 آلاف طفل بقنبلة فسفورية، تقول دول غربية إن إسرائيل تدافع عن نفسها، هل هذا هو الدفاع عن النفس؟ هذه هي الثقافة الغربية».

وأشار إلى أن «الأميركيين أرادوا ضمن خريطة الشرق الأوسط الجديد، التي تشمل غرب آسيا، وتقوم على تلبية احتياجاتهم ومصالحها غير المشروعة، تدمير حزب الله، لكنّه أصبح أقوى بـ 10 مرات، کما أرادوا ابتلاع العراق، لكنهم لم ينجحوا، وأرادوا السيطرة على سورية من خلال وكلائهم ومرتزقتهم، داعش وجبهة النصرة، ودعموهم بشكل متواصل لمدة 7 أو 8 أو 10 سنوات، وقدّموا لهم المال والتسهيلات، لكنهم فشلوا».

ووصف خامنئي، الذي نشر فيديو لانضمام المدمرة ديلمان للأسطول البحري الإيراني، قوات الباسیج بأنها «إرث ثمین تركه الإمام الخميني»، مشيراً إلى أنها «أسست لتعزیز إمكانية المقاومة لمواجهة أي خطر وأي تهديد».

وقال خامنئي: «فرضَ الغربيون ثنائيات مزيفة في هذه المنطقة: ثنائية عربي وغير عربي، وثنائية الشيعة والسنة. اليوم وبدلاً من هذه الثنائيات المزيفة والمفروضة سادت المنطقة ثنائية جديدة: المقاومة والاستسلام».

توسّع الحرب

بدوره، شدد وزير الخارجية حسين عبداللهیان علی حق الشعب الفلسطيني، في تقرير مصيره، واعتبر أن الحل الكامل لأزمته يتمثل في إجراء الاستفتاء المسجل رسمياً من إيران لكل السكان الأصليين».

وأبلغ عبداللهيان السفراء الأجانب ورؤساء وممثلي المنظمات الدولية المقيمين بطهران، بأن «الأميركيين أرسلوا رسائل عديدة لإيران، وتحديداً عبر السفارة السويسرية، بأنهم لا يسعون إلى توسيع نطاق حرب غزة، ويريدون من فصائل المقاومة ضبط النفس بشكل يتعارض تماماً مع دعمهم الكامل للكیان الصهيوني»، مؤكداً أنه «في الأسابيع الـ 6 الماضية فقط، أرسلت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية أكثر من 28 رسالة إلى حزب الله، قالت فيها: من فضلكم يُرجى ممارسة ضبط النفس، ومنع تطوّر الحرب ضد إسرائيل».

وتطرّق عبداللهيان إلى الإلغاء المفاجئ لزيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لأنقرة ولقائه نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وبيّن أن «التأخير كان سببه برنامج وجودي ونظيري هاكان فيدان في نيويورك»، مشيراً إلى أن «الحكومة الأميركية تأخرت في إصدار التأشيرات لي وللوفد الإيراني من أجل حضور جلسة مجلس الأمن لمناقشة الحرب في غزة بحضورنا».

وينفي تصريح عبداللهيان، ضمناً، صحة ما أشارت اليه تقارير عن خلافات بين أنقرة وطهران حول غزة، خصوصاً بشأن إبداء أردوغان استعداد تركيا العضو في «ناتو» المشاركة بأي هيكل أمني جديد ينشأ في القطاع بعد الحرب على أساس أنها ضامن للفلسطينيين.