عكست العقود الآجلة للنفط مسارها بعد ارتفاع، فترة وجيزة، صباح الاثنين وسط ضغوط مستمرة بسبب قرار «أوبك +»، وعدم اليقين بشأن نمو الطلب العالمي على الوقود، لكن مخاطر تعطل الإمدادات بسبب الصراع في الشرق الأوسط حدت من الخسائر.
ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 73 سنتاً، بما يعادل 0.9 في المئة، إلى 78.15 دولاراً للبرميل، فيما بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 73.43 دولاراً للبرميل منخفضة 64 سنتاً، أو 0.8 في المئة.
وهبطت أسعار النفط أكثر من 2 في المئة الأسبوع الماضي بفعل شكوك المستثمرين بشأن مدى تخفيضات الإمدادات التي تنفذها منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وحلفاؤها بما في ذلك روسيا، في إطار مجموعة «أوبك +»، والمخاوف بشأن تباطؤ نشاط التصنيع العالمي.
وكانت تخفيضات «أوبك +» التي أعلنت يوم الخميس طوعية بطبيعتها، مما أثار الشكوك حول ما إذا كان المنتجون سيعملون بها بالكامل أم لا، والمستثمرون غير متأكدين أيضاً من كيفية قياس هذه التخفيضات.
وكانت الاعتبارات الجيوسياسية أيضاً في مقدمة اهتمامات المستثمرين مع استئناف القتال في غزة. وقال الجيش الأميركي، اليوم الأحد، إن ثلاث سفن تجارية تعرضت لهجوم في المياه الدولية بجنوب البحر الأحمر، في حين أعلنت جماعة الحوثي اليمنية مسؤوليتها عن هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على سفينتين إسرائيليتين في المنطقة.
وقالت تينا تنغ المحللة في «سي.إم.سي ماركتس»، إن استئناف الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) غذى زخم صعود أسعار النفط.
ضم إيسيكيبو
من ناحية أخرى، صوت الناخبون في فنزويلا الأحد على ضم منطقة إيسيكيبو الغنية بالنفط والخاضعة لإدارة غويانا المجاورة إلى بلادهم، في استفتاء استشاري نظمته كراكاس لإضفاء شرعية على مطالبتها بهذه المنطقة.
وفاز أنصار ضم المنطقة بأكثر من 95% من الأصوات في الاستفتاء الذي شمل خمسة أسئلة بهذا الصدد، على ما أفادت لجنة الانتخابات الوطنية بدون أن تحدد نسبة المشاركة.
وأثنى رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو على فوز «كاسح» وقال «حققنا الخطوات الأولى من مرحلة تاريخية جديدة في الكفاح من أجل ما يعود لنا، من أجل استعادة ما تركه لنا المحررون».
ولم يلاحظ صحافيو وكالة فرانس برس في كراكاس وسيوداد غويانا عاصمة منقطة فنزويلا المتاخمة لإيسيكيبو خلال يوم الأحد سوى حضور معتدل للناخبين في مراكز التصويت.
وأفادت لجنة الانتخابات الوطنية أنه تم الإدلاء بحوالى 10.5 ملايين «صوت» في الاستفتاء الذي دعي نحو 20.7 مليون ناخب للمشاركة فيه.
ودار جدل حول عدد الأصوات هذا في غياب أي إعلان رسمي عن المشاركة، إذ اتهمت المعارضة السلطة بمحاولة حجب نسبة مقاطعة مرتفعة، مشيرة إلى أن 10.5 ملايين «صوت» لا يعني أن 10.5 ملايين شخص أدلوا بأصواتهم.
من جهته، قال مدير معهد «داتا أناليسيس» لاستطلاعات الرأي لويس فيثنتي ليون «من الصعب جداً فهم نتائج كهذه».
ولم تعلن لجنة الانتخابات الوطنية في الوقت الحاضر عدد الذين أدلوا بأصواتهم، رداً على اسئلة وكالة فرانس برس.
وتضمن الاستفتاء خمسة أسئلة شملت مقترحات لتأسيس ولاية فنزويلية يطلق عليها «غويانا إيسيكيبو» ومنح سكانها الجنسية الفنزويلية إضافة إلى الدعوة لرفض الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية التي توجهت إليها غويانا بشأن المنطقة المتنازع عليها.
وإن كانت المعارضة تطالب بصورة إجمالية بالسيادة على إيسيكيبو، إلا أنها أبدت تحفظات وهي مترددة ما بين قناعاتها وعزمها على عدم دعم السلطة قبل الانتخابات الرئاسية المزمعة في 2024.
واعتبرت أبرز شخصيات المعارضة ماريا كورينا ماتشادو التي تأمل بمنافسة مادورو على الرئاسة، أن الاستفتاء محاولة «لتشتيت الانتباه» وسط الأزمة المخيمة في البلاد.
«لا شيء يدعو للخوف»
وأكدت كراكاس أنها لا تبحث عن مبرر لغزو أو ضم المنطقة الشاسعة كما تخشى غويانا حيث شكل آلاف الأشخاص سلاسل بشرية تعبيراً عن تمسكهم بالمنطقة.
وأكد رئيس غويانا عرفان علي الأحد لمواطنيه أن «لا شيء يدعو للخوف في الساعات والأيام والأشهر القادمة».
وأضاف «خطنا الدفاعي الأول هو الدبلوماسية وموقفنا قوي جدا في خط الدفاع الأول»، مشيراً إلى أن بلاده تحظى بدعم دولي واسع النطاق وداعياً كراكاس إلى «النضوج والتحلي بالمسؤولية».
وتصاعد التوتر في الأشهر الأخيرة إثر تنظيم غويانا مناقصات في سبتمبر مرتبطة بعدة مناطق بحرية للتنقيب عن النفط وبعدما أُعلن في أكتوبر عن اكتشاف رئيسي جديد.-
«حسّ منطقي»
وتطالب فنزويلا منذ عقود بالسيادة على المنطقة البالغة مساحتها 160 ألف كيلومتر مربع أي أكثر من ثلثي مساحة غويانا، وعدد سكانها 125 ألف نسمة يمثلون خمس إجمالي عدد السكان في البلد.
وتؤكد كراكاس بأن نهر إيسيكيبو الواقع شرق المنطقة يجب أن يشكل الحدود الطبيعية بين البلدين كما أُعلن عام 1777 في ظل الحكم الإسباني، وبأن المملكة المتحدة استحوذت على أراض فنزويلية بشكل خاطئ في القرن التاسع عشر.
من جانبها، تؤكد غويانا التي تملك احتياطات نفطية هي من الأعلى في العالم للفرد، أن الحدود أقيمت في حقبة الاستعمار البريطاني وثبتتها محكمة تحكيم عام 1899، ورفعت شكوى إلى محكمة العدل الدولية التي تعدّ أعلى هيئة قضائية أممية، طالبة المصادقة على ذلك.
كما طلبت جورجتاون محكمة العدل حظر الاستفتاء الذي اعتبرت أنه يرقى إلى انتهاك للحقوق الدولية، لكن من دون جدوى.
وأعرب رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا متحدثا من دبي حيث يشارك في قمة كوب 28 عن «أمله بأن يطغى الحس المنطقي».
وقال متحدثا قبل ورود نتائج الاستفتاء، «إن كان هناك أمر العالم وأميركا الجنوبية بغنى عنه، فهو اضطرابات».