ولد سموه في 25 يونيو 1937 في مدينة الكويت بفريج الشيوخ، وهو الابن السادس لحاكم الكويت العاشر المغفور له، بإذن الله، الشيخ أحمد الجابر، وقد نشأ سموه وترعرع في بيوت الحكم منذ ولادته، وهي بيوت تعتبر مدارس في التربية والتعليم والالتزام والانضباط وإعداد حكام المستقبل وتأهيلهم.
درس سموه في مدارس حمادة وشرق والنقرة، ثم المدرسة الشرقية والمباركية، وواصل دراساته في أماكن مختلفة من الكويت حيث تميز بالحرص على مواصلة تحصيله العلمي، وظلت هذه الصفة تلازمه طوال حياته، وتجلت بتشجيع سموه لطلبة العلم في مختلف مراحل التعليم انطلاقاً من إيمانه بأهمية التحصيل العلمي الذي يعتبر أساس تقدم المجتمعات ورقيها. تزوج سموه من الشيخة شريفة سليمان الجاسم، وله من الأبناء أربعة أولاد وبنت، هم: الشيخة شيخة والشيوخ فيصل وأحمد وعبدالله وسالم.
ويعتبر سمو الشيخ نواف الأحمد، رحمه الله، أحد مؤسسي الكويت الحديثة الذين ساهموا في إرساء دعائم الدولة، وشاركوا في عمليات النهضة والبناء التي شهدتها عقب الاستقلال مطلع الستينيات، وكان لسموه بصمة في العمل السياسي، ففي 12 فبراير عام 1961 عيّنه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم محافظاً لحولي، وظل في هذا المنصب حتى 19 مارس عام 1978 عندما عُيّن وزيراً للداخلية في عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد حتى 26 يناير 1988 عندما تولى وزارة الدفاع، وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991 تولى سموه حقيبة الشؤون الاجتماعية والعمل ابتداء من 2 أبريل 1991 حتى 17 أكتوبر 1992، وفي 16 أكتوبر 1994 تولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني واستمر فيه حتى 13 يوليو 2003 عندما تولى وزارة الداخلية، ثم صدر مرسوم أميري في 16 أكتوبر من العام ذاته بتعيين سموه نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية وبقي في هذا المنصب حتى عيّن ولياً للعهد في 2006، وفي 29 سبتمبر 2020 بايعت الكويت سموه أميراً للبلاد وقائداً لمسيرتها خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد.
مسيرة خالدة وإنجازات تاريخية
عندما تم تعيين سموه محافظاً لحولي في أول منصب سياسي لسموه عام 1962، عمل، رحمه الله، على تغيير معالم منطقة حولي بتحويلها من قرية صغيرة إلى مدينة حضارية كبيرة مليئة بالعمران، ومركز يتوهج في أرجائها وبقية مناطق المحافظة النشاط التجاري والاستثماري، كما تمكن سموه، رحمه الله، من فرض الأمن والأمان من خلال تسيير الدوريات الأمنية في الشوارع والمناطق بهدف بث الطمأنينة والأمن لدى سكان المحافظة، ولم تغب روح الأبوة عن سموه عبر تدخله في كثير من الأحيان وبصفة شخصية لحل الكثير من المشاكل الأسرية والحفاظ على خصوصيتها، مما جعل الطمأنينة تدخل في نفوس السكان من مواطنين ومقيمين، واستمر رحمه الله يحمل على كاهله مسؤولية المحافظة طوال ستة عشر عاماً.
توليه حقيبة «الداخلية»
كانت «الداخلية» هي الوزارة الأولى لسموه رحمه الله، ويمكن اعتبار الأمير الراحل بمنزلة الأب الروحي لرجال الأمن، والمؤسس الحقيقي لـ «الداخلية» بشكلها الحديث وإدارتها المختلفة، من خلال تولي سموه مسؤولية الوزارة على مدى فترتين، الأولى من مارس 1978 إلى يناير 1988 والثانية من 2003 إلى فبراير 2006. إنجازات سموه قائداً لهذه المؤسسة الأمنية الراسخة يشهد بها الجميع. وحين أسندت إلى سموه حقيبة «الداخلية»، كان الهاجس الرئيسي له هو حفظ الأمن والاستقرار للوطن والمواطنين، وحرص على مجاراة العصر ومواكبة التقدم العلمي في مجال الأمن، إذ عمل على تطوير وتحديث كل القطاعات الأمنية والشرطية، وتوفير الإمكانات المادية للنهوض بالمستوى الأمني وإدخال الأجهزة الأمنية الحديثة، ورسم استراتيجية منظومة أمنية متكاملة لمكافحة الجريمة وضرب أوكارها في مختلف مناطق الكويت وحدودها، وحرص سموه على الاستفادة من الثورة المعلوماتية في العالم من خلال توظيف تطبيقاتها التكنولوجية المتقدمة في عمل الأجهزة الأمنية المختلفة مثلما فعل بكل الوزارات التي تولى مسؤوليتها، كما وضع سموه، رحمه الله، استراتيجية أمنية دقيقة لمنظومة شاملة تحمي الحدود براً وبحراً، إذ ترصد المنظومة الإدارية كل شبر من أرض الوطن، في وقت تغطي القواعد البحرية المياه الإقليمية والجزر، أما المراكز الحدودية فتغلق الطرق أمام المتسللين وتضبط كل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد واستقرارها.
كما أنشأ سموه، رحمه الله، إدارة لشؤون المختارين كي تعينهم على شؤونهم الوظيفية، وترصد أعمالهم ومستوى الخدمات التي تقدم للمواطنين، إلى جانب الاهتمام برعايتهم في مناطق سكنهم، كما أنشأ إدارة أخرى للمؤتمرات.
وجسد إيمانه العميق بسياسة الأبواب المفتوحة حثه كبار قيادات «الداخلية» على اتباعها وتسهيل الإجراءات أمام المواطنين والمقيمين.
وأولى الشيخ نواف، طيب الله ثراه، اهتمامه بالعملية الانتخابية التي تجرى لانتخاب أعضاء مجلس الأمة والمجلس البلدي، فقام بإنشاء إدارة الانتخابات لتتولى الإعداد والتحضير للعملية الانتخابية للمجلسين. وعمل سموه على ترغيب الشباب الكويتيين في الانخراط بسلك الشرطة والعمل الإداري بالوزارة بهدف تطوير العمل، والإفادة من الكفاءات العلمية بالوزارة.
وتطبيقاً لسياسة الإحلال، أفسح سموه المجال للخبرات الشابة من الكويتيين لإحلالهم محل كبار السن، وضخ الدماء الجديدة بالوزارة، والاستفادة من طاقات الشباب. وقام سموه بإعداد هيكل تنظيمي جديد لـ «الداخلية» بشقيها المدني والعسكري يواكب معدلات النمو والتطور السريع التي شهدتها البلاد آنذاك، وفتح المجال واسعاً أمام العاملين بالوزارة من مدنيين وعسكريين لمواصلة تحصيلهم العلمي بإيفادهم في بعثات دراسية. وقام سموه بجهد بارز ودور كبير في دعم وبناء التكامل الأمني الخليجي والعربي من خلال مشاركته الفاعلة في اجتماعات وزراء الداخلية على المستويين الخليجي والعربي.
وزارة الدفاع
ومثلما حقق سموه نقلة نوعية في أداء «الداخلية»، قام سموه، رحمه الله، بعد توليه حقيبة الدفاع عام 1988 بتطوير العمل بشقيه العسكري والمدني، وعمل على تحديث وتطوير معسكرات الوزارة ومدها بالأسلحة والآليات الحديثة لتقوم بواجبها الوطني في الدفاع عن الكويت وحمايتها من المخاطر الخارجية.
واهتم سموه بإيفاد البعثات إلى الدول الصناعية العسكرية للتدرب علي قيادة الطائرات العسكرية والحربية وكل أنواع الأسلحة والمدرعات والمدافع التي يستخدمها الجيش الكويتي، وحرص سموه على تضمين عقود شراء الأسلحة بنوداً تنص على تدريب العسكريين الكويتيين على استخدامها وصيانتها، كما فتح المجال واسعاً لانخراط أبناء الكويت في السلك العسكري وإعطائهم الكثير من الامتيازات لينالوا شرف الدفاع عن وطنهم، إلى جانب قيامه بزيارات دورية لمعسكرات الجيش والاطمئنان على جاهزيتها بنفسه وتوفير كل احتياجاتها العسكرية..
الحرس الوطني
وبعد توليه منصب نائب رئيس الحرس الوطني الذي بدأ عام 1994، ترك سموه بصمات واضحة لإعادة ترتيب وتنظيم الحرس، وتحقيق التوافق والتوازن بين الجندي والإنسان، وقد بذل سموه جهوداً مضنية على مدى تسع سنوات لتحقيق هدفه الأسمى، وهو الوصول إلى أرقي المستويات والمعدلات في المؤسسات الأمنية المماثلة في أكثر دول العالم تطوراً. عمل سموه على تطوير المنظومة العسكرية للحرس وجعله الذراع اليمنى للقوات المسلحة. وأرسى سموه خطط التطوير في الحرس الوطني التي تعتمد على عدة محاور، أولها التنمية البشرية التي تتحقق بدءاً من حسن اختيار الموارد البشرية، وثانيها التدريب الجاد المستمر والتحصيل العلمي سواء في المجال العسكري القتالي أو في النواحي التخصصية الفنية والإدارية، وآخرها الارتقاء بمستوى الفرد ورعايته صحياً ورفع روحه المعنوية.
وقام سموه بإرسال العديد من منتسبي الحرس الوطني للخارج في بعثات ودورات عسكرية متطورة، كما عمل على ترغيب الشباب الكويتيين في الانخراط بسلك الحرس الوطني. ودائماً ما أكد سموه ضرورة الإخلاص في أداء المهام والتسلح بالإيمان بالله وبالثقة في القيادة العليا وحكمتها، وأن خدمة الوطن هي الهدف الذي يهون في سبيل تحقيقه كل جهد ومشقة، وأنها الغاية التي نسأل المولى سبحانه وتعالى أن يبلغنا إياها بتوفيقه ورضوانه عز وجل.
وزارة الشؤون الاجتماعية
وعند تشكيل أول حكومة كويتية بعد حرب تحرير الكويت وعودة الشرعية، تم تكليف سموه عام 1991 بحقيبة الشؤون الاجتماعية والعمل، وفي هذا الإطار كان لسموه تلك الكلمات الخالدة: «أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه سمو أمير البلاد». وفور مباشرة العمل وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل، سارع سمو الوزير الإنسان إلى اتخاذ قرارات إنسانية لرعاية الأرامل والأيتام والمسنين، وقد برهنت أعماله على أنه خير نصير للطفل والمرأة والأرملة والمسن والعامل.
ولاية العهد
لم يكن الـ 20 من فبراير عام 2006 يوماً عادياً في تاريخ الكويت، إذ بايع مجلس الأمة سمو الشيخ نواف الأحمد، رحمه الله، بالإجماع في جلسة خاصة بعدما أدى سموه اليمين الدستورية ولياً للعهد أمام المجلس، وخلال تلك الجلسة أكد سموه أن تاريخ الكويت يشهد على أن هذه الدولة الصغيرة تمكنت من تجاوز العقبات مهما تعاظمت بفضل من الله ووحدة شعبها خلف قياداته المتعاقبة.
وأضاف سموه: «إنني بكل الفخر والاعتزاز أحني هامتي إجلالاً وإكباراً لهذا الوطن العظيم وشعبه الوفي الكريم في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو أمير البلاد»، معرباً عن اعتزازه وامتنانه بثقة سمو الأمير على تزكيته ولياً للعهد، والتي تكللت بموافقة مجلس الأمة، وشاكراً الأعضاء على الموافقة الكريمة على هذه التزكية التي حظيت بإجماع ممثلي الشعب، معتبراً إياها وساماً على صدره.
وكان سموه يؤكد دائماً أن الوحدة الوطنية تمثل سياجاً يحمى الكويت في مواجهة من يعاديها، وحصناً نلوذ به في مجابهة الشدائد والتحديات على مر العصور والأزمان.
وكان سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، أصدر أمراً أميرياً في السابع من الشهر ذاته بتزكية سمو الشيخ نواف الأحمد لولاية العهد عضداً وسنداً لاستكمال مسيرة البناء والنهضة، نظراً لما عهد في سموه من صلاح وجدارة وكفاءة تؤهله لتولي هذا المنصب، فضلاً عن توافر الشروط المنصوص عليها في الدستور وأحكام قانون توارث الإمارة لديه.
ويعكس اختيار سمو الشيخ نواف الأحمد لولاية العهد حكمة وحنكة الشيخ صباح ورؤيته الثاقبة وبصيرته النافذة، إذ إن بصمات سمو الشيخ نواف الواضحة في وزارات الدفاع والداخلية والشؤون والحرس الوطني وإنجازاته الكثيرة بها أهلته لأن يكون مسؤولاً ناجحاً وقائداً بارزاً، ولعل الإجماع الشعبي والبرلماني والسياسي على مبايعة سموه ولياً للعهد جاء من معرفة أبناء الكويت بشخص سموه ومعايشته لهم في جميع أمورهم، واهتمامه البالغ بمشاكلهم، إذ أضاء ذلك مسيرته بنور الحب والوفاء والولاء من أهل الكويت.
كما كان إجماعهم على مبايعة سموه ولياً للعهد، تتويجاً لحب سموه لكل أهل الكويت، وحبهم لسموه وذاته التي تتصف بأخلاق إنسانية تميزها الرحمة والتواضع والعدل بين الناس وعمل الخير داخل الكويت وخارجها، فقد عُرف عن سموه أنه يضع أهل الكويت في قلبه وينزلهم منزلة عالية في نفسه، وكان يحرص على أن تكون جهوده رافداً من روافد مصالحهم، ولا يتوانى في دعم تطلعاتهم وطموحاتهم نحو المستقبل الزاهر.
وتعكس ثقة القيادة السياسية بسموه وجدارته بالإدارة، نجاحاته التي حققها في مختلف المناصب التي تقلدها والتي أثبتت أنه رجل دولة من الطراز الأول.
ويزخر التاريخ السياسي والعملي لسمو الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراه، والممتد لأكثر من نصف قرن من الزمن بجهود واضحة لجعل مكانة الكويت بين الدول المتقدمة والمتطورة، وقد أضحى عطاؤه وخبرته في المجالات التي تولى قيادتها محل احترام وتقدير من الجميع.
الغزو العراقي
واجه الشيخ نواف، رحمه الله، الكثير من المحطات الصعبة في مسيرته، لعل أصعبها محنة الغزو العراقي عام 1990، وكان سموه صلباً قوياً كعادته، قادراً على أن يعين إخوانه الأمراء الشيخ جابر الأحمد وسعد العبدالله ورفيق دربه الشيخ صباح الأحمد، كما ساهم في القرارات الحاسمة لمواجهة الاحتلال، وجنّد كل الطاقات العسكرية والمدنية من أجل تحرير وطنه الكويت، وأدى دوراً في قيادة المقاومة وتأمين وصول الشرعية للمملكة العربية السعودية الشقيقة، إلى جانب قيادته للجيش، وقد أصدر، رحمه الله، إبان فترة الغزو بياناً دعا فيه الشباب الكويتيين للتطوع وحمل السلاح لتحرير الكويت والدفاع عنها.
محاربة الإرهاب
وتعامل رحمه الله بشكل حازم مع الحوادث الإرهابية التي حدثت في أماكن متفرقة من البلاد شهري يناير وفبراير من عام 2005، حيث قاد سموه بنفسه المواجهة ضد الإرهابيين وكان موجوداً في مواقع تلك الأحداث لاستئصال آفة الإرهاب في البلاد من جذورها.
مسند الإمارة
بعد مسيرة حافلة بالإنجازات ومحطات متميزة من المناصب الرسمية والمواقف الوطنية المشرفة بايعت الكويت في 29 سبتمبر 2020 سمو الشيخ نواف الأحمد أميراً للبلاد، وقائداً لمسيرتها خلفاً للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه.
وفي ذلك اليوم نودي بسمو الشيخ نواف ليكون الحاكم السادس عشر للكويت في ظل إجراءات سلسة لعملية انتقال مسند الإمارة كما عهدتها البلاد عند تولي حكام الكويت الإمارة خلفاً لأسلافهم الكرام.
واجتمع مجلس الوزراء في ذلك اليوم ونادى بسموه أميراً للبلاد باعتباره ولياً للعهد ووفقاً لأحكام الدستور الكويتي والمادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن أحكام توارث الإمارة بما عرف عن سموه من حكمة وعفة وإخلاص وتفانٍ لكل ما فيه رفعة الكويت ومصلحتها وأمنها وازدهارها، فضلاً عن الشروط المنصوص عليها في الدستور وقانون توارث الإمارة.
وهكذا توج سموه أميراً للبلاد بعد نحو 58 عاماً من العطاء في مناصب عدة خدم خلالها الكويت في عهد عدد من أمرائها الكرام ونال تزكيتهم وثقتهم جميعاً، وبدأها بتعيينه محافظاً لحولي ثم وزيراً للداخلية ثم «الدفاع» فوزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل ثم نائباً لرئيس الحرس الوطني، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء فوزيراً للداخلية.
واختارت الكويت سموه بيقين العقل وعاطفة القلب، اللذين تمثلا في عمق الصفات الحسنة التي يتمتع بها سموه، الذي عُرف عنه طيبة القلب والخصال الحميدة والرأفة والرحمة التي قلما تجتمع في شخص.
ويعد الأمير الراحل أحد مؤسسي الكويت الحديثة ورجل دولة من الطراز الأول، حيث شارك في كل القرارات المصيرية التي ساهمت في النهوض والارتقاء بالكويت في كل مناحي الحياة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وقد ساهم سموه، عبر المناصب التي تقلدها، في ترسيخ مبادئ الديموقراطية والحريات العامة، ودفع مسيرة الحياة البرلمانية في الكويت منذ الأيام الأولى للاستقلال.
وكانت محطته الأخيرة قبل توليه مسند الإمارة هي ولاية العهد وفقاً للأمر الأميري الذي أصدره الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله في السابع من فبراير عام 2006 بتزكية سمو الشيخ نواف الأحمد لولاية العهد لما عهد في سموه من صلاح وجدارة وكفاءة تؤهله لتولي هذا المنصب الذي استمر فيه 14 عاماً سنداً أميناً للأمير الراحل ومشاركاً في اتخاذ القرارات التي تساهم في تطور البلاد والمحافظة على أمنها واستقرارها.
وفي 30 سبتمبر 2020، أدى سموه اليمين الدستورية أميراً للبلاد أمام جلسة خاصة لمجلس الأمة وفق المادة (60) من الدستور التي تنص على أن «يؤدي الأمير قبل ممارسة صلاحياته في جلسة خاصة لمجلس الأمة اليمين الآتية... أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه».
وبدأت البلاد في عهد سموه مرحلة تاريخية في مسيرة البناء والعطاء إكمالاً للمراحل التي بدأها أسلافه الكرام، كما بدأت خططاً جديدة تعتمد فيها على معطيات الحاضر لبناء مستقبل زاهر تواكب فيه مستجدات العصر وتطوراته وتتبوأ المكانة التي تستحقها إقليمياً وعالمياً.
ومنذ أداء سموه القسم أمام مجلس الأمة، ليصبح الأمير السادس عشر للكويت، بعث برسائل مطمئنة لأبنائه المواطنين، وداعمة لأشقائه الخليجيين، ومعززة لجهود استتباب الأمن لجيرانه الإقليميين، عبر خطابات سامية في عدد من المناسبات، كما أجرى سموه لقاءات داخلية وزيارات متعددة لمؤسسات الدولة، أطلق خلالها إشارة البدء لبذل المزيد من الجهد والعمل الدؤوب من أجل رفعة الكويت وأهلها.
واتسمت الحقبة التي تولى فيها سموه المسؤولية الأولى للبلاد بالحراك المحموم على أكثر من صعيد، داخلياً وخارجياً، لترسيخ المبادئ التي قامت عليها دولة الكويت وسارت في ركابها سنين عديدة، مقتفياً أثر رفيق دربه سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، مولياً قضايا الوحدة الوطنية جل اهتمامه، ومشدداً على ضرورة دعم عجلة التنمية في البلاد لخلق روافد لتنويع مصادر الدخل، وخلق بيئة اقتصادية تنافسية تعلي من شأن القطاع الخاص.
وشغلت القضايا المحلية الاهتمام الأكبر لدى سموه خلال عهده الميمون نظراً لما عرف عنه من اهتمام بالغ بالتفاصيل التي تتعلق بشؤون الوطن وأمور المواطنين، فضلاً عن الظروف الطارئة التي شهدها العالم والناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد والتي استدعت من سموه توجيه الجهات المعنية إلى بذل جهودها الحثيثة للحد من تداعياتها على البلاد.
وجاءت السنة الأولى من حكم الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد بإنجاز كبير على مستوى السياسة الخارجية وتحديداً في منطقة الخليج العربي، إذ نجحت الجهود الكويتية التي بدأها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في حل الأزمة الخليجية وإنهاء الحصار المفروض على قطر، واستكملها الشيخ نواف الأحمد حتى توقيع اتفاق العلا مطلع عام 2021.
الجانب الاقتصادي
وفي الجانب الاقتصادي كان سموه يزود الجهات المعنية بالعمل على كل ما يساهم في تحفيز القطاعات الاقتصادية وتطوير منتجاتها وخدماتها وخلق فرص استثمارية تنافسية، فضلاً عن الاهتمام بالقطاعين الصناعي والزراعي وتطوير منتجاتهما وصادراتهما. كما شدد في خطاباته السامية على أهمية العمل المتواصل لدعم عجلة التنمية في الدولة، وتأسيس بيئة اقتصادية تنافسية تعزز مكانة الكويت اقتصادياً، توازياً مع دور القطاع الخاص الحيوي في تعزيز روافد الاقتصاد الوطني.
رعاية الشباب
وأولى سموه، رحمه الله، فئة الشباب اهتماماً بالغاً، ووجه إلى العمل على رعايتهم وفتح آفاق المستقبل أمامهم من خلال تأهيلهم بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية وغرس القيم الكويتية الأصيلة في نفوسهم ليشاركوا في مسيرة التنمية والبناء باعتبارهم مستقبل الوطن وثروته الحقيقية، كما حرص سموه على لقاء شباب الوطن في مناسبات عديدة، مشيداً بإسهاماتهم وعطائهم وإنجازاتهم، وحاضاَ إياهم على الاستمرار في تجسيد روح مجتمعنا المتكافل المجبول على العطاء، منوهاً بقدرة شبابنا الرياضيين على تحدي الصعاب، والحصول على مراتب عالية مشرفة.
دعم الإعلام
وعلى الصعيد الإعلامي كان سموه يؤكد أهمية المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق المؤسسات الإعلامية في التعبير عن قضايا البلاد وهموم المواطنين وفق ما تمليه عليها ضمائرها وخشية الله في وطنها وشعبها.
وحرص سموه، رحمه الله، على تكريم المواطنين أصحاب الإنجازات المتميزة والمبادرات الرائدة والإشادة بما حققوه من عطاءات وتشجيعهم على المزيد من التميز والنجاح ليساهموا في تطور وطنهم وازدهاره ورفع رايته في كل المحافل.
حماية المال العام
وخلال جولاته على مختلف القطاعات، زار سموه عدداً من وزارات الدولة، وبعث توجيهات سامية للحكومة تشدد على ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، والالتزام بتطبيق القانون على الجميع، وتجسيد العدالة والمساواة، ووضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، والتصدي للقضايا الجوهرية وحماية المال العام.
فقد زار سموه وزارتي الدفاع والداخلية و«الحرس الوطني» وقوة الإطفاء العام ووزارة الصحة، وشدد خلال لقائه أبناءه هناك على ضرورة تطبيق القانون على الكبير والصغير، وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار.
الحوار الوطني
وتميز سموه، رحمه الله، بالحرص الشديد على تعزيز الفضائل والقيم والإيمان بأن وحدة أبناء الكويت وتكاتفهم جميعاً مصدر قوتها، وأن تقدمها وتطورها مرهونان بتآزرهم وتلاحمهم ووحدتهم وتفانيهم وإخلاصهم في أعمالهم.
وفي التاسع والعشرين من سبتمبر 2021، وجه رحمه الله إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بغية تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون وتوجيه كل الطاقات والإمكانيات لخدمة الوطن العزيز ونبذ الخلافات وحل المشاكل وتجاوز العقبات التي تحول دون ذلك، خدمةً للمواطنين الكرام ورفعة راية الوطن العزيز ومكانته السامية، متطلعاً أن يحقق هذا الحوار أهدافه المنشودة لتعزيز مسيرة العمل الديموقراطي الذي هو محل فخر واعتزاز لدى الجميع، وذلك في إطار التمسك بالدستور والثوابت الوطنية.
وقد ثمنت السلطتان التشريعية والتنفيذية هذا التوجيه، معربتين عن تطلعاتهما بأن ينهي هذا الحوار حدة الاحتقان السياسي في البلاد تمهيداً لتحقيق مبدأ التعاون بينهما.
العفو الأميري
وبناء على التوجيه السامي لسمو الأمير الراحل، انطلق الحوار الوطني بين السلطتين بغية مناقشة سبل تحقيق المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة الأجواء لتعزيز التعاون بين السلطتين وفقاً للثوابت الدستورية مع التأكيد على ما نصت عليه المادة (50) من الدستور على قيام نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها.
وحرصاً من سموه على المحافظة على ما جُبل عليه الشعب الكويتي الوفي من العادات الكريمة من تسامح ومحبة وتسامٍ ومحافظة على الوحدة الوطنية لما فيه مصلحة الكويت، وإزاء ما نقله رئيسا مجلسي الأمة والوزراء لسموه، وبعد اطلاعه على مناشدة ما يقارب أربعين عضواً من أعضاء مجلس الأمة وتأكيد حرصهم على التعاون وتحقيق الاستقرار السياسي وما نقله مستشارو سموه بشأن ما انتهت إليه لجنة الحوار، قرر سموه، رحمه الله، استخدام حقه الدستوري وفقاً للمادة (75) من الدستور، وتكليف رئيسي السلطتين ورئيس المجلس الأعلى للقضاء باقتراح ضوابط وشروط العفو عن بعض أبناء الكويت المحكومين بقضايا خلال فترات ماضية تمهيداً لاستصدار مرسوم العفو.
المصالحة الخليجية
كان سموه، رحمه الله، خير عضد ومساند لأخيه الشيخ الأمير الراحل صباح الأحمد في جهود المصالحة الخليجية، وتوجت جهود الكويت التي بدأها الأمير الراحل طيب الله ثراه وكثفها سمو الشيخ نواف الأحمد في مجال المصالحة الخليجية العربية بتوقيع اتفاق العلا في الخامس من يناير عام 2021 على هامش القمة الخليجية التي عقدت في السعودية ليتحقق الحلم الذي لطالما حرصت الكويت على رؤيته على أرض الواقع وكان لها الدور الكبير في التوصل إليه.
وقد أعرب سموه عن بالغ سعادته وارتياحه للإنجاز التاريخي الذي تحقق عبر الجهود المستمرة والبناءة التي بذلت أخيراً للتوصل إلى الاتفاق النهائي لحل الخلاف الذي نشب بين الأشقاء، والذي أكدت من خلاله الأطراف كافة حرصها على التضامن والتماسك والاستقرار الخليجي والعربي، كما عكس الاتفاق تطلع الأطراف المعنية إلى تحقيق المصالح العليا لشعوبهم في الأمن والاستقرار والتقدم والرفاه.
النشاط الدولي والإقليمي
ومنذ أن كان وزيراً للداخلية، أولى سموه، رحمه الله، أهمية كبرى لأمن دول الخليج العربي والأمة العربية، فمن خلال مشاركته في اجتماعات وزراء الداخلية للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، تم تحقيق قدر كبير من التنسيق الأمني بين أجهزة الأمن في الدول الشقيقة بهدف مجابهة المخاطر التي تهدد المنطقة ودولها وعلى رأسها الإرهاب، وطالما أكد سموه أن الأمن العربي وحدة واحدة وكل لا يتجزأ، وانطلاقاً من هذه الرؤية الاستراتيجية كانت مشاركات سموه في اجتماعات وزراء الداخلية العرب التي أسفرت عن إجماع عربي على محاربة الإرهاب ودعم جهود العمل الأمني المشترك، وأهمية تبني الحلول العلمية الشاملة لمواجهة مخاطر الإرهاب والمخدرات وغسل الأموال والفساد وسائر القضايا الأمنية الأخرى.
واستمر سموه في النهج الذي سارت عليه الكويت فيما يخص علاقاتها مع أشقائها العرب، إذ كان يحرص على التنسيق مع القادة العرب في كل ما يخص القضايا العربية والتعاون البناء معهم لحل المشكلات التي تواجه الأمة العربية، مع التركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى ومن أهم ركائز السياسة الكويتية والعربية والإسلامية، إلى جانب الوقوف مع الشعب الفلسطيني، سعياً لتحقيق كل ما يتطلع إليه من أهداف تمكنه من إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وفي عام 2018 مُنح سموه قلادة الكنعانيين الكبرى من الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته الرسمية للكويت.
وكان سموه خير سند للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد في جهود المصالحة اليمنية، وقد قال، رحمه الله، إن القوة والمنصب يجب أن يسخرا لنصرة الضعيف والمظلوم، وإن الناس سواسية تحت القانون، ودائماً ما كان يشدد على أن البلد مسؤولية الجميع.
وفي شأنٍ آخر، كان قرار سموه بالسماح بتسهيل عبور الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان عن طريق الكويت، عاملاً أساسياً في نجاح إحدى أكبر عمليات النقل الجوي في التاريخ الأميركي، حيث تم إنقاذ آلاف الأرواح نتيجة لفتة الكويت الإنسانية، وكان ذلك تطبيقاً عملياً لعمق الصداقة بين الكويت والولايات المتحدة.
وقد اختط سمو الأمير الراحل في علاقات الكويت مع دول العالم النهج الذي لطالما عهدته الكويت طوال العقود الماضية من حيث احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مع التمسك بالشرعية الدولية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وحل وتسوية النزاعات بين الدول عبر الحوار والطرق السلمية.
عهد الشيخ نواف الأحمد امتداد لكويت الإنسانية
ولأن هذا الدور الإنساني المتميز لدولة الكويت يشكل نهجاً وسلوكاً سياسيين، فقد واصلت البلاد المضي قدماً في ذات الطريق في عهد سمو الشيخ نواف الأحمد، رحمه الله، لإكمال المسيرة والمحافظة على المواقف الكويتية في دعم قضايا الإنسان والتنمية في مختلف دول العالم.
وجاءت توجيهات سموه مقتفية أثر السياسة الخارجية الكويتية في شقها الإنساني خلال عهد الأمير الراحل قائد العمل الإنساني سمو الشيخ صباح الأحمد، ليواصل سموه ممارسة الدور الإنساني بمواقف متميزة وعطاءات كريمة تجلت بوضوح في دعم الشعوب العربية التي تعاني ويلات الحروب والصراعات في اليمن وفلسطين وسورية، فوجه بتسيير حملات الإغاثة العاجلة لتلك الشعوب، كما حافظت الكويت على حضورها الفاعل وإسهاماتها الإيجابية في دعم الدول الشقيقة والصديقة خلال جائحة فيروس كورونا المستجد، وقدمت دعماً سخياً لمنظمة الصحة العالمية لمساندة جهود المنظمة في مكافحة الجائحة.
مسند الإمارة
خلال فترة مرض الأمير الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد، كلف سموه الشيخ نواف الأحمد بتولي بعض المسؤوليات التي تم تفويضها إليه، حتى تولى سموه مسند الإمارة برحيل الشيخ صباح.
الشباب والمرأة
كان للشباب والمرأة نصيب وافر من توجيهات سموه، رحمه الله، فالشباب هم عماد المستقبل وبناة النهضة والحضارة، والمرأة نصف المجتمع، وتمكينها ضمانة لاستمرار دورها النهضوي التنموي.
واستمراراً لمسيرة العمل البرلماني، أجريت، في عهد سموه، انتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي السادس عشر في ديسمبر 2020 على الرغم من الظروف الصحية الحرجة التي كانت تمر بها البلاد حينها نتيجة انتشار جائحة كورونا.
وعلى صعيد التعامل مع جائحة كورونا، فقد أخذ ذلك الجانب النصيب الأكبر من اهتمامات سموه، إذ وجه الوزراء والمسؤولين بتوفير كل الإمكانات للتعامل مع الحالة الصحية المستجدة، وكانت الكويت من أوائل الدول المستوردة للقاحات المعتمدة للفيروس، بما يعكس حرص سموه على صحة الشعب، وتحقيق المناعة المجتمعية بين أفراده.
المصالحة الخليجية
دولياً، التزمت الكويت النهج السياسي الذي اختطه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد للإنجاز المصالحة الخليجية، وهو ما تحقق في 2021 بجهود سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، في وقت واصلت البلاد الالتزام بدورها الإنساني، إذ تبرعت بأجهزة تنفس لمجموعة من الدول العربية، ومنها تونس، وأرسلت فرق إطفاء بكل معداتها للتعامل مع الحرائق في تركيا واليونان.
العفو الأميري
داخلياً، توجت مساعي النواب والمواطنين، باعتماد مجلس الوزراء مراسيم العفو الأميري عن بعض أبناء الكويت المحكومين بقضايا خلال فترات ماضية ورفعها إلى سمو الأمير الراحل لإقرارها، وصرح وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د. أحمد الناصر، وقتئذ، بأن «لسمو أمير البلاد كامل الصلاحيات الدستورية والقانونية في اتخاذ ما يراه مناسباً في شأن العفو عمن صدرت عليهم أحكام على النحو الذي تقدره الإرادة الأميرية السامية، بما لها من رؤية سياسية حكيمة».
اختصاصات دستورية
في 15 نوفمبر من عام 2021 أمر سموه، رحمه الله، بالاستعانة بسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد لممارسة بعض اختصاصات الأمير الدستورية بصفة مؤقتة، وهي جملة من المهام والاختصاصات الواردة بالدستور وقانون توارث الإمارة، ومنها «إجراء المشاورات التقليدية لاختيار رئيس مجلس الوزراء، وتعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء وقبول استقالاتهم وإعفاؤهم من مناصبهم، فضلاً عن اقتراح القوانين والتصديق عليها وإصدارها وردها إلى مجلس الأمة، مع التصديق على المراسيم الأميرية وإصدارها»، كما شملت «إعلان الأحكام العرفية وإبرام المعاهدات الدولية، وإصدار المراسيم بقوانين ووضع مراسيم اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، ومراسيم لوائح الضبط واللوائح اللازمة لترتيب المصالح والإدارات العامة بما لا يتعارض مع القوانين، إلى جانب اختصاصات سمو الأمير الدستورية في شؤون مجلس الأمة».
وامتدت تلك الاختصاصات المعهود بها لولي العهد إلى أداء رئيس مجلس الوزراء والوزراء لليمين الدستورية والموظفين الذين تنص القوانين على أدائهم اليمين الدستورية أمام سموه، فضلاً عن تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين لدى الدول الأجنبية وعزلهم وفقاً للقانون، وقبول ممثلي الدول الأجنبية.
حل مجلس الأمة
في الثاني والعشرين من شهر يونيو الماضي، أعلن سمو ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد، حل مجلس الأمة، والدعوة إلى إجراء انتخابات عامة، وبهذا الصدد وجه الأمير الراحل كلمة قال فيها: «لقد كلفت أخي سمو ولي العهد الأمين بإلقاء كلمة نيابة عنا، والتي نأمل أن توضح كل ما يدور على الساحة، فنحن على دراية تامة ومتابعة للمشهد السياسي، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ وطننا الغالي، ويديم عليه نعمة الأمن والأمان، والمزيد من التقدم والازدهار، إنه سميع مجيب الدعوات. (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)».
ونيابة عن صاحب السمو ألقى سمو ولي العهد كلمة قال فيها: «إننا لجأنا للشعب لإعادة تصحيح المسار وعليه حسن الاختيار بعيداً عن الطائفية أو التعصب»، مضيفاً أن «الدستور في حرز مكنون بوصفه شرعية الحكم والعهد الوثيق بيننا ولا مساس به أو حيدة عنه».
وفي الأول من أغسطس، أصدر سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد المرسوم رقم 135 لسنة 2022، القاضي بتشكيل الوزارة الـ 40 في البلاد، وبعث الأمير الراحل، رحمه الله، برسالة شكر وتقدير إلى سمو الشيخ صباح الخالد، ثمّن فيها سموه ما بذله الخالد خلال فترة رئاسته لمجلس الوزراء، وأعرب عن خالص تحياته وصادق التمنيات لسموه بدوام الصحة وموفور العافية، كما أشاد بكل ما بُذل من جهود مخلصة وعمل دؤوب ومن تفانٍ في خدمة الوطن العزيز ورفع مكانته، والإسهام في دفع مسيرته التنموية طوال فترة رئاسته لمجلس الوزراء.
وفي 24 يوليو الماضي أصدر سموه، رحمه الله، أمراً أميرياً بتعيين الشيخ أحمد النواف رئيساً للوزراء مع تكليفه ترشيح أعضاء الوزارة الجديدة لإصدار مرسوم بتعيينهم.
جائزة المعلوماتية
مثّل سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، الأمير الراحل في حفل تكريم الفائزين بجائزة سمو الشيخ سالم العلي للمعلوماتية والاحتفال الخاص بمرور 20 عاماً على التأسيس، الذي أقيم برعاية صاحب السمو في يونيو الماضي، وأكد فيه دعم القيادة العليا في البلاد للتقنية الرقمية والمعلوماتية، وكل ما يتعلق بها من تحسينات تعزز أداء المؤسسات المدنية والعسكرية وتحسن من الخدمات الحكومية.
وبمناسبة العشر الأواخر من رمضان الماضي، أناب الأمير الراحل سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد لإلقاء كلمة للمواطنين جاء فيها: «إننا لن ندخر وسعاً وجهداً في سبيل حماية مقدرات ومكتسبات وطننا، ولن نتوانى في اتخاذ أي قرار يضمن للبلاد أمنها واستقرارها في ظل نهجنا الديموقراطي الأصيل ودستورنا القويم وعاداتنا وأعرافنا العريقة».
وأوضح سموه، أن للإصلاح خطوات ومسارات، وأنه لا يحدث بين ليلة وضحاها وسيظل في حاجة إلى جهد جهيد وصبر جميل وتكاتف وتلاحم من شعب وفي أصيل.
مؤتمر جدة
في يوليو الماضي، شهدت مدينة جدة قمة خليجية - عربية - أميركية، ركّزت على الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ومواجهة قضايا الأمن والتنمية والتحديات الإقليمية وأزمة الغذاء العالمية وتقلّبات أسعار النفط، وجهود تعافي الاقتصاد، فضلاً عن خطر تدخُّل إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، إلى جانب القضية الفلسطينية وتجفيف منابع الإرهاب.
وفي كلمة الكويت بقمة جدة للأمن والتنمية، قال ممثل سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد: «يسرّني في البداية ونحن في رحاب مدينة جدة، البوابة الرئيسة لدخول أعظم بقعة على وجه الأرض، مكة المكرمة، أن نمثّل حضرة صاحب السمو أمير دولة الكويت المفدى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، ويطيب لي أن أنقل لكم تحياته الأخوية لأشقائه ولأصدقاء دولة الكويت من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، وتمنياته لهم بالتوفيق والسداد وللقمة الميمونة كل النجاح».