على حطة إيدكم
ماذا يمنع أن تكون القائمة كلها مشكّلة على أساس «فئوي أو طائفي»، وحتى لو حرمها مشروع القانون المقدم من اللجنة التشريعية، والذي أراد واضعوه تحقيق «العمل الجماعي» والنأي بالعملية الانتخابية عن العمل الفردي؟
مشروع القانون وإن كان قد منع التصويت الفئوي والطائفي ولم يحدد العقوبة، فإن المشكلة هي عبء «الإثبات» أن القائمة مشكّلة على خلاف القانون، فأي طعن بأن القائمة هذه تستند إلى أساس عنصري أو طائفي من السهل الرد عليه بأن هذا هو الشعب وهؤلاء هم الناس الذين تفاهموا وشكلوا قائمة واحدة، وإذا حدث أن معظمهم من قبيلة واحدة أو مذهب معين أو أي جماعة متوافقة في مصالحها فهذا من قبيل الصدف لا أكثر.
أي حديث عن قائمة لا تمثل حزباً ولا تكتلاً سياسياً يمتلك مشروعاً واضحاً ببرامج عمل معروضة على الجمهور ويؤيده الناخبون هو كلام فارغ، ولا يعني أننا قد تقدمنا بالعملية الديموقراطية، طالما ظل الفكر المتحجر يحرم العمل الحزبي، وبفرض وحلمنا أن هناك أحزاباً سياسية غير ممنوعة، لا يوجد ما يمنع أن تكون أحزاباً طائفية أو عنصرية، ولنا في التجربة اللبنانية، وهي أقدم وأكثر تقدماً منا، مثال لا يمكن أن نتحاشاه.
في النهاية، القضية تتوقف على وعي الناس بمفهوم الديموقراطية والأمة وحقوق الإنسان والحريات الفردية والتقدم، وفي كل تلك المسائل أنتم تعلمون حقيقة «حطة إيدكم» التي كرستها السلطة منذ عقود طويلة في انغلاق هذا الوعي وتحجره والدفع به للخلف نحو التزمت والطائفية والعشائرية والفئوية وكل شرور ما قبل الدولة - الأمة... والتي خلقت هذا الوعي المزيف... فماذا يجدي الآن الترقيع والتلفيق؟