يا خسارة عيالنا
قرار سمو ولي العهد وقف التعيينات والترقيات والندب في إدارات الدولة في مكانه الصحيح، وقد أصبح ضرورة بعد ترسخ حالة العشق والوله بين عدد من الوزراء والقياديين مع نواب المجلس، تعاون ليس من أجل التنمية والإصلاح السياسي – الاقتصادي، بل بغرض تجنب صداع رؤوس الوزراء «الشجعان» وخشيتهم من السين والجيم من نواب «إذا ما مشيت معاملتي أو/ وإذا لم تبصم على مزايداتي المحافظة أراويك»، وفي الأغلب يكون هذا التعاون الأجوف مجرد تغليب سلطة جناح مشيخي ضد آخر في صراعات السلطة، وكل فريق منهم يغني على ليلاه.
غرقت الدولة في مستنقع التفاهات وسطحية الصراعات السياسية على حساب المستقبل، وتم تكريس الواسطة والمحسوبيات في التعيينات والتنقلات والانتدابات على حساب الكفاءة والجدارة ومن رصيد أحكام العدالة والمساواة لا القانون، فهذا الأخير أصبح مطية ويتم التلاعب به من خلال السلطات التقديرية التي يمنحها للمسؤول ليعين وينقل وينتدب حسب الأصول الإجرائية من دون رقيب.
قرار وقف التعيينات والندب والتنقلات هو ضرورة اليوم ولكنه وقتي في أثره، فسرطان المحسوبية والواسطة ينخر في عظام الدولة من بداية ولادتها حتى الغد طالما ظل ترجيح الولاءات العائلية والعشائرية فوق فكرة الوطن الجامعة، وأضحى مستقبل هذا الوطن مرهوناً بجماعات المصالح، عائلية كانت أم عشائرية، وكل له وقته وأيام مجده الآفلة والقادمة، ومن لم يستفد بالأمس من أريحية وعطاء السلطة السياسية، فاليوم هو ساعته ليعوض ما فاته.
أما الغد وتحدياته فنسيا تماماً، ولم تعد لدينا مسائل اجتماعية سياسية كبرى غير ماذا غردت وقالت جماعات هذا الفريق الآمر الناهي بالأمس ضد الآخر الذي هو اليوم في موقع المسؤولية، وهكذا أضحت السياسة اليوم، هي فن الممكن في السخافة والضياع، يا خسارة عيالنا.