العالم حالياً يعيش تحت هيمنة الحضارة الغربية، لا أحد ينكر ذلك، فمعظم الاختراعات بشتى أنواعها، بما فيها العلاجات الطبية، هي إنتاج غربي بحت، منتجاتهم وصناعاتهم اكتسحت العالم من أدناه الى أقصاه، كل العالم يتمتع بفنون الغرب المرسومة والمسموعة والمرئية، معظم الاكتشافات الجغرافية والبحرية والفضائية قام بها الغرب، حتى الهاربون بجلدهم من طغيان وظلم أوطانهم اتجهوا غربا، بحثا عن حرية وديموقراطية يحلمون بها.
إلا أن هذا الغرب نفسه يعيش حالة متناقضة من الأخلاقيات والسلوك الإنساني، فهو يرفع شعار الرفق بكل الحيوانات بلا استثناء، ولكن فيما يخص البشر فحقوق الإنسان عندهم مصونة لبعض البشر دون غيرهم، ينبرون لمساعدة بعض المظلومين، وفي الوقت نفسه يتكالبون على نصرة بعض الظالمين.
فماذا دها الغرب، وما الذي غير أميركا تحديداً من نابذين كارهين لليهود ومتوجسين منهم إلى داعمين وحامين ومناصرين لهم ظالمين أو مظلومين؟ فقد كتب بنجامين فرانكلين، رئيس الولايات المتحدة الأميركية وأحد مؤسسيها، في المؤتمر الدستوري وثيقة أو وصية سنة 1789 يحذّر فيها من الهجرة اليهودية إلى بلده، وكأنه يقرأ المستقبل، ذكر فيها حرفياً: «إن هناك خطراً كبيراً على الولايات المتحدة الأميركية، ذلك الخطر الكبير هو اليهود، أيها السادة، إذ إنه في كل أرض استوطنها اليهود، نزل فيها المستوى الأخلاقي والاستقامة التجارية، لقد خلقوا دولة داخل دولة، وعندما تتصدى لهم أي أمة يقومون بخنقها مالياً كما هي الحال في البرتغال وإسبانيا.
فلأكثر من 1700 عام وهم يندبون قدرهم التعيس، في أنهم طردوا من وطنهم الأم، لكن أيها السادة، إذا أعاد لهم العالم المتمدن، يقصد الغرب، فلسطين كملكية لهم، فإنهم سيبحثون عن أسباب مُلحة لعدم العودة لها، لماذا؟ لأنهم مصّاصو دماء ولا يستطيعون العيش مع مصاصي دماء آخرين، إنهم لا يستطيعون العيش فيما بينهم، يجب أن يعيشوا بين المسيحيين وآخرين لا ينتمون إلى سلالتهم.
إن لم يبعدوا عن الولايات المتحدة بواسطة الدستور، فإنهم وخلال أقل من مئة عام، سيتدفقون على البلاد بأعداد كبيرة، وسيحكموننا، ويدمروننا بتغيير شكل حكومتنا التي من أجلها أراق الأميركيون دماءهم، وضحّوا بحياتهم وممتلكاتهم وحريتهم الشخصية من أجلها.
إن لم يُطرد اليهود، فإن أبناءنا وخلال 200 عام سيعملون في الحقول لإطعامهم، بينما هم يقبعون في مكاتب حساباتهم يفركون أيديهم فرحاً، إني أحذركم، أيها السادة، إذا لم تطردوا اليهود إلى الأبد، فإن أولادكم وأحفادكم سيلعنونكم في قبوركم، إن أفكارهم ليست كأفكار الأميركيين، إن الفهد لا يستطيع أن يغير جلده، إن اليهود خطر على هذه الأرض، وإذا سُمح لهم بدخولها فإنهم سيشكلون خطراً على مؤسساتها، فيجب يجب أن يُبعدوا بواسطة الدستور». الوثيقة المنشورة تعتبر من محاضر مسودة دستور الولايات المتحدة الأميركية خلال المؤتمر الدستوري المنعقد عام 1789، وأصلها موجود في مؤسسة فرانكلين، في فيلادلفيا.
فماذا سيقول بنجامين فرانكلين لو رأى أن ما حذر منه قد تحقق بالتفصيل على يد اللوبي الصهيوني في أميركا والغرب، بعد أن سيطر على الإعلام والاقتصاد، ودمر الأخلاق، وحرّض على الدعارة، والشذوذ الجنسي، وكل أشكال الموبقات؟
كيف تحول كل الغرب الى أداة طيعة للإجرام الصهيوني؟ فلا يعقل أن يتجرد رؤساء وزعماء غربيون وسياسيون، وأغلبية النواب وأعضاء الكونغرس، وحتى منظمات تدّعي الإنسانية من إنسانيتهم ويقفوا بوحشية مع الغاصب ضد المظلوم بدون صفقة ما؟ فهل يُعقل أن يتجرد ذلك الغرب المتقدم من أخلاقيته وإنسانيته لسواد عيون الصهاينة؟ وهل هذا الولاء جاء مصادفة بلا مقابل؟ وهل وراء كل ذلك صفقات اقتصادية؟ أو ابتزاز سياسي؟ أم الكل تحول الى قبيضة حالهم كحال سياسيي بني يعرب؟
أقول: شخصياً لست من كارهي اليهودية لأنها ديانة سماوية، ولست عنصرياً ضد السامية لأننا أبناء عمومة مع اليهود الأصليين، أبناء سيدنا يعقوب تحديداً، أما من يحتل فلسطين الآن فهم حثالة من الصهاينة، ادّعوا زورا أنهم من تلك السلالة التي كرمها الله واصطفاها، إنهم مجموعة مجرمة استطاعت السيطرة على العالم الغربي إعلامياً واقتصادياً وأخلاقياً، فحكموا من خلالهم فلسطين.