رغم تزايد الضغوط الدولية، رفض الاحتلال الإسرائيلي جميع المُهَل التي اقترحتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لإنهاء حرب غزة المتواصلة منذ 65 يوماً، مستبعداً الانتهاء منها قبل شهرين.
ومع تواصل المعارك الطاحنة في شمال غزة وجنوبها ووصول الدبابات الإسرائيلية إلى قلب مدينة خان يونس ثاني أكبر مدن القطاع، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الحرب يمكن أن تنتهي فوراً إذا استسلمت حركة حماس، مشيراً إلى أنه عقب انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية يجب أن تبدأ عملية سلام راسخ ومستدام تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
إلى ذلك، شهدت جبهة لبنان، أمس ارتفاعاً في منسوب العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي غارات بالطيران الحربي على طول الحدود واستهدف عدة منازل ومواقع في قرى كان أعنفها في عيترون.
ووصف مراقبون ما يجري بأنه تفاوض بالنار بين تل أبيب وحزب الله، حيث يسعى الطرفان إلى تعزيز أوراقهما وسط حراك دولي لإعادة الاستقرار إلى جنوب لبنان.
على جبهة أخرى، وبعد ساعات من توعد جماعة «أنصار الله» الحوثية التي تسيطر على مساحات واسعة من اليمن، بمنع مرور السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية عبر البحر الأحمر «من أي جنسية كانت»، ما لم يتم إدخال الأغذية والأدوية إلى غزة، أسقطت فرقاطة فرنسية مُسيّرتَين في البحر الأحمر كانتا متجهتين نحوها انطلاقاً من سواحل اليمن، حسبما أعلنت هيئة أركان الجيوش الفرنسية.
وفي العراق، أعلن مسؤول أمني من جماعة «كتائب حزب الله ــ العراق»، أن الجماعة توعدت بشن المزيد من الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة، متهماً القوات الأمنية العراقية بالتعاون مع «المحتل الأميركي».
وفي تفاصيل الخبر:
بالتزامن مع مواصلة الجيش الإسرائيلي حربه الدموية التي يشنها على غزة منذ 65 يوماً وسط معارك شرسة مع حركة حماس على عدة محاور، أبرزها خان يونس والفالوجا ومخيم جباليا، استبعدت سلطات الاحتلال وقف إطلاق النار قبل شهرين رغم تنامي الضغوط الدولية عليها لوقف عدوانها الذي تسبب حتى الآن في مقتل 17700 شخص، فضلاً عن تشريد نحو 80 في المئة من سكان القطاع المكتظ بـ 2.3 مليون نسمة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أمس، عن مسؤولين، القول إنه ستكون هناك محاولات لعقد صفقات إضافية لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين بغزة في الشهرين المقبلين.
وأضافوا أن الدولة العبرية ستسمح خلال الشهرين المقبلين لبعض سكان غزة بالعودة إلى منازلهم، مشيرة إلى طلب أميركي بهذا الشأن.
ولفتت إلى أن رئيس حكومة الحرب المصغرة بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال محادثة هاتفية، الجمعة الماضي، أن إسرائيل تقدر أن القتال في خان يونس بالقطاع المحاصر سيستمر نحو شهر.
جاء ذلك، بعد تقرير لصحيفة «بوليتيكو» الأميركية أن واشنطن أمهلت تل أبيب حتى نهاية العام الحالي 2023 من أجل إنهاء هجماتها على قطاع غزة، وأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن شدد على هذه المهلة، خلال زيارته تل أبيب في 30 نوفمبر الماضي.
وفي تصريحات منفصلة، رفض نتنياهو، الدعوات الدولية لإنهاء الحرب على المنطقة الفلسطينية المعزولة عن الضفة الغربية، ووصفها بأنها لا تتسق مع دعم هدف القضاء على «حماس» التي تسيطر على القطاع منذ 2007.
وقال نتنياهو في إفادة أمام حكومته، إنه قال لزعماء فرنسا وألمانيا ودول أخرى «لا يمكنكم دعم القضاء على حماس وفي نفس الوقت الضغط علينا لإنهاء الحرب قبل الأوان وهو ما من شأنه الحيلولة دون تصفية الحركة».
ودعا رؤساء وزراء إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا ومالطا في رسالة موجهة إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، قادة الاتحاد الأوروبي، إلى مناقشة الوضع في غزة الأسبوع الحالي، والدعوة بشكل مشترك إلى هدنة إنسانية دائمة.
وشدد رؤساء الدول الأوروبية في رسالتهم على «خطورة حرب إسرائيل في غزة، واحتمال تصاعد الصراع وامتداده في أنحاء المنطقة»، مطالبين بإجراءات لحماية المدنيين في غزة على الفور.
ودعت الدول الأربع، التي انتقدت إسرائيل بسبب طريقة تعاملها مع الصراع من قبل، إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن لبحث إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
ونقلت «رويترز» عن مصادر إسرائيلية، ان نتنياهو عبّر في محادثة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن رفضه الشديد لـ «التعاون الخطير» بين روسيا وإيران.
غوتيريش
في المقابل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن أسفه لفشل مجلس الأمن الدولي في اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار، وأضاف أمام «منتدى الدوحة الدولي» في قطر، إن المجلس أصابه «الشلل بسبب الانقسامات الجيوستراتيجية» التي تقوض التوصل لأي حلّ للحرب الانتقامية التي تشنّها إسرائيل رداً على هجوم «حماس» غير المسبوق في السابع من أكتوبر الماضي.
وتابع: «سلطة مجلس الأمن الدولي ومصداقيته جرى تقويضها بشدة» بسبب تأخر تحركه حيال الحرب، واعتبرها ضربة لسمعته تفاقمت مع استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق نار. وجدد التذكير بدعوته مراراًً لـ«إعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية»، مضيفا: «يمكنني أن أعدكم، أنني لن أستسلم».
جهد قطري
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد عبدالرحمن آل ثاني، إن الدوحة تواصل جهودها من أجل استئناف الهدنة رغم تضاؤل الفرص.
وشدد رئيس الوزراء القطري، الذي تقود بلاده جهود الوساطة بين حماس والدولة العبرية، خلال منتدى الدوحة على أن «إطلاق سراح الرهائن من غزة حصل نتيجة للمفاوضات لا بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية».
وتابع: «لابد لنا من الوقوف في وجه من يريد تحويل ما يجري إلى حرب دينية»، مضيفاً أن ما يجري في غزة هو نتيجة عقود من المماطلة في السعي إلى تحقيق السلام.
من ناحيته، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في المنتدى، إنه يتعين تحميل الولايات المتحدة أيضاً مسؤولية الهجمات الإسرائيلية على غزة وإزهاق أرواح الفلسطينيين.
اللجنة العربية
في موازاة ذلك، جددت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية برئاسة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان رفضها تجزئة القضية الفلسطينية خلال لقاء مع رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو ووزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، مؤكدة رفضها مناقشة مستقبل قطاع غزة بمعزل عن القضية الفلسطينية وقبل وقف التصعيد العسكري غير المبرر.
حرب الصور
ميدانياً، واصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية والآليات المدفعية قصفها المكثف على مناطق القطاع، وركزت على مخيم جباليا بالشمال ومدينة خان يونس بالجنوب وحي الشجاعية بمدينة غزة مركز القطاع الذي يحمل الاسم نفسه.
وأمس، أقر الجيش الإسرائيلي رسمياً بمقتل 426 جندياً وضابطاً منذ بداية الحرب بينهم 102 قتلوا منذ بدء العملية البرية في 27 أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى إصابة 1592 بينهم 255 بحالة حرجة.
وعلى جانب آخر من الصراع، برز نشر الجيش الإسرائيلي صورا جديدة، أمس، قال إنها «لاستسلام مقاتلين من فرقة النخبة بكتائب القسام»، وهو ما سارع القيادي في «حماس» عزت الرشق لنفي صحته، مؤكداً أن الصور لمدنيين اعتقلتهم سلطات الاحتلال من مدرسة تستخدم كملجأ للنازحين.
إلى ذلك، رأى المدير العام لمنظمة «الأونروا» فيليب لازاريني أن «تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم سمح للمجتمع الدولي بالتسامح مع الهجمات الإسرائيلية المستمرة في غزة»، مؤكدا أن الوقف الفوري لإطلاق النار ضروري لإنهاء «جحيم غزة».