تسلط المساعي الدولية لإعادة الاستقرار وتثبيته في جنوب لبنان، من خلال التوصل إلى صيغة لتطبيق القرار 1701، على سماح حزب الله، منذ بداية الحرب، بمشاركة عدة أطراف مسلحة لبنانية وغير لبنانية في المناوشات المتواصلة منذ 8 أبريل في جنوب لبنان ضد إسرائيل.
فتح الحدود
وحتى اليوم شاركت عدة فصائل، أبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان، والجماعة الإسلامية و«سرايا المقاومة» اللبنانيتان، في المعارك التي يديرها ويشرف عليها حزب الله، الذي يسمح لهذه الفصائل بالتحرك، ويحدد لها أماكن تحركها وإطلاقها للصواريخ، في حين تلفت التقديرات الى أنه من غير المستبعد أن يقدم الحزب على إشراك أحزاب أخرى منضوية في «محور الممانعة» بالعمليات العسكرية في مرحلة مقبلة من القتال.
ويسعى الحزب، من خلال هذه الاستراتيجية، إلى إمساك أكبر قدر من الأوراق، ليس فقط للرد على طريقته، حول سيناريوهات تطبيق القرار 1701 ورفض الضغوط الدولية في هذا الإطار، وإنما كذلك تحضيراً للمرحلة المقبلة وتحديداً بعد انتهاء الحرب في غزة، حيث تصبح مهمة إعادة الاستقرار الى الحدود اللبنانية مستحقة.
وسعى الحزب، من خلال مبدأ «فتح الحدود» للفصائل الاخرى للعمل العسكري، الى استباق كل الطروحات الممكنة حول تطبيق 1701، بما في ذلك إقامة منطقة عازلة جنوب نهر الليطاني، وسحب «قوات الرضوان» والعتاد الثقيل الى ما وراء النهر.
ما قبل 7 أكتوبر
والرسالة الأساسية لحزب الله من وراء هذه الاستراتيجية هي انه في حال لم يكن هو الأقوى في الجنوب، فإن الحدود ستكون مفتوحة أمام جهات عديدة لن يكون أحد قادراً على ضبطها، وبالتالي لن يكون بالإمكان الحديث عن اتفاق لضبط الحدود كما جرى منذ 2006 حتى 2023.
ويقول الحزب بكل وضوح إن السيناريو الأفضل هو العودة الى معادلة ما قبل أحداث 7 أكتوبر، وأنه هو الوحيد القادر على تطبيق ذلك، حتى في حال كانت تلك العودة مرتبطة بمفاوضات دولية حول إنهاء كل القضايا الحدودية بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك النقاط 13 ومسألة مزارع شبعا.
وهكذا أصبح بإمكان حزب الله التعهد في مرحلة لاحقة، بإبعاد الفصائل الاخرى عن الحدود، فيما قد يكتفي هو بسحب بعض أسلحته الدقيقة والمتطورة عن الحدود، خصوصاً بعد رسائل متعددة الأشكال وصلت الى الحزب بأن تل أبيب لديها إحداثيات ومعلومات حول مواقع صواريخه الدقيقة والبعيدة المدى والطائرات المسيرة.
اجتماع دبي
وتحقيق كل هذا يحتاج الى اتفاق دولي ـ إقليمي يعيد الاستقرار، يعمل عليه حاليا الأميركيون والفرنسيون، ضمن أطراف أخرى على بلورته.
في هذا السياق، التقى المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يتولى الجهود الأميركية للتوصل إلى صيغة تنهي قضية الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، الأربعاء الماضي، نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب في دبي، لبحث ما قد يحصل في لبنان في اليوم التالي لانتهاء حرب غزة.
وتشير المعلومات إلى أن الجانب الأميركي لا يريد التصعيد في لبنان، وهو يعلم أن أي نقاش حول الـ 1701 أو ترسيم الحدود البرية، يبدأ فقط بعد وقف إطلاق النار.
وتقول مصادر متابعة، لـ «الجريدة»، إن «البحث بين بو صعب وهوكشتاين تركز على ما يجب أن يحصل عند وقف إطلاق النار في غزة، وكيف سيتم تحقيق الاستقرار من دون تهديد الإسرائيليين، وبما يمكن إسرائيل من إعادة مستوطنيها إلى الشمال ومن دون انجرار لبنان إلى حرب، وهذه تحتاج إلى مساع سيبذلها هوكشتاين بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي».
وفد الـ 12
في السياق نفسه أيضا، وصل الى بيروت أمس الاول وفد فرنسي مؤلف من 12 شخصاً، غالبيتهم من المسؤولين العسكريين في وزارتي الخارجية والدفاع الفرنسية، قادما من إسرائيل، للقاء المسؤولين اللبنانيين والبحث معهم في كيفية تطبيق القرار 1701، وتكريس الاستقرار والهدوء على الحدود الجنوبية. زيارة الوفد الفرنسي هي استكمال لكل الجولات الفرنسية السابقة التي أجرتها وزيرة الخارجية كاترين كولونا، ووزير الدفاع، والمبعوث الرئاسي جان إيف لودريان، ورئيس المخابرات الخارجية برنار إيمييه.