بعد ساعات من نجاح جهود قطرية - مصرية في تمديد اتفاق الهدنة المؤقتة بين «حماس» وإسرائيل ليوم واحد إضافي، ينتهي فجر اليوم، سلّط هجومان منفصلان شنّهما فلسطينيون بمنطقتَي القدس والأغوار، وأسفرا عن مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 10، بينهم 4 في حالة حرجة، الضوء على مخاطر انفجار الوضع في الضفة الغربية المحتلة، خاصة مع بروز تقارير عن تلاشي فرص إبقاء «هدنة غزة» التي صمدت 7 أيام، وسمحت بتبادل محتجزين وإدخال مساعدات للقطاع الفلسطيني المحاصر.

وفي الهجوم الأول، ذكرت الشرطة الإسرائيلية أن مهاجمين فلسطينيين اثنين أطلقا النار على محطة للحافلات خلال ساعة الذروة الصباحية عند مدخل مدينة القدس، مما أدى إلى مقتل 3 وإصابة 8، منهم 4 بحالة حرجة.

Ad

وأضافت أن المنفّذَين وصلا من القدس الشرقية المحتلة في سيارة ومعهما بندقية من طراز إم-16 ومسدس، وبدآ إطلاق النار على المدنيين قبل قتلهما بمكان الحادث برصاص جنديين خارج الخدمة ومدني آخر كان بالقرب من المكان.

وفي الحادث الثاني، أطلقت قوات إسرائيلية النار على سائق سيارة في منطقة الأغوار شرق مدينة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة، بشبهة محاولته دهس جنود عند حاجز عسكري.

وأفادت تقارير بأن إطلاق النار على السائق الفلسطيني أدى إلى مصرعه، بعد إصابة جنديين من قوات الاحتياطي بجراح طفيفة.

ووسط أجواء مشحونة، تداولت منصات عدة فيديو يُظهر مقتل فلسطينية حامل، (من عرب 48)، بعد تعرّضها للطعن من شخص في مدينة اللد، وهي في طريقها لتوصيل أطفالها إلى المدرسة.

وتعليقاً على هجم القدس، قال نتنياهو إن حكومته تعتزم «توسيع توزيع السلاح على الإسرائيليين»، معتبراً أن «الإجراء يثبت نفسه مراراً وتكراراً في الحرب ضد الإرهاب».

وأشار زعيم كتلة الصهيونية الدينية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الى أن الهجوم يذكّر بأن «الأعداء ليسوا في غزة وحدها»، مشدداً على ضرورة «حسم الحرب والانتصار في جميع الجبهات».

واتهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير حركة حماس التي تبنّت الاعتداء بـ «الحديث بلسانين»، داعيا الإسرائيليين إلى «حمل سلاحهم».

وشدد الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني غانتس، على أن هجوم القدس «يعزّز تصميم إسرائيل على مواصلة شن الحرب ضد حماس في غزة».

في المقابل، نعت «حماس» الشقيقين مراد وإبراهيم محمد نمر (38 و30 عاماً)، من بلدة صور باهر، منفذَي العملية الفدائية في مستوطنة راموت بالقدس المحتلة، وقالت إنها «ردّ طبيعي على جرائم الاحتلال»، داعية إلى تصعيد المقاومة.

وتزامن ذلك مع اقتحام قوات إسرائيلية مدينة قلقيلية ومخيم عين السلطان بأريحا وقيامها بمحاصرة منازل لتوقيف مطلوبين، وسط اشتباكات مسلحة غداة يوم دامٍ أسفر عن مقتل 8 فلسطينيين في جنين.

ومنذ بداية العام الحالي، قتل 455 فلسطينياً في الضفة بينهم 247 منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر الماضي.

طريق مسدود

جاء ذلك في وقت تتّجه جهود ترسيخ هدنة غزة أو تحويلها إلى وقف شامل لإطلاق النار نحو طريق مسدود، رغم الحديث عن ضغوط أميركية ومصرية وقطرية لتمديد الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ فجر الجمعة الماضية لمدة يومين، مع الإفراج عن مزيد من المحتجزين وزيادة إيصال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.

وبعد نجاح تمديد الهدنة في اللحظة الأخيرة ليوم سابع، أمس، ذكر رئيس الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أن التمديد الأخير يشمل إطلاق سراح 10 إسرائيليين تحتجزهم «حماس» و30 سجيناً فلسطينياً، إضافة إلى توفير نفس مستويات المساعدات الإنسانية، كما كانت خلال الأيام الستة الماضية.

وعززت فرضية قصر المدة الزمنية التي يمكن أن تمتد لها الهدنة، تقارير عن رفض إسرائيل عرضاً لإطلاق سراح 10 فلسطينيين مقابل تسلم 3 جثامين لإسرائيليين و7 من الأطفال والنساء المحتجزين في غزة لمواصلة وقف إطلاق النار.

وأمس، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إطلاق سراح 102 من المحتجزين في غزة، بينهم 78 إسرائيلياً، والبقية من جنسيات أجنبية، مقابل الإفراج عن 234 من الفلسطينيين وكلهم من النساء والأطفال من الجانبين، مؤكدة التزامها «بإعادة كل المحتجزين، بمن في ذلك العسكريون»، مع تحقيق هدفها بـ «القضاء على حماس».

وتشير تلك الأرقام إلى أن نحو 141 إسرائيلياً، بينهم نحو 100 عسكري، مازالوا محتجزين لدى حركتَي حماس والجهاد اللتين تطمحان إلى إفراغ كل السجون والمعتقلات الإسرائيلية من الفلسطينيين، مقابل صفقة شاملة تتضمن إطلاق سراح العسكريين بعد توقّف الحرب.

تعهّد إسرائيلي

على الجهة المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال استقباله في تل أبيب، إنه تعهّد بالقضاء على «حماس»، مضيفاً «لن يوقفنا أي شيء»، في حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن بلينكن أبلغ نتنياهو بضرورة حماية المدنيين في جنوب قطاع غزة، المكتظ بنحو 1.7 مليون نسمة من السكان والنازحين من شمال القطاع إذا ما استؤنف القتال.

وفي وقت سابق، حضر بلينكن اجتماعاً لحكومة الحرب الإسرائيلية المصغّرة، للضغط باتجاه تمديد الهدنة، وأعرب عن تضامنه مع إسرائيل جراء هجوم القدس، لكنّه شدد على أن الهدنة تؤتي ثمارها في ظل إطلاق سراح المحتجزين في القطاع ودخول المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى أمله في استمرارها.

وقبل لقاء مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، لفت بلينكن إلى أن «الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشدة في حقّها بالدفاع عن نفسها، وسعيها لضمان عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر مجدداً»، في إشارة إلى هجوم «حماس» غير المسبوق الذي أدى إلى مقتل 1200 وإصابة نحو 5000 وأسر 242.

ولاحقاً، انتقل بلينكن إلى رام الله بالضفة الغربية المحتلة، للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

ووسط حديث عن توتر مكتوم بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والدولة العبرية، ذكرت «الخارجية» الأميركية أن «بلينكن حثّ نتنياهو على اتخاذ تدابير فورية لمحاسبة المستوطنين المتطرفين على عنفهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية».

وذكر موقع أكسيوس أن بايدن أكد أنه عازم على ضمان إطلاق سراح «كل شخص» محتجز لدى «حماس» بعد الإفراج عن الرهينة الأميركية ليئات بينين التي كانت محتجزة في غزة ليل الخميس ـ الجمعة.

وكشف الموقع الأميركي أن بايدن أبلغ نتنياهو بضرورة تنفيذ العملية جنوب غزة لتحقيق أهداف إسرائيل.

ميدانياً، أفيد بتحليق طائرات إسرائيلية في أجواء مناطق متفرقة من غزة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 3 فلسطينيين بشمال القطاع بعد «خرقهم للهدنة».

وذكر شهود أن الدبابات الإسرائيلية أطلقت نيرانها على أهداف بشمال القطاع، من دون وقوع إصابات.

جهود دولية

ومع عودة السخونة إلى أجواء الأزمة التي تهدد باندلاع حرب إقليمية أوسع تشمل خصوصا «حزب الله» اللبناني وفصائل إقليمية متحالفة مع إيران، بينها «أنصار الله» الحوثية في اليمن، يتوقع أن تشهد المنطقة حضوراً دولياً ودبلوماسياً مكثفاً بهدف احتواء الصراع، إذ أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيلتقي قادة من الشرق الأوسط في مؤتمر «كوب 28» بالإمارات، قبل أن يزور قطر التي تقود جهود الوساطة بين «حماس» والدولة العبرية.

كما أفيد بأن الرئيس الإسرائيلي يبحث تطورات الحرب مع قادة العالم على هامش زيارة سريعة يجريها للإمارات لحضور «كوب 28».

قطر والبرازيل

في موازاة ذلك، أكد أمير قطر تميم بن حمد والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أهمية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، فضلاً عن أهمية حماية المدنيين وإيصال المساعدات لأهالي القطاع، قبل استقباله الرئيس الألماني فرانك شتاينماير.

وتحدثت تقارير عن انتظار الرئيس الألماني نحو نصف ساعة عند وصوله إلى قطر، حيث مكث في الطائرة طوال هذه المدة قبل مغادرتها لعدم وجود مسؤول قطري في استقباله.

أزمة دبلوماسية

في سياق آخر، استدعت السلطات الإسرائيلية السفير الإسباني لديها للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع لـ «توبيخه»، بعد تشكيك رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز، أمس، باحترام إسرائيل للقانون الدولي الإنساني. وأعلنت تل أبيب سحب سفيرها من مدريد للتشاور.

وكان سانشيز قال إنه يخطط للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسيقنع دول الاتحاد الأوروبي للحذو حذوه.

في سياق قريب، أفادت صحيفة واشنطن بوست بأن البابا فرانسيس أجرى مكالمة هاتفية متوترة مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، قال فيها إنه «لا يمكن الرد بالإرهاب على الإرهاب»، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية التي تسببت في مقتل أكثر من 15300 فلسطيني حتى الآن، فضلا عن تدميرها القطاع وتشريد نصف سكانه. و

وصفت المكالمة بأنها «سيئة جداً»، لدرجة أنها لم يعلن عنها.