أحالت لجنة المرافق العامة إلى مجلس الأمة تقريرها الأول عن «مشروع قانون بإلغاء القانون رقم (115) لسنة 2014 في شأن انشاء الهيئة العامة للطرق والنقل البري»، الذي تضمن آراء الجهات الحكومية في الهيئة، وقرار اللجنة الذي انتهى إلى رفض المشروع الحكومي، وإعطائها فرصة بعد تمكينها من أداء عملها.
وأورد التقرير رأي الجهات الحكومية، إذ بين ممثلو وزارة الأشغال العامة أسباب تأييدهم إلغاء الهيئة من عدة جوانب تتعلق بالتطبيق العملي للقانون، ومجلس إدارة هيئة الطرق، والعقبات الإدارية.
«الأشغال»
وقال ممثلو «الأشغال» إنه بصدور القانون رقم (115) لسنة 2014 صدر قرار مجلس الوزراء بنقل بعض الإدارات للهيئة، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه القرارات لم يكن كذلك، مثل عدم نقل إدارة الفحص الفني التابعة لوزارة الداخلية، والتداخل كذلك في الاختصاصات بين كل من الهيئة ووزارتي المواصلات والتجارة، مما استوجب معه العمل على فك التشابك وإلغاء الهيئة.
وأكدوا أن الواقع العملي يثبت عدم جدوى وجود الهيئة وقيام الوزارة بدلاً عنها بكل اختصاصاتها، بالإضافة إلى تعطل المشاريع القائمة وصعوبة الرقابة نتيجة الفصل القائم بين كل من الهيئة والوزارة، موضحين أن وجود الهيئة مدخل لهدر الأموال العامة. وبالنسبة لأعمال مجلس إدارة الهيئة، أوضح ممثلو «الأشغال» أن الهدر القائم هو نتيجة لصرف المخصصات، على الرغم من عدم وجود نصاب وخلو منصبي الرئيس ونائب الرئيس، وعدم قدرة مجلس الإدارة على اعتماد الموافقات المبدئية للمشاريع والمخاطبات الخارجية وقيام «الأشغال» بهذه المهمة بدلاً منه.
وبالنسبة للاختلالات الإدارية في الهيئة، أكدوا أن الهيئة منذ صدور قانون إنشائها خلت من هيكل تنظيمي إداري حتى وقت قريب.
وفيما يتعلق بميزانيات المشاريع المرصودة في الباب الرابع، أوضحوا أنها ما زالت في حوزة «الأشغال»، مما يؤكد عدم تأثر المشاريع القائمة في حال إلغاء الهيئة، خصوصاً في ظل تبعية الموظفين للوزارة حتى الآن، مما يؤكد السلاسة في عملية الإلغاء.
وفيما يتعلق بمصير الموظفين الذين يبلغ عددهم 373 موظفاً، قالوا إن جلهم يتبع «الأشغال» في الأصل و39 فقط عُيّنُوا عن طريق الهيئة، ويمكن التنسيق مع الجهات الحكومية المختلفة بشأنهم وطرق توزيعهم في حال إلغاء الهيئة.
ولخصت «الأشغال» دوافع الإلغاء في ما يلي:
- عدم تحقيق هيئة الطرق الغاية المرجوة من إنشائها نتيجة تداخل الاختصاصات والتشابك بينها وبين وزارة الأشغال، مما يعرقل العديد من المشروعات نتيجة الدورة المستندية الطويلة.
- عدم وجود نظام مالي يحكم عملية نقل الاختصاصات الذي تم بناءً على القانون من «الأشغال» وهيئة الطرق، بحيث لا يزال موظفو الهيئة موظفين لدى الوزارة.
- لم يتم تفعيل الإدارات المنقولة من الوزارات إلى الهيئة.
- عدم وجود جهاز إداري محكم داخل الهيئة، وعدم استمرارية مجالس الادارات المشكلة، بالاضافة الى عدم وجود مدير عام للهيئة.
- عدم اعتراف الجهات الرقابية بها، بحيث ترد المخاطبات مباشرة إلى «الأشغال» لا إلى هيئة الطرق.
هيئة الطرق
أما ممثلو هيئة الطرق، فقالوا إن عدة عقبات حالت دون تفعيل عمل الهيئة سواء كأسباب داخلية فيها أو خارجة عنها، موضحين أنه على المستوى الداخلي كانت العقبة الحقيقية التي شكلت عاملاً مهماً لعدم ممارسة الهيئة لاختصاصاتها وفقاً لقانون انشائها هي عدم وجود هيكل تنظيمي إداري لها حتى وقت قريب، بالإضافة إلى الخلافات التي قامت بين كل من مجلس الإدارة والجهة التنفيذية مما أثر في أدائها، وقصر التفويض الممنوح لرئيسها بصرف الرواتب فقط.
وأما على نطاق أوسع، فأوضح ممثلو الهيئة أن تعنت الجهات الحكومية، وتمسكها بإداراتها وتحصيل الرسوم، والتي كانت يجب أن تنقل وفقاً للقانون أفرغت الهيئة من فاعليتها، ومنها (بلدية الكويت - وزارات المواصلات والداخلية والتجارة).
«الداخلية»
من جهتهم، أكد ممثلو وزارة الداخلية أن قانون إنشاء هيئة الطرق سلب العديد من الاختصاصات من الإدارة العامة للمرور في ظل عدم ممارسة الهيئة كل صلاحياتها.
وطالب ممثلو الوزارة باستعادة كل الإدارات والاختصاصات التي نُقِلَت للهيئة، كذلك المحافظة على هياكلها التنظيمية التي لم تُنقل فعلياً حتى الآن لكونها المدخل الرئيسي لممارسة صلاحياتها وأعمالها مثل (إدارة هندسة المرورــ إدارة الفحص الفني ــ إدارة التحكم بالإشارات المرورية).
«المواصلات»
بدورهم، قال ممثلو وزارة المواصلات، إن جميع الدراسات العالمية وضعت النقل البري ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المطبقة في جميع الدول، مبينين وجود عدة أسانيد تدعم وجود هيئة مختصة بالنقل البري ومنها:
- الدراسة الصادرة في عام 1994 من الأمم المتحدة (المجلس الاقتصادي والاجتماعي) بشأن النقل البري في الكويت.
- الدراسة الصادرة من البنك الدولي بناءً على طلب حكومة الكويت في عام 2002.
- المخطط الهيكلي الثالث للدولة والمعتمد من المجلس البلدي في عام 2008، أكد ضرورة وجود هيئة للنقل البري.
- الاستراتيجية الوطنية للمرور الصادرة من «الداخلية» بالتعاون مع البنك الدولي والمعتمدة من مجلس الوزراء في عام 2009 أوجبت انشاء هيئة للنقل البري بأقرب وقت ممكن.
- الدراسة المشتركة بين بلدية الكويت ومكتب استشاري بريطاني في عام 2010 أكدت ضرورة وجود هيئة للنقل البري.
- مسودة المخطط الهيكلي الرابع للدولة كل بنودها تؤكد ضرورة وجود هيئة للنقل البري.
وأشار ممثلو «المواصلات» إلى ضرورة تطوير قطاع النقل البري بتركيز النظام المتكامل الذي يديره، وعدم التشتت أسوة بدول العالم المتطورة، خصوصاً في ظل ارتباطه باتفاقيات دولية ومنها ما هو قادم، وهي اتفاقية النقل البري الموحد مع دول مجلس التعاون المقرر تطبيقها في يناير 2024.
«المحاسبة»
من جانبهم، أكد ممثلو ديوان المحاسبة أن من الملاحظات المسجلة على الهيئة هي استمرار عدم ممارستها لاختصاصاتها المنصوص عليها في قانون إنشائها، حيث عانت الهيئة العديد من المشاكل الادارية، موضحين أنه في حالة الغاء الهيئة ستواجه الجهات الرقابية معضلة كالتي واجهتها في بداية انشاء الهيئة، وهي صعوبة تقرير الجهة المسؤولة عن المشاريع.
وعن رأي لجنة المرافق البرلمانية، وبعد البحث والدراسة واطلاعها على المشروع بقانون ومناقشة الجهات المختصة تبين لها، عدم اعطاء مجلس الادارة الصلاحيات الكافية لممارسة اختصاصاته، وعدم وجود استقلالية حقيقية مالية أو ادارية لهيئة الطرق، والتخبط الواضح وانعدام الشفافية من مجلس الوزراء في تنفيذ القانون رقم (115) لسنة 2014، وغياب الرؤية الواضحة مما يستدعي العمل على تعديل القانون القائم لمنح الهيئة الفرصة الكافية لتقييم عملها. وأوصت اللجنة بوضع رؤية واضحة لمعالجة الاختلالات الإدارية في الدولة، وتطوير منظومة النقل البري لمحاكاة التنافس الدولي بشأنها، والعمل على تعديل قانون انشاء هيئة الطرق بما يواكب المتغيرات ويحقق الفائدة المرجوة من إنشائها.
رأي «المرافق»
وعلى ضوء ذلك وبعد المناقشة وتبادل الآراء، انتهت اللجنة وبإجماع أعضائها إلى عدم الموافقة على المشروع بقانون والأخذ بالتوصيات الواردة في التقرير.
جدير بالذكر أن مشروع القانون يهدف الى إلغاء القانون رقم (115) لسنة 2014 وتعديلاته، بشأن انشاء الهيئة العامة للطرق والنقل البري في ضوء ما أظهره الواقع العملي من عدم تحقيق الهيئة الهدف المنشود من إنشائها بوجود منظومة نقل بري حديثة وآمنة واقتصادية والإشراف عليها وصيانتها لتحقيق رؤية الدولة نحو تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في هذا المجال.
وبينت المذكرة الإيضاحية للمشروع المقدم أنه في اطار الإصلاحات والتغييرات التي يهدف إليها التوجه الحكومي في دمج وإلغاء بعض الهيئات والمؤسسات والجهات الحكومية بهدف تطوير الخدمات الحكومية وضمان فعاليتها وتوازنها وعدم التشابك في اختصاصاتها وتخفيض النفقات الحكومية وتحميل ميزانية الدولة بأعباء اضافية، والعمل على تقليل الإجراءات بهدف تقليص إجراءات الدورة المستندية بين الهيئات والجهات الحكومية لسرعة إنجاز المشاريع وعدم تأخر تنفيذها، جاء المشروع بقانون في 5 مواد.