هل الانتصار في أرض المعركة فقط؟
إن ما فعله أهل غزة مهما كانت خسائرهم يعدّ نصراً غير مسبوق في القرن الحادي والعشرين بعد سنوات من اليأس والخذلان وفقدان الأمل في قدرة الفلسطينيين على هزيمة هذا العدو الغاشم، لذلك وجدنا محاولات متلاحقة لمهادنة العدو من كثير من الدول وكبار المسؤولين في المنطقة والتطبيع مع هذا العدو رغم كل جرائمه الدموية ضد البشرية.
وجاءت حركة المقاومة إسلامية «حماس» بحضور مفاجئ اختارت فيه التوقيت وطريقة الحرب بموازين مختلفة وتكتيك لابد أن يُدرَّس في المدارس العسكرية، في ما يعرف بالتخطيط الاستراتيجي المعتمد على الثورة على التقليدي المعتاد بالحديث غير المتوقع، فقد اختارت نقاط ضعف العدو، وذهبت إليه في حصونه في عملية «طوفان الأقصى» لتسبب له شللاً تاماً وتسقط هيبته وحصونه في ساعات قليلة، ولتقول له هناك رجال لا يخشون الموت وهم مستعدون لإسقاط جبروتك وكل قوتك بأقل الإمكانات.
النصر هنا يسجل في إفساد عناصر قوة الكيان الصهيوني، وكشف مواضع الخيانة عند بعض العرب، وحقوق الإنسان المزيفة عند الغرب، كل هذه جعلت أميركا عارية من القيم وسط العالم، ولا مجال لها للحديث عن الحرية وحقوق الإنسان، لأنها أول من انتهكها بالاصطفاف ضد الشعب الأعزل، وتقديم مساعدات عاجلة لوجستية وعسكرية فورية لقتل الأطفال والنساء وتهجيرهم من منازلهم، بشكل يفضح العالم والأمم المتحدة، فلماذا هذا الصمت على هذا الإجرام الصهيوني؟
النصر يتمثل في توحيد الصفوف العربية، وقطع سبل تسلل الداعمين للكيان وإلغاء التطبيع سواء بشكل علني أو سري، كما يتمثل في دعم حركة المقاومة وحثها على الاستمرار وعدم الاستسلام للعدو المغتصب،
وكذلك يتمثل في تعريف العالم بقضية العرب والمسلمين وأصحاب الحق، ومعرفة خداع وسائل الإعلام الشيطانية التي جعلت من اللصوص أبرياء، وهم قتلته الأطفال ومغتصبو الأرض، فالنصر الحقيقي يكون في ألا تموت قضية فلسطين والأقصى بل أن تبقى القضية المركزية للأجيال حتى تتحرر من هذا الكيان الغاصب.