علمت «الجريدة»، من مصدر أمني كبير، أن الدوائر الأمنية والعسكرية في إسرائيل تخشى مسيرات شاهد الانتحارية الإيرانية، معتبراً أن هذه المسيرات أصبحت، من وجهة نظر الاحتلال الإسرائيلي، الخطر الأكبر الذي تواجهه المنطقة، إذ إن هذه النوعية من الطائرات من دون طيار التي تنتمي إلى فئة الذخيرة المتسكعة، والتي استخدمت في أوكرانيا، لا يمكن التعامل معها تقنياً، كما يتطلب إسقاطها استخدام المقاتلات أو الصواريخ، وهو أمر مكلف جداً.
وقال المصدر إن حزب الله اللبناني يملك المئات من هذه المسيرات الانتحارية غير المكلفة، وقد أطلق بالفعل بعضها على إسرائيل خلال المواجهات المستمرة منذ 7 أكتوبر على الحدود الجنوبية للبنان، والتي استؤنفت بعد انهيار الهدنة في قطاع غزة.
والعام الماضي، قدرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أسطول الطائرات المُسيرة التي يمتلكها «حزب الله»، بقرابة 2000 طائرة، حصل عليها من إيران، ومن التصنيع المحلي.
ويشير المصدر ذاته إلى أن هذا النوع من المسيرات، أطلق من سورية باتجاه إسرائيل أكثر من مرة خلال حرب غزة وقبلها، على يد الميليشيات الإيرانية أو عناصر «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري المتمركزين في سورية.
وفي إحدى الحوادث المعروفة في بداية حرب غزة، أطلقت مسيَّرة من هذا النوع من سورية ومرت فوق الأردن إلى أن وصلت مدينة إيلات الساحلية على البحر الأحمر، حيث قال الإسرائيليون إنها أصابت مدرسة وألحقت أضراراً بالممتلكات.
وفي اليمن، استخدم الحوثيون هذه المسيرات في هجماتهم على سفن وناقلات مملوكة لإسرائيليين في بحر العرب وفي خليج عدن والبحر الأحمر، وكان آخرها إصابة ناقلة نفط يمتلكها رجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر ما أدى إلى اندلاع حريق على متنها.
ولفت المصدر إلى أن مسيرات «شاهد» استخدمت في الهجوم ضد منشآت أرامكو بالسعودية في سبتمبر 2019، وكذلك ضد دولة الإمارات.
وبحسب المصدر، باتت إسرائيل تمتلك معلومات وافية حول هذه المسيرات، التي تستخدم مرة واحدة وتعمل مثل الصاروخ، وهذا ما كشفته «الجريدة» قبل عامين، مبيناً أن تلك المسيرات تنطلق، بعد تحديد منطقة الهدف، مثل الصاروخ ولا يمكن تعطيلها تقنياً مثل أنواع أخرى من المسيرات، ولذلك فإمكانية مواجهتها ليست سهلة، ويستلزم إسقاطها استخدام منظومات عالية الثمن أو مقاتلة حربية.
وأضاف أنه بسبب طبيعتها المنخفضة السرعة والارتفاع، وصعوبة تمييزها عن الفوضى مع بصمة حرارية ضئيلة، يصعب على منظومات الدفاع الجوي تحييد «شاهد 136» في معظم الحالات، لافتاً إلى أن إسرائيل مازالت تبحث عن حلول لمواجهة تلك المسيرات.
ويشير المصدر إلى أن تزويد إيران للتنظيمات والميليشيات الموالية لها بمسيرات «شاهد» يشكل، من وجهة نظر إسرائيل، خطراً على المنطقة بأسرها، لا على المصالح الأميركية والإسرائيلية فقط، كما يهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر والخليج، لافتاً إلى أن تلك المسيرات استخدمت ضد دول عربية وخليجية، كم استخدم الجيش الروسي بكثافة مسيرات من طراز «شاهد 136» في الحرب على أوكرانيا.
وكانت «الجريدة» كشفت أنه تم إنشاء معمل لتصنيع تلك المسيرات في روسيا بمشاركة إيرانية، وهو ما أعاد الدفء إلى العلاقات بين طهران وموسكو وعزز التحالف بينهما.
وبحسب وكالة أنباء فارس شبه الرسمية المقربة من الحرس الثوري هناك أنواع متعددة من عائلة تلك المسيرات، من بينها «شاهد 129»، وشاهد 136، وشاهد 171، وشاهد 181، وشاهد 191، وشاهد 161، وشاهد 147.
تصعيد كبير في البحر الأحمر
اقتربت نيران حرب غزة من منطقة الخليج مع إعلان الجيش الأميركي اعتراض طائرة إيرانية مسيّرة فوق مياه الخليج، بالتزامن مع إعادة تفعيل جبهتي سورية والعراق، بعد انتهاء الهدنة في القطاع الفلسطيني، في حين ارتفع منسوب التوتر بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب مع إطلاق صواريخ ومسيّرات من اليمن صوب المدمرة الأميركية «كارني» وسفن تجارية في البحر الأحمر بينها سفينة بريطانية.
وجاء الاحتكاك الأميركي ــ الإيراني غداة تلقي طهران أول خسارة بشرية منذ بدء حرب غزة بمقتل مستشارين إيرانيين بقصف يُعتقَد أنه إسرائيلي على دمشق، في حين أفادت المعلومات عن تعرض سفن تجارية ومدمرة أميركية أمس لهجوم بالمسيّرات في مضيق باب المندب.
ونقلت قناة «الجزيرة» عن مصادر يمنية، أن الهجوم أصاب إحدى سفينتين يُعتقَد أنهما إسرائيليتان استهدفتهما جماعة «أنصار الله» الحوثية.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن وزير خارجية عُمان بدر البوسعيدي زار طهران للقاء المسؤولين الإيرانيين، وبينهم نظيره حسين أمير عبداللهيان. وتتزامن زيارة البوسعيدي مع اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في قطر تحضيراً للقمة الخليجية التي تستضيفها الدوحة غداً، وبعد تقرير وكالة بلومبرغ عن عرض سري خليجي لإقناع طهران بعدم توسيع الحرب في المنطقة.
إلى ذلك، وسّع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس الهجوم على قطاع غزة، في حين أعلنت إذاعة الجيش بدء عملية عسكرية برية في منطقة خان يونس جنوب القطاع، في وقت شملت أوامر الإخلاء خلال اليومين الأخيرين ربع مساحة القطاع، وأصبح 80 في المئة من سكانه بمثابة نازحين، حسبما أعلنت مؤسسة أممية.
وليل السبت ــ الأحد، أقر نتنياهو بوجود خلافات مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وبضغوط دولية متزايدة عليه لعدم مهاجمة المنطقة الجنوبية المكتظة بنحو 1.8 مليون نسمة، أغلبهم نزحوا من شمال القطاع.
وتكبّدت إسرائيل خسائر قوية أمس، إذ أعلنت «كتائب القسام» قتل 8 جنود إسرائيليين على أطراف مدينة خان يونس، وتفجير فتحة نفق أرضي في مجموعة من الجنود شرق بلدة بيت لاهيا.
وقبل ذلك بساعات أعلنت «القسام» أكبر هجوم ميداني ضد الجيش الإسرائيلي منذ توغله في غزة، مستهدفة تمركزاً لـ 60 جندياً شرق جحر الديك جنوب مدينة غزة.
وعلى الحدود الشمالية، كشفت تقارير عبرية عن وقوع 11 إصابة من جراء استهداف «حزب الله» اللبناني آلية عسكرية بصاروخ موجّه في بيت هيلل بالجليل الأعلى.
وفي تفاصيل الخبر:
اقتربت نيران حرب غزة من منطقة الخليج مع إعلان الجيش الأميركي اعتراض طائرة إيرانية مسيّرة فوق مياه الخليج بالتزامن مع إعادة تفعيل جبهتي سورية والعراق، بعد انتهاء الهدنة في القطاع الفلسطيني، في حين ارتفع التوتر بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب بعد هجوم كبير استهدف سفناً تجارية ومدمرة اميركية.
احتكاك إيراني - أميركي
وغداة تلقي إيران أول خسارة بشرية منذ بدء حرب غزة بمقتل مستشارين إيرانيين بقصف يعتقد أنه إسرائيلي على دمشق، أعلنت القيادة المركزية الأميركية مساء أمس الأول، اعتراض طائرة مسيّرة إيرانية حلّقت فوق حاملة الطائرات «أيزنهاور» في منطقة الخليج «بطريقة ليست آمنة وغير مهنية».
وقالت القيادة المركزية، في بيان، إن طائرة حربية أقلعت من الحاملة واعترضت المسيّرة الإيرانية، مشددة على أن الأسطول البحري الأميركي سيواصل الطيران والإبحار حيثما يسمح القانون الدولي بذلك.
وقال مسؤول أميركي: «المسيرة الإيرانية حالت دون قيام طائراتنا بالإقلاع والهبوط بسلام على متن أيزنهاور، والمقاتلة الأميركية اكتفت باعتراضها ومراقبتها ولم تتخذ إجراءات عسكرية ضدها».
من جهته، قال قائد القوات البحرية في الجيش الإيراني شهرام إيراني، إن قواته «ترصد تحركات القوات الأميركية» التي دعاها الى أن «تكون حذرة، وإذا ارتكبت أي خطأ، فإنها ستواجه برد صارم».
وأوضح أن القوات الإيرانية تمكنت من مراقبة الحاملة في مضيق هرمز دون أن يشعر الأميركيون بذلك، مشيراً إلى أن إيران ستجري هذا العام مناورات بحرية مشتركة مع روسيا والصين، وأن دولاً أخرى قد دُعيت للمشاركة، مثل عُمان وباكستان والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.
باب المندب
إلى ذلك، تلقت البحرية البريطانية أمس تقارير عن نشاط طائرات مسيّرة وانفجار محتمل في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر. وأوضحت هيئة عمليات التجارة البريطانية أن نشاط الطائرات المسيّرة صدر من اليمن، ودعت السفن القريبة إلى توخي الحذر. وفي وقت لاحق تبين أن ما حدث هو هجوم بالمسيرات والصواريخ استهدف سفنا تجارية ومدمرة أميركية.
وهذا الحادث هو الأحدث في سلسلة هجمات في المياه الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي، كان أبرزها استيلاء جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» المرتبطة بإسرائيل.
زيارة البوسعيدي
وفي حين جدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في اتصال مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيف بوريل، تحذيره من إمكانية توسيع نطاق الحرب إذا لم تتوقف جرائم إسرائيل، يجري وزير خارجية عُمان بدر البوسعيدي زيارة لطهران للقاء المسؤولين الإيرانيين ومن بينهم عبداللهيان.
وتتزامن زيارة البوسعيدي مع اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في قطر تحضيراً للقمة الخليجية التي تستضيفها الدوحة اليوم، وتأتي الزيارة غداة إعلان واشنطن اعتراض المسيّرة الإيرانية فوق مياه الخليج في حادثة هي الأولى بعد أن تركز التوتر منذ بدء حرب غزة في البحر الأحمر وباب المندب، كما تأتي بعد تقرير وكالة بلومبرغ عن عرض سري اقترحته السعودية لإقناع طهران بعدم توسيع الحرب في المنطقة.
جبهتا العراق وسورية
وفي العراق، وللمرة الأولى بعد انتهاء الهدنة، قصف تحالف «المقاومة الإسلامية في العراق» الذي يضم فصائل موالية لطهران، بالمسيّرات الانتحارية، قاعدتي «حرير» في مطار أربيل بإقليم كردستان و«عين الأسد» في الأنبار التي يوجد بها جنود أميركيون، بعد يوم من مطالبة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بحماية المستشارين والخبراء الأميركيين وملاحقة مهاجمي قواعدهم.
إلى ذلك، قال رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري، إنه سيبحث في بغداد سبل تنمية العلاقات العسكرية الثنائية وإجراء مناورات حدودية.
وقال باقري لوزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، إن «التعاون العسكري بيننا لا يزال بعيداً عن النقطة المطلوبة رغم تعدد المجالات والإمكانيات وظروف المنطقة تضاعف أهمية وضرورة التعاون الدفاعي والأمني»، مضيفاً أن «العراق يحظى بأولوية عالية في سياساتنا الخارجية والدفاعية ووجهات نظر ومواقف الحكومة والأمة والمرجعية مهمة للغاية تجاه القضايا الإقليمية والدولية المهمة، وهو ما يمكن رؤيته في مواقف البلدين المتقاربة للغاية بشأن حرب غزة والقضية الفلسطينية».
وعرض باقري تدريب ونقل تجارب الجيش الإيراني التكتيكية والاستراتيجية والفنية إلى القوات المسلحة العراقية، واستعداده لإجراء مناورات إنقاذ بحري ثنائي أو متعدد الأطراف في الخليج.
الأراضي السورية
وفي سورية، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس، إطلاق صاروخ من سورية ضرب مرتفعات الجولان المحتل، مؤكداً أنه رد باستهداف الموقع الذي أطلق منه الصاروخ.
وسقطت عدة قذائف مدفعية في محيط مزارع بيت جن بريف دمشق المحاذية لمزارع شبعا المحتلة، والتي ينتشر فيها مئات المقاتلين من قوات النخبة العاملين تحت إمرة «حزب الله».
وفي حين أكد المرصد السوري استهداف تحركات لميليشيات موالية لإيران على الحدود السورية ــ العراقية، نقلت شبكة «الميادين» المقربة من حزب الله اللبناني عن مصادر أن فصائل المقاومة استهدفت بـ7 قذائف صاروخية مطار خراب الجير بريف الحسكة.