غوتيريش يفعّل «المادة 99» في وجه وحشية إسرائيل بغزة
• واشنطن تطلب إنهاء الحرب خلال أسابيع وترفض منطقة عازلة
• جيش الاحتلال يحاصر آلاف المدنيين في مدرسة للأونروا
• اشتباكات بين قوات إسرائيلية ومسلحين فلسطينيين في رام الله تزامناً مع زيارة مستشار نائبة بايدن
في أعقاب إجراء أممي نادر، فجّر تفعيل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «المادة 99» من ميثاق المنظمة الدولية، للمرة الأولى منذ توليه المنصب عام 2017، للمطالبة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة والتحذير من تهديد الحرب الوحشية التي تشنها الدولة العبرية منذ 62 يوماً للأمن والسلم الدوليين، غضباً إسرائيلياً بلغ حد اتهامه بـ «الانحطاط الأخلاقي».
وسارعت إسرائيل إلى التنديد بتلك الخطوة متّهمة غوتيريش بدعم حركة «حماس»، في وقت اعتبر وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين، أن ولاية الأمين العام للمنظمة الدولية «تهديد للسلم العالمي».
وإذ أكد متحدث باسم حكومة الحرب الإسرائيلية المصغرة «الكابينيت» بزعامة بنيامين نتنياهو معارضتها لأي دعوة لوقف إطلاق النار، قال إن وقف الحرب «ممكن فقط في حال استسلام حماس وإطلاق سراح باقي الرهائن المحتجزين في غزة وعددهم 138».
وفي وقت لا يتوقع أن يتمكن أعضاء المجلس الدولي المكون من 15 دولة من اتخاذ قرار ملزم بوقف شامل ودائم للحرب وسط استمرار الدعم الأميركي الثابت لتل أبيب من أجل إكمال أهداف معركتها المعلنة بتدمير القدرات العسكرية والسياسية لحماس، وزعت الإمارات مشروع قرار يطالب بـ «هدنة إنسانية فورية».
وقبل انعقاد الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن اليوم لمناقشة رسالة غوتيريش، أيّد كل من وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ورئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس التفعيل النادر للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
ودعا بوريل دول الاتحاد الأوروبي والشركاء إلى تأييد دعوة غوتيريش الموجهة للمجلس الدولي من أجل «استخدام كل نفوذه لمنع كارثة إنسانية» في القطاع.
وتنص المادة 99 من الميثاق الأممي، الذي وقّع منتصف 1945 في سان فرانسيسكو، على أن «للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين».
ومع تنامي الضغوط الدولية للجم الحرب التي تسببت في مقتل 17177 فلسطينياً وإصابة 46 ألفاً بينهم 350 سقطوا في هجمات إسرائيلية، أمس، أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد لـ«الكابينيت» الإسرائيلي خلال زيارته الأخيرة أن إدارة الرئيس جو بايدن تعتقد بأن الصراع يجب أن ينتهي في غضون أسابيع، لا أشهر، بينما عبّر البيت الأبيض عن رفض واشنطن إقامة منطقة عازلة، إذا كانت داخل حدود غزة.
وفي تفاصيل الخبر:
غداة إحالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رسمياً الأزمة التي يشهدها قطاع غزة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفقاً للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، وحثه أعضاءه على العمل الفوري من أجل وقف الحرب الوحشية التي تشنها الدولة العبرية منذ 62 يوماً على المنطقة الفلسطينية المحاصرة لتفادي كارثة إنسانية وأزمة تهدد الأمن والسلم العالميين، أكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، أن تل أبيب ترفض أي دعوة لوقف إطلاق النار رفضاً قاطعاً لأن هذا يصب في مصلحة «حماس».
وقال المتحدث، إن الجيش الإسرائيلي يتقدم في جنوب غزة ويحاصر منزل زعيم الحركة الإسلامية في القطاع يحيى السنوار، الذي تصفه إسرائيل بأنه «مهندس» الهجوم غير المسبوق عليها في السابع من أكتوبر الماضي.
وأضاف أن قوات الاحتلال اخترقت خطوط «حماس» الدفاعية في جباليا والشجاعية شمال القطاع.
وتابع: «يمكننا إنهاء الحرب في غزة بشرطين، الإفراج عن كل المختطفين وإعلان حماس استسلامها».
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية تمارس ضغوطاً كي يتمكن الصليب الأحمر من زيارة الرهائن في غزة، مؤكداً أنه يجب على الأمين العام للأمم المتحدة «دعم الجهود لتقويض حكم حماس في غزة».
مجلس الأمن يجتمع اليوم لبحث رسالة غير مسبوقة من الأمين العام للأمم المتحدة ومشروع هدنة إماراتية
ووسط توقعات بأن يجتمع مجلس الأمن الدولي اليوم الجمعة لبحث رسالة غوتيريش، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، أنّ «ولاية غوتيريش تمثّل تهديداً للسلام العالمي. إنّ مطالبته بتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة والدعوة لوقف لإطلاق النار في غزة يشكّلان دعماً لمنظمة حماس الإرهابية وانحطاطاً أخلاقياً جديداً».
وتمنح المادة 99 الأمين العام صلاحية «لفت انتباه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين».
وحظيت دعوة غوتيريش بدعم دولي لافت. وأيد كل من وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس التفعيل النادر للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
كما أعرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن «دعمه الكامل» لموقف غوتيريش.
وتزامن ذلك مع دعوة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى جانب ممثلين لنحو خمسين دولة ومنظمة دولية، إلى احترام القانون الدولي في غزة، وإلى «هدنة إنسانية جديدة فورية ودائمة» تؤدي إلى وقف شامل لإطلاق النار.
المنطقة العازلة والمهلة
في موازاة ذلك، حذر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، تعليقاً على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إسرائيل من أن تعمد عرقلة إغاثة المدنيين قد يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي.
في موازاة ذلك، حذرت الولايات المتّحدة التي عرقلت في السابق محاولات وقف إطلاق النار من أنّ طرح مشروع قرار جديد، وزعته الإمارات على أعضاء مجلس الأمن الدولي، للتصويت «لن يكون مفيداً في هذه المرحلة»، مفضّلة العمل «على الأرض».
وكرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، دعمه لإسرائيل، وقال إنها تتخذ المزيد من الخطوات لحماية المدنيين مع توسيع هجومها على جنوب غزة.
لكن تجديد واشنطن دعمها الثابت لحليفتها الرئيسية في المنطقة تزامن مع نقل صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن مسؤولين أميركيين القول، إن بلينكن أبلغ مسؤولين في حكومة الحرب الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتقد أن الصراع يجب أن ينتهي خلال أسابيع لا أشهر.
وقال الأميركيون، إن المسؤولين الإسرائيليين أعربوا لبلينكن عن اهتمامهم بالعودة إلى الحياة الطبيعية حتى لا تتعرض البلاد لضربة اقتصادية، لكنهم لم يقدموا في الوقت ذاته ضمانات حول أمد الصراع.
من جهته، قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، إن الولايات المتحدة ناقشت مع إسرائيل جدولها الزمني للحرب ومعالجتها للقضية التي تتجاوز الوسائل العسكرية، لافتاً إلى أن البيت الأبيض لا يمكنه تحديد المدة الزمنية لفترة انتقالية يحتاجها القطاع بعد انتهاء الحرب وتوجد فيها القوات الإسرائيلية على أراضيه.
في السياق، أشار الصحافي الفرنسي الخبير في شؤون الشرق الأوسط جورج مالبرونو إلى توضيحين أميركيين مهمين للمرحلة المقبلة هما أولاً أن واشنطن تعارض إنشاء منطقة عازلة إسرائيلية داخل القطاع الفلسطيني، وثانياً أن الولايات المتحدة تعترف بأنه ستكون هناك فترة «انتقالية» في غزة بمجرد انتهاء الحرب.
معارك وغليان
ميدانياً، تواصلت المعارك العنيفة على عدة محاور في قطاع غزة بين مقاتلي حركة حماس والجيش الإسرائيلي الذي يسعى للسيطرة على مدينة خان يونس.
وشنت المقاتلات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات على عموم مناطق القطاع وتسبب ضربة على منزل في مدينة رفح المتاخمة للحدود المصرية في مقتل 20 جراء انهيار منزل، فيما أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 3 من عناصره في معارك أمس الأول وهو ما رفع عدد قتلاه إلى 90 منذ بدء العملية البرية.
ودعا نازحون فلسطينيون، قالوا إن عددهم يتجاوز بضعة آلاف، أمس لإنقاذ حياتهم وتوفير ممر آمن لهم في ظل حصار الجيش الإسرائيلي لهم داخل مدرسة تابعة للأمم المتحدة (أونروا).
في المقابل، أطلقت الفصائل رشقات صاروخية على مستوطنات غلاف غزة وعسقلان وتل أبيب.
وفي ظل ارتفاع منسوب التوتر بالضفة الغربية المحتلة، قتل طفل فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في جنين.
وفي حادث لافت وقعت اشتباكات بين قوات إسرائيلية ومسلحين فلسطينيين بمدينة رام الله التي تتخذ منها السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس مقراً لها بالضفة المحتلة، خلال وجود مستشار نائبة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن الوطني فيل غوردون بالمدينة لبحث «إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية» مع عباس.
ووصف مراقبون ملاحقة القوات الإسرائيلية للمسلحين في رام الله واقتحامها بأنها «رسالة عملية» لرفض المقترحات الأميركية بتولي السلطة الفلسطينية المسؤولية عن غزة بعد الحرب.