كيف يمكن إغلاق باب التوظيف السياسي والقضاء على عملية تحويل القطاع العام إلى أداة للرشوة السياسية سواء بالتوظيف أو الترقية أو الندب أو النقل... إلخ.
الحل بسيط ومستحق، لأنه ضرورة كي تتخلص البلاد من ورم متضخم يتسبب في قضم الميزانية وإنتاج سوء الخدمات وبروز مشكلات عدم الالتزام بالدوام، وتسلل المستويات غير الكفؤة من الموظفين إلى مراكز القرار، وممارسة عمليات التقييم العشوائي للموظفين وإجراء الندب والنقل، فترهَلَ العمل وانعكس هذا على أداء المجتمع ككل، فبدت الكويت عروس الخليج بوجه عجوزاً متجعدة الوجه!!! ومع هذا التورم والتضخم الوظيفي الفظيع الذي أنتج لنا كائناً مشوهاً يلقف الإيرادات النفطية دون تحقيق قيمة مضافة، وخلق أصول مستدامة، وإنتاج خدمة مميزة ومقبولة على الأقل، مع كل ذلك نشهد ورماً آخر هو نتيجة للتضخم الوظيفي والعطالة والبطالة المقنعة، إنها العمالة الأجنبية الهامشية والمتضخمة التي لا تحقق قيمة مضافة أيضا، وهي في أغلبها عمالة طفيلية غير فاعلة لا حاجة لنا بها، وتتفنن في ابتزاز المواطنين وترويج سلع مضروبة أو تقديم خدمات معطوبة، فهي كما يقال «ضِغثٌ على إِبَّالة».
الكارثة أن الأعمال الفنية تركت للعمالة غير الكويتية التي لا يملك أغلبها التخصص والجودة في العمل، وبعضها عمالة هامشية أو لا حاجة لها، وسحبت البساط من تحت العمالة الوطنية، فأعمال البناء والإنشاءات وأعمال الكهرباء وتصليح المركبات والأجهزة والمعدات وأعمال البيع والطبخ وتصنيع السلع كلها تدار بعمالة أجنبية أكثرها يأتي بلا أي خبرات ومهارات يكتسبها هنا في الكويت من بني جنسه.
المهم أننا صنعنا هذا الوضع المدمر للذات والمُقَدَّرات حيث الانفجار السكاني والضغط على المرافق والخدمات الحكومية وإهلاك البنية التحتية وتفاقم الجرائم والفوضى وزحمة المرور.
لابد من خصخصة القطاع الإنتاجي الذي تقوم به الحكومة في بحر أربع سنوات، وفرض التكويت، وأن تتحول المراكز التدريبية إلى خلايا نحل لتدريب العمالة الوطنية على الأعمال التي يتم تكويتها، فمثلا محاسبة الزبائن في كل الشركات والجمعيات التعاونية تشغلها فقط العمالة الأجنبية، وكل «الكول سنتر» في الشركات والمطاعم والمستشفيات والأمن في المجمعات وغيرها تتحول الى عمالة كويتية، التجارة في بيع الهواتف وإكسسواراتها تقوم بها عمالة كويتية، إدارة وبيع كل عمليات المطاعم الرئيسة تكون عمالتها كويتية، وكذلك عمليات البيع في المولات وشركات بيع الأثاث والمعدات والأجهزة... إلخ.
كل ذلك يأتي بالتزامن مع الخصخصة لامتصاص العمالة الفائضة وغرس العمالة الوطنية في بيئة القطاع الخاص الصارمة، وهنا لا محل للشهادات المضروبة والتخصصات التي لا يحتاجها السوق، وتنتهي عملية التسيب، وستجد الحرص على تطوير الذات، وفي هذا الوضع يتم صرف دعم العمالة بشرط التحاق الموظف بوظيفة محددة، واستمرار الدعم مع استمراره في الوظيفة.
وقد فصَّلنا القول في مقالات سابقة في الوضع المثالي لدعم العمالة وتوزيع الحكومة لكل مواطن نسبة من صافي أرباح الاستثمارات الخارجية وإيرادات القسائم الصناعية والخدمية والحرفية بعد استعادتها وإعادة إدارتها وتقييمها، فضلا عن دفع الحكومة للتأمين الصحي لكل فرد ورسوم المدارس بعد خصخصة الصحة والتعليم، فلن تجد الدروس الخصوصية وبيع الأبحاث والغش في الامتحانات لأن سيف الرقابة والتقييم والقياس للخدمات التعليمية والصحية هو عمل وزيري الصحة والتعليم لا إدارة عشرات آلاف الموظفين ومئات الإدارات والمراكز والتورط في الندب والنقل وتدخلات النواب، فتكتفي كل وزارة بجهاز من المختصين، يراقب ويقيس ويحاسب، ناهيكم عن تحقيق الحكومة فائضا في الموازنة قد يصل إلى 9 مليارات كنتيجة للخصخصة، هذا ما تحققه استدامة إغلاق باب التوظيف السياسي لعمليات التوظيف والندب والترقية والنقل واستئصال ورمه للأبد.