بلد في عتمة
الاثنان، الحكومة والمجلس، الآن في وضع بلاع الموس، والاثنان يكادان أن يقولا الود ودي لكن الأمور تجري بما لا تشتهي السفن.
الحكومة رفضت مشروع قانون تعديل مواد رد الاعتبار للمحكوم عليهم، وهذا فيه انتقاص من حقوق الإنسان، وحسب أقوال النواب في اللجنة التشريعية فإن الحكومة أظهرت تفهماً للتعديل ولم تعترض عليه أثناء نقاش اللجنة، إلا أن النواب «فوجئوا» برفض الحكومة للمشروع.
هل صحيح أنها كانت مفاجأة للنواب؟! لا يمكن تصور هذا، فالحكومة الحالية والمجلس كانا سمناً على عسل، وبالتأكيد النواب كانوا يعلمون أن الحكومة لو كانت تملك حرية القرار في هذا الشأن تحديداً لما ترددت في إقرار مثل ذلك التعديل المستحق، لكن الأمور ليست بيدها تماماً، فما العمل؟
من ناحية يمكن للنواب أن يفعلوا محاسبة الحكومة لردها مشروع القانون، وبهذا ينتهي شهر العسل بين المجلسين إذا أصرت الأغلبية على مواقفها في مسألة رد الاعتبار، لكنهم بهذا سيفوتون عليهم فرصة تمشية كثير من الأمور الشعبوية وغيرها، التي لا تتردد الحكومة في البصم عليها طالما ظلت متعاونة مع المجلس في السراء والضراء.
ومن ناحية أخرى، يمكن للنواب أن يظهروا المرونة والتفهم لموقف الحكومة، وتطوى المسألة في دور الانعقاد هذا، فالدولة الآن ومنذ زمن ليس قصيراً في حالة حيص بيص، لا تعرف أين سترسي مراكبها مع غياب الشفافية عند السلطة وتركها أموراً وجودية للدولة سائبة، عندها ستكون هذه «الواقعية» في الموقف المتوقع للنواب محبطة لآمال المثاليين الساعين لتحقيق تعديل مواد رد الاعتبار.
كيف ستنتهي الأمور، مع الزوابع السياسية القادمة والضياع المرافق معها، قد تتغلب «الواقعية» البرلمانية الآن، ومع ذلك كثيرون يعرفون حكاية سيفوه وخلاجينه، وتبقى العتمة وغياب الرؤية سائدين إلى أن يحدث الله أمراً كان مكتوباً، وأنتم أبخص... أليس كذلك؟!