الأديب والشاعر وكاتب الملاحم بولس سلامة كان مُقعداً، وكان ابن أخته الشاب سمير عطا الله يقرأ له أمهات الكتب التاريخية والمعاصرة، ويكتب له ما يُمليه عليه من مقالاتٍ وأشعارٍ وملاحم لعدة سنوات، مما أكسب سميراً حصيلة معرفية وثقافية أصيلة جعلته يتبوأ مكانة ثقافية وإعلامية في عالم الصحافة اللبنانية والعربية طوال النصف قرن الماضي، كما يؤلف كتباً تناول فيها موضوعاتٍ معرفية قيمة وتتميز بالرصانة.
ومنذ ما يقرب من أربعة عقود، وقلم سمير لم يتوقف يوماً عن كتابة عموده اليومي، لدرجة أنه دفع ببعض القراء إلى أن يبدأوا قراءة الجريدة من صفحتها الأخيرة، ولأن مشاهير كتاب الزوايا اليومية كأحمد بهاء الدين وميشيل أبوجودة ومصطفى أمين وناصر الظاهري وأنيس منصور وسواهم قد خلقوا مناخاً كتابياً وإعلامياً أكثر ميلاً للتيارات التي يمثلونها وينطلقون منها، إلا أن سمير عطا الله كان يغرد خارج السرب فيما يطرحه من آراء وموضوعات، ولم يحصر نفسه في دائرة أيديولوجية محددة.
وجعل سمير عطا الله من المعلومة الموثقة دائمة الحضور فيما يكتب، فهو طوراً يحدثك عن معارك طروادة هوميروس، وطوراً آخر يحكي لك عن سنوات كفاح نيلسون مانديلا، ثم ينتقل بك إلى وصف حذق وحدة ذكاء الملك عبدالعزيز آل سعود، ثم يعرج بك إلى إنسانية ماما تريزا، وينتقل منها إلى عذابات بيتهوڤن، وبعد ذلك يحلل لك ديموقراطية الشيخ عبدالله السالم، وهكذا دواليك.
إن سمير عطا الله يصول ويجول في مقالة اليوم بآلاف المعلومات التي يوظفها في المكان المناسب في كل مقال، ناهيك عن متابعته للأحداث اليومية المتتابعة بدقةٍ متناهية والتفاعل معها والكتابة عنها، وأكاد أجزم بأنه لو تم جمع مقالات سمير عطا الله في سلسلة مجلداتٍ لشكلت موسوعة معرفية حافلة بكل أنواع ثقافة السهل الممتنع.
سمير عطا الله يتمتع بعلاقاتٍ طيبة مع كبار الرسامين في الوطن العربي، وكذلك هي علاقاته طيبة مع المفكرين والأدباء والفنانين، ومن النادر أن تجد لسمير خصومات في الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية بل والاجتماعية، رغم أنه يطرح الكثير من الآراء التي قد لا ترضي البعض، لأنه يطرحها بأسلوبٍ حضاري وموضوعي وغير صدامي.
سألت سمير يوماً:
* ما سر اكتسابك لهذا الكم من حب واحترام الغالبية العظمى من الناس؟ - الغالبية التي تُشير إليها تُتابع الجهد الذي أبذله كل يوم وتجزيني عليه بحبها.
* يعني قلمك هو مصدر ما أنت عليه؟ - وهناك جانب آخر. * ما هو؟ - أنا - يا أخ نجم، منذ 50 عاماً أعيش في شهر عسلٍ في علاقتي بحبيبتي زوجتي مي، وكذلك أنا سعيد جداً بابني نصري الذي ألف كتباً ونشرت باللغة الإنكليزية، وقد جعلني جداً منذ شهر عندما أسعدني أكثر بحفيدي ضياء، أما ابنتي مارية فهي روحي من الدنيا، وكل ما أنا فيه من سعادة عائلية ومحبة الناس والنجاح في العمل، فهذا كله من كرم الله علي وأشكر الله عليه.
أحمد شوقي - أمير الشعراء، طه حسين - عميد الأدب، شكيب أرسلان - أمير البيان، فما رأيكم: سمير عطا الله - أمير المقال؟