لا أكتب هذا المقال تبعا لكل الأقلام والنشرات الإعلامية ومانشيتات الصحف والجرائد، وليس لأن الكل يحاول جاهدا تمثيل النخوة كما يفعل الكل عند أي حالة حرب!
أنا أكتب قهرا لما آلت إليه الأمة العربية من خذلان، أكتب غضبا تعدى وسائل النشر والتعبير وكل ما من شأنه أن يترجم حرفيا ما أشعر به، وما بقي لي غير هذا القلم، فكل فلسطيني يصرخ الآن يحدث في جسدي أنينا حتى بدا متآكلا من الداخل، لن يفهم ذلك سوى إنسان ينطق إنسانية! كم هو سهل أن نغير صور العرض الخاصة بنا بأعلام فلسطينية، وعبارات الدعم، ونظن بعدها أننا قمنا بعمل بطولي جبار، يمضي بعدها كل واحد فينا حياته وكأن شيئا لم يكن! أظن أن إنسانيتنا تحتاج إعادة تأهيل، فثمة خطأ!
أتصفح القنوات الإخبارية حتى يخترقني صراخ أهالي غزة ونداؤهم، فيتركني في حالة ذهول مما يحدث هناك دون أدنى تفاعل وردة فعل من أي من الدول «الإنسانية»، مقاطع مؤلمة وأدعية نتسابق لإعادة إرسالها في قروبات الواتساب، و«تويتر» و«إنستغرام»، ماذا بعد؟
تستمر الحياة، وكأن الكلام المنسوخ الذي ملأ صفحات التواصل الاجتماعي مجرد تسجيل موقف لا أكثر! تكمل الفاشينيستا «توتوريال» المكياج على صفحتها، ويستمر الضحك والرقص في بثوث التيك توك، لتشهد بنفسك تناقض العالم وسخافته! كيف يمكننا أن نكون على طبيعتنا ولنا في الجانب الآخر أهل يستنجدون؟ كيف يمكن للأمة العربية أن تسمى «أمة» وهي هشة من الداخل؟ أشعر أن وقوفي الأعزل هذا وقلمي أكبر حالات ضعفي، أشعر بخزي العالم أجمع يملأ وجهي، فلا أدري كيف السبيل للمواجهة!
ما أسخفنا، وما أضعفنا! نهتف بالاتحاد قوة، ونحن فقراء للاتحاد والقوة! أتخيل كمية العار التي تعتري وجوهنا يوم الحساب، وكمية الفخر والقوة عند سؤال أي فلسطيني يكفيه شرفاً أن تكون هويته «الأقصى» مظلوما ومهجرا لسنوات لا حول له ولا قوة سوى إيمانه بالله ودعائه!
كم هم عظماء بثباتهم وقوة عقيدتهم، وكأنهم جنود مجندة، يعيشون من أجل الحفاظ على دينهم! وكم نحن ضعفاءٌ أمامهم، أقصى أحلامنا شهرة وثروة ومنصب! نخاف المساندة والمواجهة ونكتفي بالدعاء والصلاة أو تغيير واجهات صورنا كأعظم موقف دعم!
أعتذر يا فلسطين لسخافة أمتنا! لكنني أؤمن أن البوصلة لن تخطئ الطريق، ستظل تشير إلى فلسطين، اللهم انصرهم وأعزهم!