ناقش مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة، أمس، الأزمة المتصاعدة بين فنزويلا وغويانا، الجارتين في أميركا الجنوبية، بشأن منطقة إيسيكيبو الغنية بالنفط، التي تسعى فنزويلا إلى ضمها.

وغادرت الوفود الاجتماع، الذي عُقد بطلب من غويانا، حاملين وروداً قدمتها الإكوادور التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس هذا الشهر. ولم يدل أي من الأعضاء بتصريحات.

Ad

وتقول غويانا إن أفعال كراكاس المتعلقة بمنطقة إيسيكيبو «تهدد السلام والأمن الدوليين». ودعا قادة العالم إلى الهدوء بينما نددت فنزويلا بإعلان عن مناورات عسكرية جوية مشتركة بين الولايات المتحدة وغويانا واعتبرتها بمنزلة «استفزاز» وتعهدت بالمضي قدماً في «استعادة» المنطقة التي تواصل الادعاء بأن ملكها منذ أكثر من قرن.

وتصاعدت المخاوف من تفجر النزاع بعد استفتاء مثير للجدل أجرته حكومة الرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو الأحد الماضي بشأن مصير إيسيكيبو.

وتشرف غويانا على إدارة المنطقة منذ أكثر من قرن، وهي موضوع نزاع حدودي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. تمثل إيسيكيبو نحو ثلثي أراضي غويانا، وتعدّ 125 ألف نسمة من عدد سكان هذا البلد البالغ 800 ألف نسمة، لكن تطالب بها أيضاً فنزويلا.

ويتصاعد الجدل منذ 2015 عقب اكتشاف شركة إيكسون موبيل الأميركية النفطية العملاقة التي كانت تعمل بموجب تراخيص من غويانا، كميات كبيرة من احتياطي النفط في المنطقة.

وقال مادورو الجمعة خلال مراسم أمام قصر ميرافلوريس الرئاسي: «سيتعين على غويانا وإيكسون موبيل الجلوس معنا وجهاً لوجه عاجلاً وليس آجلاً». وعرض خريطة لفنزويلا تظهر فيها منطقة إيسيكيبو كجزء من أراضي بلاده.

وأثارت الولايات المتحدة غضب كراكاس الخميس الماضي بإعلانها من خلال سفارتها في جورجتاون عن إجراء «عمليات طيران مشتركة داخل غويانا» في إطار «الانخراط والعمليات الروتينية لتعزيز الشراكة الأمنية» مع حليفتها. وقال وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو على منصة إكس «هذا الاستفزاز المؤسف من جانب الولايات المتحدة لصالح... إيكسون موبيل في غويانا خطوة أخرى في الاتجاه الخاطئ».

ورداً على ذلك، قال نائب رئيس غويانا بهارات جاغديو، إن فنزويلا «لن تنجح الآن ولا أبداً» في ضم المنطقة. وأضاف «يتمّ رصد كل خطوة يقوم بها الفنزويليون خاصة بالقرب من حدودنا».

وقال رئيس الأركان في غويانا عمر خان، إنه اتصل الأربعاء «بشركائه» وتطرق لاحتمال تلقي دعم من الولايات المتحدة والبرازيل، فيما تحطمت مروحية تابعة لجيش غويانا الأربعاء قرب الحدود مع فنزويلا في ظروف مريبة.

وفي البرازيل عبر الرئيس اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا عن «قلق متزايد» إزاء التوترات على الحدود الشمالية لبلاده. وقال خلال قمة جمعت في ريو دي جانيرو رؤساء دول مجموعة ميركوسور «لا نريد حرباً هنا في أميركا الجنوبية»، مؤكداً «نحن في غنى عن نزاع، يجب أن نبني السلام».

وأعلن الجيش البرازيلي الأربعاء عن تعزيز وجوده في مدينتين شمال البلاد. بدوره حذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون فنزويلا من مغبة القيام بـ«خطوة أحادية» في النزاع. وغويانا كانت مستعمرة سابقة لبريطانيا وهولندا ويتحدث سكانها الإنكليزية.

وضمت روسيا الحليفة لمادورو، صوتها إلى صوت الداعين إلى «حل سلمي»، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «ندعو الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال من شأنها زعزعة استقرار الوضع والتسبب في ضرر متبادل».

تؤكد غويانا أن حدود إيسيكيبو رسمتها لجنة تحكيم في 1899، غير أن فنزويلا تقول إن نهر إيسيكيبو الواقع شرق المنطقة التي تسمى أحيانا إيسيكيبا، يمثل حدوداً طبيعية تم الاعتراف بها منذ 1777.

في الاستفتاء الذي أجري الأحد الماضي سُئل الناخبون عما إذا كان ينبغي منح الجنسية للأشخاص الناطقين بالإنكليزية في «ولاية غويانا إيسيكيبا» جديدة و»وبالتالي دمج الولاية المذكورة على خريطة الأراضي الفنزويلية».

وقال المسؤولون في كراكاس، إن 95 بالمئة من المستطلعين أيدوا الدمج.

وذكر محللون، أن الاستفتاء وتصاعد الخطاب القومي، هما مسعى لصرف الانتباه قبل انتخابات مقررة في 2024 سيسعى مادورو خلالها لولاية جديدة وسط أزمة اقتصادية وتضاؤل إنتاج النفط.

وأفاد مستشار مجموعة الأزمات الدولية ماريانو دي ألبا بأن الاستفتاء «كان بمثابة بالون اختبار قبل الانتخابات الرئاسية» لقياس «القدرة على التعبئة ومحاولة تحسين استراتيجيتهم لعام 2024».

وبعد يومين من الاستفتاء اقترح مادورو مشروع قانون لإنشاء مقاطعة فنزويلية في إيسيكيبو وأمر شركة النفط الحكومية بإصدار تراخيص لاستخراج النفط الخام في المنطقة.