أقر مجلس الأمة في المداولة الثانية قانوني تنظيم الوكالات العقارية ومنع احتكار الأراضي الفضاء، وتمت إحالتهما للحكومة، في وقت يهدف القانون الأول إلى الحد من الظواهر السلبية في استغلال هذه الوكالات وعدم جواز أن تكون غير قابلة للعزل، بينما الهدف من الثاني هو كسر احتكار الأراضي، على أن يدفع أصحابها الذين يملكون ما يزيد على 1500 متر مربع رسوماً تصاعدية ما لم يتم بناؤها.

ولا شك أن القانونين اللذين تم إقرارهما مستحقان، ويشكر أعضاء مجلس الأمة على ذلك المجهود، لكن بإلغاء الوكالة العقارية، على سبيل المثال، تم نسف إيجابيتها الوحيدة التي كانت تتمتع بها بين كل سلبياتها، ألا وهي السرعة في إنجاز المعاملة، التي قد لا تتجاوز فترة الساعة، عكس الوثيقة العقارية التي قد تصل فترة إنجازها إلى شهرين.

Ad

وهنا أصبح عائقاً أمام المستثمرين، الذين يرغبون في بيع عقاراتهم بأقرب وقت ممكن، إذ يمكن استخدام الوكالة غير القابلة للعزل ليس فقط بالعقارات السكنية، إنما في العقارات الاستثمارية والتجارية، فمن المفترض تنظيمها بدلاً من أن يتم إلغاؤها، أو العمل على تنظيم تحويل العقارات وتسريعها ومن ثم العمل على الغاء الوكالة.

أما قانون منع احتكار الأراضي فهو أيضاً مستحق، لكنه ركز على احتكار الأشخاص أو التجار للأراضي، فمنع الاحتكار لا يعني شيئاً مقارنة مع ما تحتكره الدولة من الأراضي، إذ كان من الأجدى منع الأخيرة لاحتكارها الأراضي.

ولا أحد ينكر أن الوكالة العقارية واحتكار الأراضي عاملان من مجموعة عوامل ساهمت في رفع أسعار العقارات السكنية طيلة السنوات الماضية، لكن يجب على أعضاء مجلس الأمة عدم الإغفال عن الأسباب الأخرى والجوهرية، التي قد تكون «غير شعبية» من فئة من المواطنين المستفيدين من وجودها.

وقبل البدء في سرد بعض تداعيات القوانين والقرارات المعمول بها الحالية، التي ساهمت ولا تزال تساهم في رفع أسعار العقارات السكنية، يجب أن تكون هناك قناعة لدى الجميع بأن السكن عبارة عن حاجة أساسية للمواطن، والهدف منه توفير مكان ملائم للأسر للعيش فيه، ويجب ألا يكون هدفاً للمتاجرة أو تحقيق الأرباح.

بدلات الطلبات الإسكانية

تتيح المؤسسة العامة للرعاية السكنية للمواطنين المنتفعين من الرعاية السكنية خيار تبادل الطلبات الإسكانية فيما بينهم، أو التنازل عن البدائل السكنية الموزعة على المخططات أو المسلمة فعلياً، ويمثل الغرض من هذا النظام إتاحة الفرصة أمام هؤلاء المنتفعين لاختيار المنطقة التي يرغبون في السكن فيها.

لكن لتبادل الطلبات الإسكانية العديد من التداعيات السلبية على العقار السكني وأصبح هدفاً للمتاجرة خصوصاً مع وصول أسعار البدلات إلى أرقام خيالية دون وجه حق، وساهمت في ارتفاع أسعار العقارات السكنية، إذ يمكن للمواطن البدل لأكثر من مرة، وقد تصل إلى أكثر من ذلك في حال وجود واسطة، في وقت يصف البعض تبادل الطلبات الإسكانية بأن هناك طرفاً بحاجة إلى سكن، ودفعته الظروف، واضطر إلى هذه الطريقة، وأن الطرف الآخر إما أنه ليس بحاجة إلى سكن أو أن لديه راتباً عالياً، وهو قادر على دفع الإيجار، ويريد استغلال الوضع للتكسب.

كما أن لنظام تبادل الطلبات الإسكانية سلبيات أخرى، منها يؤخر عملية اندماج المجتمع، وأصبحت هناك مناطق تضم قبيلة معينة، وأخرى تضم طائفة معينة، وهذا بالتأكيد له تأثير سلبي على المجتمع، إذ تعتبر ظاهرة غير صحية.

تقييد بيع المنازل المخصصة حديثة

سجلت وزارة العدل خلال الفترة الماضية بيعات سكنية في مناطق حديثة بأسعار مبالغ بها، وعلى سبيل المثال، بيع عقار سكني في جنوب عبدالله المبارك بـ 943.9 ألف دينار، كما تم بيع بيت في منطقة المطلاع بسعر 350 ألف دينار، في وقت أثارت تلك الصفقات العديد من التساؤلات.

ومن المؤكد أنه تم تغيير الهدف من السكن في العقار، وتوفير مكان ملائم للأسرة إلى المتاجرة والاستفادة منه، وهنا تتمثل العديد من المخاطر والسلبيات على الأسر وأسعار العقارات في هذه المنطقة وينذر بدخول المضاربين والمستثمرين.

ويجب على أعضاء مجلس الأمة الالتفات إلى تلك السلبية، التي تساهم في رفع الأسعار، وقد تفكك الأسر، بسن تشريعات تقيّد من المتاجرة في القطاع السكني بشكل عام، ومن حصل أخيراً على حق الرعاية السكنية بشكل خاص، ومنها وعلى سبيل المثال عدم جواز بيع المنزل حديثاً إلا بعد مرور خمس سنوات من دخول التيار الكهربائي، أو الوصول إلى نسبة معينة من الأقساط المسددة لبنك الائتمان، حتى يكون هناك استقرار ومنع المستثمرين والمتاجرين بهذا القطاع.

تنظيم عملية التأجير

تدرّ العقارات السكنية عوائد تصل بين 4.5 إلى 6.5 في المئة سنوياً، وتصل إلى أكثر من ذلك للعقارات المخالفة التي تؤجر على العزاب، وهذا ما يساهم في ارتفاع أسعار العقارات إلى مستويات كبيرة، إذ تمثل فرصة استثمارية خاصة مع انعدام الفرص الاستثمارية الأخرى.

وهناك العديد من المناطق النموذجية تحولت إلى سكن عزاب وأصبحت منطقة استثمارية، لذا يجب التشدد في عملية التأجير في القطاع السكني، وأن تصدر تشريعات تجرم وتضبط هذه العملية.

وفي هذه الحالة ستكون هناك العديد من الانعكاسات الإيجابية سواء على المنطقة وعلى الخدمات المقدمة، علاوة على أن أسعار العقارات ستتراجع، فمن أهم أسباب ارتفاع أسعار العقارات السكنية حالياً هو ارتفاع العائد السنوي إلى مستويات مغرية.
عوامل ساهمت في ارتفاع أسعار العقارات السكنية:
• السماح بدخول المستثمرين والمضاربين لهذا القطاع

• انخفاض تعرفتي الكهرباء والماء مقارنة مع القطاع الاستثماري والتجاري

• ارتفاع عوائد العقار السكني

• انخفاض رسوم التسجيل العقاري مقارنة مع دول «التعاون»

• السماح بالبدلات ووصولها لأسعار مبالغ فيها

• عدم وجود ضوابط على بيع المنزل المخصص حديثاً يجعله فرصة للمتاجرة

• ارتفاع أسعار مواد البناء وأجور الأيدي العاملة

• ارتفاع الطلب وتراجع العرض