وجهة نظر: عضو مجلس الإدارة «الرمادي»
عند النظر في قوانين ولوائح ونظم الحوكمة العالمية والمحلية نجد أن الغرض الحقيقي من إضافة عضو مجلس إدارة «مستقل» هو رفع كفاءة وجودة نظم حوكمة الشركات وحماية حقوق صغار المستثمرين، في حال كان الاختيار على مستوى عالٍ من المهنية والاستقلالية، فمن المفترض ألا تربط العضو المستقل علاقة مع كبار الملاك أو الإدارة التنفيذية للشركة حتى يتمكن من القيام بأدواره الرقابية والمهنية على الوجه الأمثل. يتواجد الأعضاء المستقلون في لجان هامة وحساسة، مثل لجنة التدقيق ولجنة المخاطر ولجنة الترشيحات والمكافآت، وتزداد أهمية تواجد المستقلين في مجالس إدارات الشركات ذات الملكيات المركزة الكبيرة لعدد محدود من الملاك، فالأصل في وجودهم هو الضبط والربط في السياسات العامة والقرارات المصيرية، ومنها ما يتعلق بالتعامل مع الأطراف ذات الصلة وما قد يشوبها من أمور، والتأكد من عدم محاباته كبار الملاك أو الإدارة التنفيذية وحماية حقوق صغار المستثمرين، لذلك من الصعب أن يكون جريئاً في قول الحق إذا كانت له علاقة مسبقة مع كبار الملاك أو الإدارة التنفيذية لتجنب تضارب المصالح.
كما جاء في اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال والأحكام الواردة في الكتاب الخامس عشر (حوكمة الشركات) منذ يناير 2016، فقد نصت على ضرورة تواجد الأعضاء المستقلين من ذوي الكفاءة في مجالس الإدارات، لكن بالنظر للتطبيق الواقعي حتى الآن لبعض الشركات، فقد لا تجد تلك «الاستقلالية» ولا الخبرة «المهنية» على المستوى المطلوب لحماية مصلحة جميع المستثمرين وأصحاب المصلحة في الشركة، ما يثير التساؤلات حول كيفية اختيار الأعضاء المستقلين وآلية تعيينهم؟ وما هي الإجراءات المتبعة لضمان الاستقلالية والكفاءة المهنية؟
من المعلوم حالياً في أغلب دول العالم، بما فيها الكويت، ن اختيار أعضاء مجلس الإدارة يتم بالانتخاب، ويكون التأثير مرتبطا بحجم الملكية النسبية للمساهم، فلكل سهم صوت في اختيار من يمثله بالمجلس بمن فيهم الأعضاء المستقلون، وبذلك القرار الفعلي في اختيار الأعضاء المستقلين سيتأثر بقرارات كبار الملاك وترشيحات الإدارة التنفيذية.
وبناءً على ما سبق، يجب فتح باب النقاش حول أفضل الحلول والآليات البديلة لتمكين صغار المستثمرين من التأثير الأكبر على عملية اختيار الأعضاء المستقلين، حماية حقوق الأقليات وجميع الأطراف ذات الصلة، فعلى سبيل المثال: ماذا لو تم التصويت للعضو المستقل بنظام الصوت الواحد، بحيث يكون التأثير ليس مرتبطاً بحجم الملكية، بل فقط عدد الملاك باعتبار الشخص مساهم الشركة؟ بذلك يكون تأثير المساهم «أ» الذي يمتلك 10 آلاف سهم مماثلا لتأثير المساهم «ب» الذي يمتلك مليون سهم في عملية اختيار عضو مجلس الإدارة «المستقل».
فكرة أخرى اشتراط حصول الأعضاء المستقلين على موافقة غالبية صغار المستثمرين، مثلاً شركة يسيطر على ملكياتها 70% منها كبار المساهمين، ففي هذه الحالة يجب أن يحصل الأعضاء المستقلون على غالبية أصوات صغار المستثمرين أو غالبية الـ30% المتبقية.
ومن البدائل التي حاول المشرع تطبيقها في قانون الشركات فكرة التصويت التراكمي، الوارد في مادة 9-10 من اللائحة التنفيذية (الكتاب 15) المختص بحوكمة الشركات، والتي تمنح المساهم الحق في توجيه جميع أصواته لمرشح واحد.
النقاش لا ينتهي، والمجال مفتوح لطرح وتباحث أفكار بديلة لنعزز من استقلالية ومهنية العضو «المستقل» في مجلس الإدارة، لتمكينهم من القيام بدورهم الرقابي على الوجه الأمثل، لما فيه مصلحة جميع المتعاملين في الأسواق.
* أستاذ مشارك في قسم التمويل والمنشآت المالية
جامعة الكويت