نقلت وكالة رويترز عن مصادر مصرية وإقليمية قولها إن إسرائيل أبلغت عدة دول عربية رغبتها في إقامة منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة، لمنع أي هجمات مستقبلية عليها، في إطار مقترحات بشأن القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.
وذكرت ثلاثة مصادر إقليمية أن إسرائيل أبلغت جارتيها مصر والأردن، إلى جانب الإمارات، بهذه الفكرة التي طرحت أيضا على السعودية وتركيا.
وقال مسؤول أمني إقليمي كبير، وهو أحد المصادر الثلاثة التي طلبت عدم الكشف عن جنسياتها، «إسرائيل تريد إقامة هذه المنطقة العازلة بين غزة وإسرائيل شمالا إلى الجنوب، لمنع أي تسلل أو هجوم عليها من جانب حماس أو أي مسلحين آخرين».
وأشار عوفير فولك، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسياسة الخارجية، لـ «رويترز»، إلى خطة «تقوم على عملية من 3 مستويات لليوم التالي للقضاء على حماس»، تشمل تدمير الحركة ونزع سلاح غزة والقضاء على التطرف في القطاع، مضيفاً أن «المنطقة العازلة قد تكون جزءا من عملية نزع السلاح».
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة قولها إن نتنياهو أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن إسرائيل ستقيم «منطقة أمنية عميقة» داخل غزة، وستتولى المراقبة الأمنية في القطاع. وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ «رويترز»، إن إسرائيل «طرحت» الفكرة، مجدداً معارضة واشنطن لأي خطة من شأنها تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية.
وقال مصدر أمني إسرائيلي كبير إن فكرة المنطقة العازلة «تجري دراستها»، مضيفا: «ليس من الواضح في الوقت الحالي مدى عمقها، وما إذا كانت قد تصل إلى كيلومتر واحد أو كيلومترين أو مئات الأمتار» داخل غزة.
ومن شأن أي توغل في قطاع غزة، الذي يبلغ طوله نحو 40 كيلومترا، ويتراوح عرضه بين 5 و12 كيلومترا، أن يؤدي إلى محاصرة سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في منطقة أصغر.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن إسرائيل طرحت خلال محادثات الوساطة مع مصر وقطر فكرة نزع الأسلحة من شمال غزة، وإقامة منطقة عازلة في شمال القطاع تحت إشراف دولي، وأفادت المصادر بأن عدة دول عربية تعارض ذلك، مضيفة أن الدول العربية قد لا تعارض إقامة حاجز أمني بين الجانبين، لكن هناك خلافا حول موقعه.
وشبهت المصادر الإقليمية فكرة المنطقة العازلة في غزة بـ «الحزام الأمني»، الذي أقامته إسرائيل في جنوب لبنان لنحو 22 عاماً، وانسحبت إسرائيل من تلك المنطقة التي كانت بعمق نحو 15 كيلومترا عام 2000 بعد سنوات من القتال والهجمات التي شنها حزب الله اللبناني، مضيفة أن خطة إسرائيل لغزة في فترة ما بعد الحرب تتضمن طرد قادة «حماس»، وهو إجراء يشبه الحملة الإسرائيلية على لبنان في الثمانينيات، عندما طردت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تشن هجمات من لبنان على إسرائيل.
وأشار أحد المسؤولين الإقليميين المطلعين على المحادثات إلى أن إسرائيل مستعدة لدفع ثمن باهظ لطرد «حماس» نهائيا من غزة إلى دول أخرى في المنطقة، مثلما فعلت في لبنان، لكنه أوضح أن الأمر ليس مماثلا، مضيفا أن التخلص من «حماس» صعب وغير مؤكد.
ولفت مسؤول إسرائيلي كبير الى أن بلاده لا تعتبر «حماس» مثل منظمة التحرير الفلسطينية، ولا تعتقد أنها ستتصرف مثلها. وقال محمد دحلان، رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق في غزة، المنتمي لحركة فتح التي طُردت من القطاع، بعدما سيطرت «حماس» عليه عام 2007، إن خطة إسرائيل للمنطقة العازلة غير واقعية ولن تحمي القوات الإسرائيلية، مضيفا أن المنطقة العازلة قد تجعل القوات الإسرائيلية هدفا أيضا في المنطقة.
على صعيد آخر، قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن إسرائيل تخطط لاستمرار الحملة ضد «حماس» لمدة عام أو أكثر، مع استمرار المرحلة الأكثر كثافة من الهجوم البري حتى أوائل عام 2024، ونقلت عن أحد الأشخاص المطلعين على خطط الحرب الإسرائيلية قوله: «ستكون هذه حربا طويلة جدا، نحن لسنا قريبين حاليا من منتصف الطريق لتحقيق أهدافنا».
وبحسب تقرير «فايننشال تايمز»، فإن الاستراتيجية المتعددة المراحل تقترح قيام القوات الإسرائيلية، المتمركزة في شمال غزة، بتوغل وشيك في عمق جنوب القطاع الفلسطيني المحاصر، بهدف قتل 3 من كبار قادة حماس، هم يحيى السنوار ومحمد ضيف ومروان عيسى مع تحقيق نصر عسكري «حاسم» ضد كتائب الحركة البالغ عددها 24 كتيبة، وشبكة الأنفاق تحت الأرض، وتدمير «قدرتها على الحكم في غزة».
ويشير التقرير الى أنه بعد ذلك ستكون هناك مرحلة «انتقال واستقرار» ذات كثافة عسكرية أقل، يمكن أن تستمر حتى أواخر عام 2024، مع عدم وضوح موقع القوات البرية الإسرائيلية خلال هذه المرحلة.
ونقلت «فايننشال تايمز» عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه عكس العمليات العسكرية والحروب الإسرائيلية السابقة هذه المرة لن تكون هناك نقطة نهاية ثابتة «فالحَكَم لن يطلق صافرة النهاية وانتهى الأمر».