اعتبرت مصادر لبنانية مقربة من «حزب الله»، أن التقارير حول قرب التوصل إلى اتفاق بين الحزب وإسرائيل يتضمن نشر قوات فرنسية وأميركية على ضفتي الحدود اللبنانية الجنوبية في إطار المساعي لاستعادة الأمن هي «بالونات اختبار» إسرائيلية، وأن ما يجري الآن من مشاورات واقتراحات هو عبارة عن «ضغوط وعروض»، مؤكدة أن المفاوضات الجدية ستبدأ بعد التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة.

جاء ذلك تعليقاً على تقرير عن موافقة إسرائيل على بقاء «حزب الله» في بعض مواقع الرصد المشتركة مع الجيش اللبناني بشرط نشر قوات فرنسية ضمن «قوات دولية» تساند الجيش اللبناني الذي يجب أن ينتشر «بكل النقاط» الحدودية، وأن يكون السلاح محصوراً بيده في منطقة جنوب الليطاني، وفي المقابل، هناك «ضمانة أميركية» بألا تقوم إسرائيل بأي عملية أو اعتداء ضد جنوب لبنان، مع اقتراح نشر قوات أميركية على الجانب الإسرائيلي من الحدود.

Ad

وكان وزير الدفاع في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس قال أمس الأول حسب «رويترز» إن «إسرائيل منفتحة على إمكانية التوصل إلى اتفاق مع حزب الله إذا تضمن منطقة آمنة على الحدود وضمانات»، مشدداً خلال اتصال مع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن على ضرورة «الضغط على حكومة لبنان لوقف هجمات الحزب بدعم من إيران وإبعاده عن الحدود».

وتقول المصادر المقربة من الحزب إنه حتى مع وجود الجيش اللبناني، وزيادة عديده بحوالي 5 آلاف أو 10 آلاف عنصر جديد كما تقترح الحكومة اللبنانية، إضافة إلى اقتراح بعض الدول زيادة عديد قوات اليونفيل وتعزيز دورها، فإن ذلك لن يلغي وجود الحزب في جنوب الليطاني، وهو عمل على تكريس هذا الوجود بشكل علني لتثبيت وجوده لا للتراجع عنه، وأقصى ما يمكن أن يحصل لاحقاً، هو ألا يعود الحزب للظهور بشكل علني عسكرياً في جنوب الليطاني، كما كان الوضع عليه منذ عام 2006.

هناك تفسيران للعرض الإسرائيلي، التفسير الأول السهل، هو أن الاقتراح بحد ذاته نوع من العودة إلى تطبيق القرار 1701، حيث ينص القرار على نشر قوات طوارئ دولية يشارك فيها الفرنسيون، كما أنه يسقط مسألة المنطقة الآمنة أو العازلة التي كان يطالب بها الإسرائيليون، فيما تقول المعلومات إنه يجري التفاوض على سحب سلاح الحزب الثقيل أي الصواريخ الدقيقة والبعيدة المدى والمسيرات من الحدود وليس حصر السلاح بيد الجيش.

أما التفسير الثاني، هو أنه قد يكون مقدمة لما يطرحه الأميركيون حول ترسيم الحدود البرية للتوصل إلى حل نهائي لجميع الخلافات بين لبنان وإسرائيل وإرساء استقرار مستدام على الحدود، وهذا يحتاج إلى جولات تفاوض طويلة.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية، لـ «الجريدة»، أنه بعد اللقاء الذي عقد بين نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب والمبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين في دبي، أجرى المسؤول الأميركي اتصالات متعددة بمسؤولين لبنانيين وتبادل الرسائل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ضمن المفاوضات التي يعمل عليها هوكشتاين للوصول إلى تهدئة على الحدود.

وبالنسبة إلى «حزب الله»، فإن الهدوء في الجنوب يرتبط بوقف إطلاق النار في غزة، وهذا أمر أصبح الأميركيون يعرفونه تماماً، مما يعني أن أي نقاش سيطرح سيكون مرتبطاً بمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار.

وهنا يبرز سؤال حول الأساس الذي سيرتكز عليه وقف إطلاق النار في غزة، هل هو مرتبط بحل شامل أم لا؟

ورغم أن «حزب الله» يعتبر أن نتائج المعركة في غزة هي التي ستحدد ملامح المرحلة المقبلة، فإنه يرى أن منطق ما بعد الحرب على غزة يختلف عما قبلها، وبالتالي عليه أن يتمسك أكثر بسلاحه وأن يبقى في حالة من الاستعداد والجاهزية تحسباً لأي اعتداء إسرائيلي.