أين إيران... وصواريخها؟
أين كانت «جمهورية إيران الإسلامية» المجاهدة وسط معمعة «غزة» التي امتدت قرابة الشهرين، دون ظهور أي مشاركة إيرانية فعّالة ضد إسرائيل؟
منذ سنوات طويلة وإيران «تتحين الفرصة» كما نسمع، لضرب إسرائيل والنيل من «الكيان الصهيوني»، وإعادة الحق إلى نصابه، «وإحقاق الحق وإبطال الباطل»! وقد سنحت الفرصة وربما تضاءلت، ولم تفعل إيران شيئاً، ولا حرّك «الولي الفقيه» ساكناً.
ومن عجب أن إيران التي تتكدس في مخازنها القنابل والصواريخ والمقذوفات والمجنحات، إيران التي قمعت المعارضة وأسكتت الرجال والنساء، و«أخضعت أربع عواصم عربية»، رأيناها ساكتة، فيما يتولى السلاح الجوي الإسرائيلي تسوية المنازل والمخازن والمدارس والمساجد بالأرض، ومن ينام في منزله يكون يوم غد في عداد الموتى... في خرائب غزة.
لقد هددت إيران أميركا وإسرائيل والغرب عموماً ولسنوات، بما أسمته، - خاصة بعد تصفية الجنرال قاسم سليماني - بالزلزال المدمر، فأين هو هذا الزلزال؟ ومتى يحل أوانه؟ وأين من يتمنى التضحية بالروح استشهاداً، من قادة إيران وممن يقولون دائماً إن الجهاد ميدانهم و«يا ليتنا كنا معهم فنفوز فوزاً عظيماً»؟!
إن حركة حماس تنتمي تمويلاً لكل من إيران والإخوان المسلمين، وكان قادة إيران يغترفون الأموال بالملايين لإعطائها لحماس كلما ضاقت بالحركة السبل، وتنقل إيران إلى «حماس» «خبراتها الجهادية» وتيسر لها سبل التعاون مع «حزب الله» كلما استجد عائق!
لا أحد يعرف ما تكلفة «طوفان الأقصى» وما سيحل بغزة شمالاً وجنوباً من دمار لاحق، وكانت ايران تهاجم دوماً الدول العربية المؤيدة للحلول السلمية، وتؤيد استخدام القوة والجهاد والتفجير، وكانت قيادة «حماس» موضع التبجيل والتقدير، وشريكة قيادة «حزب الله» في سياسة استخدام أقصى درجات القوة دون الالتفات إلى أي اعتبار آخر، والآن ما تكلفة إعادة تعمير غزة؟ وما مصاريف هذه الحرب التي محت إسرائيل معالمها من الوجود؟ ومن سيدفعها؟
لقد اتخذت حركة حماس ومن معها قرار الحرب دون استشارة الدول العربية التي لا تكن لها «حماس» في منشوراتها وأدبياتها إلا الاحتقار والتهوين!
وكم ملياراً من الدولارات ستدفعها الحكومة الإيرانية لإعادة تعمير غزة وتعويض سكانها وتغطية مصاريف القتال، وهو القتال والجهاد الذي كانت إيران والإخوان والجهاديون وغيرهم أكثر المطالبين به! كم ستدفع ايران... ومتى؟ وهل ستستشير الشعب الإيراني المقموع؟ ثم هل سيشارك «حزب الله اللبناني» في المرحلة القادمة من القتال ضد إسرائيل؟ وهل تترك حركة حـماس «تنفرد بالمكانة الجهادية»؟
لا أحد يخمن ماذا سيفعل الحزب وقد رأى هذا الدمار المروع في غزة، وقد يــكون نصيبه من الدمار في لبنان أشنع، ولا أحد - وبخاصة شيعة لبنان - يؤيد المشاركة في الحرب بعد تلك التي «ندم» عليها حزب الله نفسه عام 2006 في لبنان، وإن قامت الحرب في جنوب لبنان هذه المرة، بعد أن «فرغت» إسرائيل من تدمير غزة، فستكون المصيبة عظيمة حقاً، كما أن دول الخليج والعالم العربي لن تدفع إلا القليل من المال، لإعادة تعمير لبنان والنبطية وجنوب لبنان وتمويل حروب حزب الله!
أفشل هجوم 7 أكتوبر محاولة عربية لإنجاح حل الدولتين، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مدن فلسطين... وحلّ بغزة وأهل فلسطين اليوم دمار واسع، وخيم على الجميع مستقبل مجهول، فهل هذا البديل يستحق كل هذه التضحيات؟