كانت نيوزيلندا تُعرف بصورة أساسية في الخارج بماشيتها ونبيذها وفريق الرُكبي النيوزيلندي، وذلك في يوم من أيام شهر سبتمبر 1998 عندما هبطت مروحية كان يستقلها المخرج بيتر جاكسون في مزرعة أسرة مترامية الأطراف، على بُعد نحو 100 ميل جنوب أوكلاند.
وكان قطاع السينما في البلاد مسألة أخرى: فعلى الرغم من أن نيوزيلندا قامت بإنتاج عدد من الأفلام الناجحة مثل «هيفنلي كريتشرز» للمخرج بيتر جاكسون و«ذا بيانو» الحائز على جائزة أوسكار للمخرجة جين كامبيون، فإنها كانت تقريباً بعيدة عن تفكير استوديوهات هوليوود كما كانت بعيدة عن هوليوود نفسها.
ولكن ذلك الأمر على وشك التغير.
فقد ذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن المزرعة الوفيرة التي وصل إليها جاكسون ستصبح قريباً مسرحاً لفيلم «ذا لورد أوف ذا رينغز - سيد الخواتم»، أحد أكثر سلاسل الأفلام طموحاً وربحاً.
وبعد عقدين من إصدار فيلم «ذا ريتيرين أوف ذا كينغ - عودة الملك» الحائز على جائزة الأوسكار من ثلاثية سيد الخواتم، أصبحت نيوزيلندا تقوم بدور أساسي في صناعة السينما عالمياً.
وتقول جاسمين ميليت، مديرة الصناعات الإبداعية بوكالة «تاتاكي أوكلاند أنليمتد»، والمعنية بدعم مجال صناعة الأفلام في المنطقة «هذا الفيلم وضعنا على الخريطة»، وأضافت «بدأ الناس يفكرون في نيوزيلندا، ويريدون زيارتها بصورة لم تكن لتحدث بدون هذه الأفلام».
وحصلت ثلاثية سيد الخواتم، المقتبسة من رواية «ذا لورد أوف ذا رينغز» للمؤلف جيه آر آر تولكين على 30 ترشيحاً لجوائز أوسكار، وفازت بـ 17 جائزة، وحققت إيرادات تقترب من 3 مليارات دولار في شبابيك التذاكر في أنحاء العالم.
كما أنها شهدت عرضاً لتكنولوجيات حديثة في مجال المؤثرات الخاصة وأنظمة البرامج، وتطوير استخدام التقاط الحركة لتحريك الشخصيات الرقمية.
وحُظيت الأفلام بنجاح كبير، مما دفع القائمين على الانتاج لإصدار ثلاثية أخرى حازت على جائزة أوسكار هي «ذا هوبيت» وذلك بعد عقد من الثلاثية الأولى.
وقد اجتذبت المرزعة، التي حوّلها العاملون مع بيتر جاكسون مقراً لكل ما له علاقة بـ«ذا هوبيت»، نحو 650 ألف زائر سنوياً، مما جعلها أبرز المقاصد السياحية في البلاد التي كانت تُمثّل السياحة 20% من عائدات صادراتها قبل جائحة كورونا.
وقبل جائحة كورونا، قال نحو واحد من بين كل خمسة زوار إن قرارهم للقدوم نيوزيلندا كان بسبب أفلام هوبيت.
ويقول شاين فورست، المدير العام للسياحة في موقع تصوير ذا هوبيت، المزرعة التي تبلغ مساحتها 12 هيكتاراً «الثلاثية مجرد إعلان كبير لنيوزيلندا».
وأضاف «صناع الأفلام الذين انتجوا هذه الأفلام، بيتر جاكسون وفريقه، جميعهم من نيوزيلندا، لذلك لقد أظهروا نيوزيلندا مركزاً إبداعياً يُمكن أن يُعزز من ثقله في الساحة الدولية».
وتوضح ميليت أن التحول من ما يطلق عليه مسلسلات «السيوف والصنادل» مثل «أكسينا: ورير برينسيس» و«هيركليز: ذا ليجندري جيرنيز» إلى قصص أكثر عمقاً بدأ بفيلم «ذا بيانو» الذي حاز على ثلاثة جوائز أوسكار، وكان الأعلى إيراداً في نيوزيلندا عندما صدر في عام 1993.
وقالت ميليت فيما يتعلق بفيلم «ذا بيانو»، الذي تم تصويره بصورة كبيرة داخل أوكلاند وحولها «لقد جعلنا الأمر نُفكر، ما هي قصصنا؟ كيف يُمكن أن نعمل كصناع أفلام، ما هي سمتنا المميزة في هذه المهنة؟».
وأضافت «لذلك عندما جاء بيتر بفرصة لتصوير أفلام ذا لورد اوف ذا رينغز، كان يعرف أن هناك أرضاً مليئة بالمواهب موجودة هنا بالفعل».
وأوضحت «هذا كان بمثابة الإعداد، الذي أعطاه الثقة ليقول أستطيع أن أصنع هذه الثلاثية في نيوزيلندا، لا أحتاج للذهاب إلى مكان آخر».
وقال ديفيد ويلكس، المدير العام لورشة ويتا «بالطبع كان يُمكن لبيتر أن يتوجه للخارج ويصنع أفلاماً على المسرح العالمي».
وأضاف «ولكن هو أراد أن يرسخ جذوراً هنا ويُقيم قاعدة، وأحد الأمور التي نفخر بها أننا الآن قمنا ببناء مسيرة إبداعية مستدامة لمجموعة من الحرفيين».
وأضاف «نيوزيلندا لديها صناعة أفلام منذ فترة طويلة»، موضحاً «لكن فيلم لورد اوف ذا رينغز عزز ما يُمكن أن نقوم به على المسرح العالمي».