خلال الفترة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023 احتضنت دولة الإمارات العربية في دبي مؤتمر الأطراف لقمة المناخ كوب 28 للحد من زيادة الانبعاثات الضارة، وتمكين النظم البيئية من التكيف مع آثار التغير المناخي من خلال استخدام التقنيات الحديثة وتطبيقاتها وتعزيز دور الشراكات البينية، وترسيخ مبدأ التعاون والتبادل المعلوماتي والبحث العلمي على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
المساعي التي يبذلها المجتمع الدولي للحد من التدهور المناخي متنوعة، حيث إنها أخذت منحنى أكثر جدية خلال العقود الثلاثة الماضية تبنيه معايير وتشريعات بيئية متشددة تقوم على سياسة العصا والجزرة، ومن منطلقات اقتصادية تساهم في ديمومة واستدامة النظم البيئية، لتمكينها من التكيف مع المتغيرات والتحديات التي تتزايد حدتها عاماً بعد عام.
خلال زيارتي قمة المناخ أدهشني جناح المملكة العربية السعودية الذي جمع بين روعة العرض والتفاعل والتكامل بين القطاع الحكومي والخاص ضمن رؤية وطنية تدور رحاها حول بناء اقتصاد متنوع ومستهدفات محددة للوصول إلى الحياد الكربوني في عام 2060، والذي تبدأ معظم نتائجه تُلتمس بالتزامن مع رؤية المملكة 2030 من خلال تنفيذ 17 مشروع طاقة متجددة تستهدف 50% من طاقتها الكهربائية.
عندما تبنت المملكة مشروع السعودية الخضراء كنت أتساءل عن قدرة المملكة على تنفيذ هذا المشروع العملاق على أرض الواقع، خصوصاً أن الرقم المستهدف يصل إلى 10 مليارات شجرة، إلا أن هذا التساؤل سرعان ما تبدد بعد أن رأيت حجم العمل والآليات التي يقوم عليها تحالف القطاع الحكومي والخاص من خلال التزام كل طرف بالمهام الموكلة إليه.
لم يتميز جناح المملكة بطريقة العرض الأكثر من رائعة، لكن في لغة الأرقام وحجم الفرص الوظيفية التي بلغت 12 مليون وظيفة، وعدد المشاريع البيئية التي تعالج وتحاكي كل مشكلة بيئية على حدة، والتي شكلت مجتمعة ملحمة وطنية.
وأنا أكتب المقال حاولت تجنب الحديث عن دور هيئة البيئة والقطاعين الحكومي والخاص في حماية البيئة الكويتية، ولماذا اختارت دولة الكويت عام 2060 موعداً للاحتفال بالحياد الكربوني رغم الإمكانات المادية والبشرية التي تملكها، وكونها من أولى الدول في المنطقة التي اهتمت بالبيئة، وأنشأت كياناً مختصاً لإدارة شؤونها، ولأنها أيضاً من أولى الدول على مستوى المنطقة التي افتتحت برامج تعليمية على مستوى الدبلوم والبكالوريوس في تخصصات العلوم البيئية وصحة البيئة.
مؤشر الأداء البيئي الذي يحاول البعض التشكيك في مصداقيته هو في الحقيقة أحد أهم المؤشرات العلمية من حيث المصداقية العلمية، لذلك أتمنى على القائمين في الهيئة العامة للبيئة عدم تجاوزه وقراءته بموضوعية ومهنية كي يتم التمكن من معالجة أوجه القصور للعناصر والملوثات التي تتطلب تحديد المسؤوليات، ومن ثم العمل على حلها.
في الختام معظم المحاضرين في هذه القمة ركزوا على سياسة العصا والجزرة التي تتمحور حول تفعيل القوانين والرسوم والضرائب على المخالفين، لكن في المقابل تعمل الحكومات على تحفيز وتشجيع ودعم القطاع الخاص نحو ممارسات بيئية مستدامة واستمرارية لرفاهية اجتماعية.
ودمتم سالمين.