في ثالث عملية من نوعها منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، استهدفت القيادة المركزية الأميركية ليل الأحد - الاثنين مقر حركة النجباء العراقية الموالية لإيران في محافظة كركوك وقتلت 5 من عناصرها، تزامناً مع إسقاطها عدة طائرات مسيرة، خلال تقديمها الدعم لسفن تجارية في البحر الأحمر استهدفتها هجمات من اليمن.
وأوضح مسؤول عسكري أميركي أن «الضربة الأميركية في العراق شنت دفاعاً عن النفس ضد تهديد وشيك، واستهدفت موقع إطلاق طائرات مسيرة في محافظة كركوك».
وبغياب مسؤولين رسميين شيعت «النجباء»، المنضوية في تحالف المقاومة الإسلامية العراقية، الذي يتبنى الهجمات على الأميركيين في سورية والعراق منذ 7 أكتوبر، ضحايا القصف الأميركي في شارع فلسطين ببغداد، أمس، بحضور مجاميع من قيادات الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الموالية لإيران، التي أكدت «ثباتها في مواجهة القوات الأميركية المحتلة، واستمرارها في توجيه المزيد من الضربات الموجعة حتى إخراجها مذلولة مدحورة».
وقال زعيم الحركة أكرم الكعبي، في بيان، «ليعلم المحتل الآثم أن استشهاد ثلة من المجاهدين لا يزيدنا إلا إصراراً وثباتاً ويوقد جذوة الثأر في قلوبنا»، مضيفا: «قسما بالأيتام ودموع الأمهات الثكالى وقلوب ذويهم المستعرة ودماء الشهداء ستدفعون ثمن جريمتكم باهظاً، فالعراق عراقنا، والأرض أرضنا أيها المارقون الغزاة المجرمون، وسنطهرها قريبا من دنسكم ونحررها من استعماركم».
وجاءت العملية غداة اتصال أبلغ فيه رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رفضه أي «اعتداء» على الأراضي العراقية.
وقبل أسبوعين، استهدفت القوات الأميركية عناصر من «كتائب حزب الله العراق» في العراق بمنطقتي أبوغريب وجرف النصر، وقتل أكثر من 10 منهم، مؤكدة أنها ردت بذلك على 76 عملية، استهدفت قواعدها وقواتها بالعراق وسورية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي.
وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية نفذت الفصائل المدعومة من إيران 4 هجمات بطائرات مسيرة والصواريخ استهدفت قاعدتي حرير بمطار أربيل وعين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، وقاعدتين في العمق السوري هما خراب الجير والقرية الخضراء.
وأكد المرصد السوري أن طائرة مسيرة هاجمت قاعدة حقل العمر النفطي، أكبر القواعد الأميركية في سورية، واستهدفت منطقة مساكن الجنود، موضحا أن هذا الهجوم هو الـ12 على القرية الخضراء، ورقم 48 على قواعد التحالف الدولي منذ 19 أكتوبر.
وفي اليوم السابق، تبنى التحالف استهداف القوات الأميركية بقاعدة خراب الجير في ريف الحسكة الشمالي برشقة صاروخية كبيرة، وكذلك قادتها في منطقة حرير في أربيل رداً على العدوان الإسرائيلي على غزة.
في موازاة ذلك، استكمل رئيس الأركان الإيراني محمد باقري زيارته لبغداد بلقاء الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وبحث تطوير العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية والقضايا الامنية.
رد إيراني
وفي إيران، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني على أن قيام إسرائيل بقتل اثنين من مستشاري الحرس الثوري في سورية السبت لن يمر دون رد، قائلا: «لن يمر أي عمل ضد مصالح إيران، وقواتنا الاستشارية في سورية، دون رد، وقد تمت تجربة هذه القضية بالفعل».
وفي الثاني من ديسمبر، أعلن الحرس الثوري مقتل مستشارين عسكريين بسورية في هجوم إسرائيلي، في أول خسائر بشرية إيرانية يتم إعلانها خلال الحرب في غزة.
واعتبر كنعاني أن «النظام الصهيوني يحاول تعويض فشله الفادح في عملية طوفان الأقصى، بالانتقام من أهل غزة وقتل أكثر من 16 ألفا، أكثر من 70% منهم أطفال ونساء»، مؤكداً أن «واشنطن وقفت فعليا إلى جانب هذا النظام في كل عمليات القتل والمآسي هذه، بدلا من ردعه، وزودته بالمعدات وملأت أيديه بالسلاح لمواصلة جرائمه».
وأشار إلى أن الجولة الجديدة «من الهجمات العسكرية والعدوانية للنظام الصهيوني بدأت بعد توقف قصير لمدة سبعة أيام، وصادف أن وزير الخارجية الأميركي كان حاضراً في غرفة الحرب بتل أبيب».
وتطرق للهجمات على القوات الأميركية في سورية والعراق والبحر الأحمر، مؤكداً أن إدارة الرئيس جو بايدن «لا تستطيع توجيه رد فعل الحكومات وجماعات المقاومة في المنطقة إلى أي شخص آخر غير نفسها. فوجود الأميركيين في المنطقة يزعزع الأمن، ودعمهم الكامل للصهاينة يزعزع استقرار المنطقة وأمنها».
البحر الأحمر
ونفى كنعاني إرسال إيران طائرات مسيرة إلى اليمن، ليستخدمها حلفاؤها الحوثيون في استهداف السفن بالبحر الأحمر، مؤكدا أن هذه مزاعم لا أساس لها، وهي مسعى لصرف أنظار العالم عن الجرائم الإسرائيلية في غزة.
في المقابل، أكدت القيادة المركزية الأميركية وقوع أربع هجمات على ثلاث سفن تجارية في المياه الدولية بالبحر الأحمر، وألقت باللائمة فيها على إيران، متوعدة بالرد على جماعة الحوثي بالتعاون مع الشركاء الدوليين.
وأوضحت القيادة الأميركية أن المدمرة كارني استجابت لطلبات استغاثة من سفن تجارية، وقدمت المساعدة بعد أن رصدت في الهجوم الأول صاروخا مضادا للسفن أطلق من مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن على السفينة يونيتي إكسبلورر، مضيفة أن المدمرة الأميركية أسقطت طائرة مسيرة أطلقت من مناطق سيطرة الحوثي باتجاه كارني.
وفي هجوم آخر، تصدت كارني لطائرة مسيرة خلال تقديمها المساعدة للسفينة يونيتي اكسبلورر، التي تعرضت لضربة بصاروخ من مناطق سيطرة الحوثيين.
وأكدت القيادة الأميركية أن السفينة رقم 9 تعرضت لهجوم بصاروخ أطلقه الحوثيون، ما أسفر عن أضرار لكن لم تقع إصابات، كما أطلقت السفينة صوفي نداء استغاثة لتعرضها للإصابة بصاروخ لكن لم تحدث أضرار ملموسة.
وأوضحت أن هذه الهجمات تشكل تهديدا مباشرا للتجارة الدولية وأمن الملاحة، مضيفة: «لدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن هذه الهجمات التي رغم شنها من جانب الحوثيين من اليمن، لكنه جرى تمويلها بالكامل من إيران، وستدرس الولايات المتحدة كل الردود المناسبة بالتنسيق الكامل مع حلفائها وشركائها الدوليين».