واشنطن تسعى لإقامة منطقة عازلة بين لبنان وإسرائيل
في إطار مبادرة لترسيم الحدود وتعزيز حضور الجيش و«اليونيفيل» في الجنوب
ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» في تقرير نشرته أمس، أن الولايات المتحدة تقود جهود إقامة منطقة عازلة بين إسرائيل و«حزب الله» في جنوب لبنان، وتبحث مع بريطانيا وفرنسا سبل إقناع الحزب بالانسحاب من الحدود في مسعى لمنع اندلاع صراع شامل مع إسرائيل.
وبموجب هذه المبادرة، يجري المسؤولون الغربيون محادثات مع لبنان وإسرائيل في محاولة لحمل البلدين على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701، والذي يطالب «حزب الله» بسحب مقاتليه من المنطقة الحدودية، إضافة إلى منح الجيش اللبناني دوراً أكبر في محاولة لإقامة منطقة عازلة على الحدود.
وحذر دبلوماسي غربي من أن الوصول إلى هذا الحل «أمر صعب جداً»، داعياً إلى «وقف القتال بين إسرائيل وحزب الله أولاً، ثم دفع الحزب للإذعان» بالانسحاب.
وتشمل الأفكار التي تتم مناقشتها تعزيز قوة الأمم المتحدة المتمركزة في جنوب لبنان «يونيفيل»، ومحاولة ترسيم «الخط الأزرق» الذي يمثل الحدود الفعلية بين إسرائيل ولبنان في غياب حدود متفق عليها رسمياً.
واعتبر أشخاص اطلعوا على المناقشات أنها لا تزال في مرحلة مبكرة، وأن هناك عقبات كبيرة يجب التغلب عليها. وذكر مسؤولون أن المحادثات كانت منسقة، في حين أكد آخرون أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تجري محادثات منفصلة مع الطرفين.
من جهته، ذكر مسؤول لبناني أن القرار 1701 يمكن أن يقدم «خريطة طريق» للمناقشات، لكنه شدد على أن أي اتفاق يجب أن يعالج مخاوف بيروت بشأن الانتهاكات الإسرائيلية للقرار 1701، بما في ذلك خرق المجال الجوي اللبناني، والوجود الإسرائيلي في حوالي 12 منطقة متنازع عليها.
وأضاف «يحاول الإسرائيليون استخدام حربهم في غزة كوسيلة لمحاولة الضغط علينا، وذلك لن ينجح... دعونا نفكر بشكل بناء، ونضع القرار 1701 على الطاولة ونرى من ينتهكه، ونحاول انعاش تنفيذه».
ويعد «حزب الله» واحداً من أكثر الجماعات غير التابعة للدولة تسليحاً على مستوى العالم، وقد صمد في وجه صراع دام 34 يوماً مع إسرائيل في عام 2006. وتوصلت الأمم المتحدة آنذاك الى قرار أوقف إطلاق النار، وصمد إلى حد كبير حتى أكتوبر الماضي.
وينتمي أغلب مقاتلي «حزب الله» إلى جنوب لبنان، الأمر الذي من شأنه أن يعقد جهود دفعه للانسحاب الكامل من المنطقة، فضلاً عن أن النجاح في ترسيم الحدود البرية والاعتراف بإسرائيل، قد يؤدي إلى اندثار أسباب وجود الحزب كحركة مقاومة.
في المقابل، يتمسك المسؤولون الإسرائيليون بانسحاب حزب الله من المنطقة الحدودية، حيث قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي السبت الماضي، إن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من شمال إسرائيل خلال الشهرين الماضيين لن يعودوا إلى قراهم إذ يخشون هجمات «حزب الله» في هذه المنطقة الشمالية، كما تفعل حركة حماس في الجنوب منذ السابع من أكتوبر.
وأقر دبلوماسيون بأن الحزب لن يلتزم أبداً بالانسحاب الكامل من جنوب لبنان، لكن إسرائيل ركزت بشكل خاص على «قوة الرضوان» التابعة للحزب، وهي وحدة نخبة قوامها بضعة آلاف من المقاتلين.
وأكد مسؤولون لبنانيون وأشخاص مقربون من «حزب الله» أنه لا يسعى إلى حرب إقليمية أوسع، في حين يأمل آخرون أن تؤدي هذه النقاشات إلى جعله أكثر انفتاحاً على التفاوض على اتفاق، خصوصاً أن حزب الله كان قد وافق على ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان العام الماضي.
التحدي الآخر هو ضعف القوات المسلحة اللبنانية، التي تفتقر إلى الموارد والتمويل لتوسيع عملياتها في الجنوب، حيث أشار أحد المشاركين في المحادثات إلى أن الدول الغربية قد تدعم الجيش اللبناني بالأسلحة والتدريب كجزء من أي صفقة.
وتأثر الجيش اللبناني بصفة كبيرة بسبب الأزمة المالية الخانقة التي يعيشها لبنان، ويعتمد على المساعدات المالية من الولايات المتحدة وقطر وبعض الدول الأوروبية، والتي ساعدت في وقف موجة فرار الجنود من صفوفه بسبب الأجور المخفضة.
وتشهد الحدود اللبنانية تبادلاً يومياً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي فقد أكثر من 100 من مقاتليه بضربات إسرائيلية منذ 7 أكتوبر، بالإضافة إلى مدنيين وصحافيين، في حين قُتل وأصيب عسكريون ومدنيون في إسرائيل كذلك.
وتثير هذه الاشتباكات المخاوف من اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقاً، كما دفعت إسرئيل إلى إجلاء عشرات الآلاف من الأشخاص من المناطق الحدودية المحاذية للبنان.