بالتزامن مع تشديد الجناح العسكري لـ«حماس» على أنه لن يتم الإفراج عن أي أسير من دون تفاوض حول شروطها، رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو العودة إلى المفاوضات حول التهدئة وتبادل الأسرى، مراهناً على استمرار الحرب.

ورفض مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر اقتراحاً تقدم به الوزير بني غانتس ومسؤول ملف الأسرى نيتسان ألون للاستماع إلى عروض طرحها وسطاء بشأن صفقات تبادل محتجزين مع «حماس».

Ad

وذكرت القناة الـ12 العبرية، ليل الأحد ـ الاثنين، أن نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت رفضا الاستماع لصفقات تتوسط بها قطر ومصر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وشددا على ضرورة عدم الانشغال بجهود التوصل إلى مزيد من صفقات التبادل مع التركيز على مواصلة العملية البرية التي تشهد معارك محتدمة في جنوب غزة.

وبعد تقديرات رسمية عبرية بأن وقف إطلاق النار لن يتم قبل شهرين، أكد نتنياهو أن الحرب في غزة هي حالياً في ذروتها، لكنها «بداية النهاية» لـ«حماس»، مضيفا: «في الأيام الأخيرة، استسلم العشرات من مخربي حماس لقواتنا. إنهم يلقون أسلحتهم ويسلمون أنفسهم لمحاربينا الأبطال. سيستغرق الأمر مزيداً من الوقت».

وجاء تمسك رئيس الائتلاف اليميني الحاكم بالرهان على مواصلة المجهود العسكري للقضاء على الحركة الإسلامية، رغم نقل صحيفة هآرتس العبرية عن مصادر قيادية في الجيش قولها إن «تواصل العملية البرية لا ينجح في توفير الظروف التي تسمح بالتوصل إلى مسار يقود إلى استعادة الأسرى» وعددهم 138 بينهم نحو 100 عسكري.

وتزامن ذلك مع تأكيد «أبوعبيدة»، المتحدث باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، على أن الحركة لن تسمح بإطلاق سراح أي أسير أو محتجز من غزة حياً، في ظل استمرار العمليات العسكرية و«المحرقة»، وأضاف: «لا العدو الفاشي وقيادته المتعجرفة ولا داعموه يستطيعون أخذ أسراهم أحياء دون تبادل وتفاوض ونزول عند شروط المقاومة والقسام».

إنزال وصواريخ

وفي وقت تستأنف الجمعية العامة للأمم المتحدة جلستها الطارئة بشأن الوضع في غزة اليوم، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو»، ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، تواصلت معارك عنيفة بين الجيش الإسرائيلي وفصائل فلسطينية جنوب غزة، تزامناً مع قصف جوي على شتى أنحاء القطاع، بينما أعلن جيش الاحتلال أنه قام بإنزال جوي لحوالي سبعة أطنان من المعدات لمئات من جنود لواء تابع لـ«الفرقة 98» التي تنتشر في خان يونس، التي توصف بأنها مركز ثقل «حماس» ومسقط رأس زعيمها بالقطاع يحيى السنوار.

وأضاف الجيش أن تلك هي المرة الأولى منذ حرب لبنان عام 2006 التي يتم فيها إسقاط معدات جواً. وتسبب القصف الإسرائيلي في مقتل 57 فلسطينياً في دير البلح ومحيطها وسط القطاع المحاصر، كما قتل وأصيب العشرات في قصف لمخيمي جباليا والمغازي شمالاً، وخان يونس جنوباً.

وأقر الجيش الإسرائيلي، أمس، بمقتل 7 بينهم 3 ضباط في معارك بالقطاع، وهو ما رفع حصيلة قتلاه منذ بدء التوغل البري إلى 105.

في المقابل، أطلقت «حماس» رشقات صاروخية مكثفة على تل أبيب ووسط إسرائيل تسببت في إغلاق مطار بن غوريون وإصابة إسرائيلي.

واشنطن وروسيا

وغداة تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مطالبة واشنطن لإسرائيل بضرورة حماية المدنيين مع مواصلة عملياتها العسكرية من دون تحديد موعد لإنهاء الحرب، أفيد بأن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان سيصل إلى إسرائيل ما بين يومي الخميس والجمعة المقبلين في زيارة هي الأولى منذ اندلاع الحرب.

وذكرت هيئة البث الرسمية أن سوليفان سيلتقي مع كبار المسؤولين في إسرائيل، ويناقش معهم، من بين أمور أخرى، زيادة المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة، الذي يشهد وضعاً إنسانياً حرجاً بسبب الحرب المتواصلة منذ 66 يوماً، والتي أسفرت عن مقتل نحو 18 ألفاً وإصابة نحو 49 ألفاً آخرين.

في السياق، دعا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى الإفراج عن المحتجزين في غزة خلال اتصالات هاتفية أجراها مع قادة من «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى، وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال أمس الأول، إن اتصالات موسكو مع حماس تقتصر على الجناح السياسي للحركة.

زيارة وعقوبات

من جانب آخر، زار 12 مندوباً لدى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، الحدود بين مصر وقطاع غزة، أمس، بعد أيام قليلة من تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن آلاف الأشخاص في المنطقة الفلسطينية المعزولة «يتضورون جوعاً».

ورتبت وتكفلت الإمارات، بوصفها ممثلاً عن الجامعة العربية، بالزيارة الدولية لمدينة العريش المصرية ومعبر رفح، حيث عبرت مساعدات إنسانية وإمدادات وقود محدودة إلى غزة، بينما يتفاوض مجلس الأمن، المؤلف من 15 عضواً، على مشروع قرار صاغته أبوظبي يطالب الطرفين المتحاربين بـ«السماح باستخدام جميع الطرق البرية والبحرية والجوية المؤدية إلى غزة وفي جميع أنحائها» لإيصال المساعدات.

ورفضت ثلاث دول الدعوة للمشاركة في الزيارة، وهي الولايات المتحدة وألبانيا وفرنسا، بينما استجابت بقية الدول الأعضاء بالمجلس، بما في ذلك بريطانيا وروسيا والصين، إضافة إلى الدول الخمس التي ستتسلم مهامها في يناير 2024.

ومن منظور إسرائيل، التي تلقت بغضب أمر الزيارة، فإن مجلس الأمن اختار التركيز على جانب واحد فقط، والاكتفاء بدراسة الوضع الإنساني في غزة ومعاناة سكانها، في حين يتجاهل الجانب الإسرائيلي تماما.

من جهة ثانية، دعت إيطاليا وفرنسا وألمانيا الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات خاصة على «حماس» ومؤيديها، بينما قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، قبل اجتماع للاتحاد الأوروبي، إن باريس تدرس فرض عقوبات خاصة بها على الجهات المتورطة في أعمال عنف بالمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.

إضراب واحتواء

على جبهة أخرى، شهدت الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، أمس، إضراباً شاملاً في كل مناحي الحياة التجارية والتعليمية والمواصلات العامة، استجابة لدعوة أطلقها نشطاء حول العالم تحت عنوان «إضراب من أجل غزة»، احتجاجاً على الحرب الإسرائيلية والدور الأميركي في الحرب. ونٌظمت إضرابات عامة، في لبنان والأردن، دعماً لغزة وتضامناً مع القضية الفلسطينية.

في غضون ذلك، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الحكومة الأمنية المصغرة تدرس إمكانية الإفراج عن أموال المقاصة المحتجزة لديها، وتحويلها للسلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس، لتفادي انفجار جبهة ثالثة، إضافة إلى غزة والحدود الشمالية مع «حزب الله» اللبناني.

وأوضحت أنها تبحث إعادة السماح للعمال الفلسطينيين من الضفة بالدخول إلى المناطق الإسرائيلية، وفق شروط أمنية جديدة ووسائل متطورة لمراقبتهم، بعد تلقيها تحذيرات أمنية من احتمال فتح جبهة جديدة إذا لم تفعل ذلك.